العقبة أمام تحدي إنقاذ الموسم الشتوي بعد إلغاء حجوزات البواخر السياحية

العقبة- البحث عن بدائل، شعار يفتتح به القطاع السياحي بكل مكوناته في مدينة العقبة موسمه الشتوي، الذي تزامن انطلاقه مع بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة وما أفرزه من أحداث تعتبر وفق قواعد السياحة والسياح بـ “غير المستقرة”، والتي انعكست على الحجوزات المسبقة لسياحة البواخر التي تم الغاء ما نسبته 70 % منها، وفق عاملين ومعنيين بالقطاع.

إلغاء 70 % من الحجوزات، يضع القطاع السياحي في مرحلة شبه السكون لمدة قد تمتد لأكثر من شهرين وربما ثلاثة أشهر وبالتالي انتهاء موسم السياحة الشتوية على وقع الخسائر.

وفق معلومات الجهات المعنية، فقد كان مقررا أن تصل إلى العقبة خلال الفترة الحالية والقادمة أكثر من 70 باخرة سياحية، بينما تم الغاء جميع حجوزات هذه البواخر.
وتقدر جمعية وكلاء السياحة والسفر بالعقبة أن نسبة إلغاء حجوزات السياح لرحلاتهم إلى الأردن وصلت إلى أكثر من حوالي 70 %، في إشارة واضحة الى إمكانية ارتفاع النسبة خلال الفترة المقبلة.
وساهم موسم البواخر السياحية الماضي، بانتعاش ملحوظ في جميع القطاعات المرتبطة بالسياحة لا سيما قطاعي النقل والمطاعم.
وبحسب أرقام سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة فقد شهد الموسم السياحي2022 /2023 انتعاشا ملحوظا، حيث سجلت محطة العقبة للسفن السياحية وصول أكثر من 71.500 ألف زائر إلى العقبة، على متن 58 باخرة، متجاوزة التوقعات بـ 25 ألف سائح و10 بواخر.
وكان من المتوقع أن تتكرر حالة النشاط السياحي للموسم الشتوي الحالي 2023 – 2024، وفق مؤشرات دلت على ارتفاع بنسبة الحجوزات المسبقة قبل بدء العدوان.
وبناء على معطيات الموسم الماضي، فقد استعدت العقبة الى قفزة نوعية لهذا الموسم قبل ان تأتي الأحداث وتعيد الحسابات بشكل كامل.
يقول عاملون بقطاعات سياحية، إن موسم البواخر السياحية أنعش العديد من القطاعات وتنامت من خلاله سياحة الرحلات إلى منطقتي وادي رم والبتراء لتصبح البواخر السياحية في العقبة من أبرز المساهمين في اقتصادها.
ويرى خبراء وأصحاب مكاتب سياحية، أن الحرب المستعرة في فلسطين المحتلة لها آثار سلبية كبيرة خاصة على القطاع السياحي والذي تراجع أداؤه بشكل كبير وملموس خاصة في العقبة.
وتبدو الحلول الممكنة بالنسبة لهم وعلى المدى القريب، التوجه أكثر نحو السياحة الداخلية، والانفتاح على الأسواق الخارجية غير التقليدية.
يبين الخبير السياحي محمود هلالات أن على المكاتب السياحية والعاملين في القطاع السياحي البحث عن أسواق سياحية جديدة بدلا من الأسواق التقليدية، مؤكدا أن السياحة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأحداث الدائرة، وأن أي تداعيات مشابهة لقطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول أو الحروب أو الإرهاب أو الحروب الأهلية و التمرد و التظاهر، تنعكس مباشرة على أداء القطاع السياحي وتهدده في أي بلد من العالم، مبينا أنه نظرا لما تمثله الحرب الصهيونية الغاشمة على غزة فقد أثر ذلك على قطاع السياحة في الدول المجاورة وقد ألغى آلاف السياح حجوزاتهم إلى المنطقة.
وبين هلالات أنه ولإنقاذ الموسم السياحي الحالي فإن البدائل محدودة وتتمثل في السياحة الداخلية، وهو ما يتطلب تشجيع المواطن من خلال برامج تسويقية تطرح الأسعار التشجيعية تناسب كافة طبقات المجتمع، بالإضافة إلى التوجه نحو الأسواق العربية وخاصة الخليجية لقربها منا وذلك من خلال برامج وحملات دعائية مكثفة.
يوضح مدير مكتب سياحي محمد المشاعلة لـ “الغد” أنه تعاقد مع أكثر من 3 شركات سياحية لجلب سياح إلى العقبة سابقا، إلا أن جميع الشركات ألغت حجوزاتها بسبب الأوضاع في المنطقة بما فيها حجوزات الفنادق ورحلات الطيران وبرامج الترفيه السياحية، مؤكدا أن شركات سياحية أخرى توقف نشاطها بشكل كامل.
واقترح المشاعلة على وزارة السياحة وسلطة منطقة العقبة الخاصة البحث عن بدائل جديدة ومستدامة خاصة فيما يتعلق بفتح أسواق جديدة غير تقليدية، لا سيما التوجه نحو الدول العربية وأسواق أخرى مع التركيز على السياحة الداخلية وتشجيع روادها على القدوم إلى العقبة ووادي رم والبتراء بأسعار تشجيعية وذلك بالتعاون مع المكاتب السياحية والفنادق بشكل عام.
وبين العامل بالقطاع السياحي أيمن أبو سلمى أن حرب غزة وجهت ضربة قوية للقطاع السياحي، حيث تراجعت حجوزات الفنادق بنسبة زادت عن  50 % منذ اندلاعها، وهذا يشمل كافة المشغلين في القطاع السياح سواء النقل السياحي او البحري وغيرها، مشيرا أن البواخر السياحية التي كان من المقرر أن تصل خلال شهري تشرين ثاني(اكتوبر) وتشرين ثاني (نوفمبر) لم يصل منها سوى 4 بواخر من أصل 24 باخرة، وأخرى تم الغاء وصولها بسبب الأحداث التي تشهدها المنطقة.
وكان وزير السياحة مكرم القيسي قد أكد في تصريحات سابقة أن الطلب على المواقع السياحية تراجع 40 % منذ بدء الحرب، وكذلك تراجع حجوزات المطاعم السياحية بين 60-70 %، بحسب البيانات التى وردت من المواقع السياحية الأكثر زيارة كالبترا، وبالإضافة إلى البيانات الصادرة عن الجمعيات السياحية، إضافة إلى إلغاء 23 رحلة طيران عارض، و26 رحلة بواخر إلى العقبة منذ بدء الحرب حتى نهاية العام، مؤكدا أن هذه الإلغاءات تلحق خسائر بالمنشآت الفندقية إضافة إلى حجوزات المجموعات السياحية التي تشمل برامج سياحة المؤتمرات والحفلات وحجوزات المطاعم والمرافق ذات الاستخدام اليومي.
يذكر أن النشرة الأخيرة للبنك المركزي ذكرت أن الدخل السياحي الأردني بلغ 4.5 مليار دينار، حتى نهاية شهر تشرين أول (أكتوبر) الماضي، حيث بلغ عدد الزوار بحسب بيانات وزارة الداخلية 5.5 مليون زائر.
وتعمل سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وبالتعاون مع وزارة السياحة والمكاتب السياحية إلى جذب أسواق سياحية جديدة والتواصل معها لاعتماد العقبة كواجهة سياحية إضافة إلى السياحة الداخلية من خلال برامج هادفة ومشجعة.
في تطور أخير قد يبعث الأمل وينقذ ما أمكن من الموسم قبل فوات الآون، استقبلت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة مؤخرا، 23 مكتبا سياحيا من إقليم كردستان في العراق بهدف التواصل لفتح سوق جديد إلى العقبة.
مثل هذه التحركات باتت مطلوبة أكثر والتي تمكن القطاع السياحي التحرر من الأسواق التقليدية وعدم الاعتماد الكلي عليها وهو ما يتيح خيارات دائمة طوال الموسم.
يقول مصدر مسؤول في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة إن السلطة وبالتعاون مع وزارة السياحية والمكاتب السياحية تسعى للبحث وجذب أسواق سياحية جديدة والتواصل معها لاعتماد العقبة كواجهة سياحية، إضافة إلى تنشيط السياحة الداخلية من خلال برامج هادفة ومشجعة تتبنى فكرة العروض المميزة لكافة المنتجات السياحية في منطقة المثلث الذهبي.
وبين المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه بصفته غير مخول بالتصريح، أن السلطة من خلال مديرية السياحة والشركاء اجتمعت مع المنشآت الفندقية بهدف الخروج من حالة الركود التي تعيشها، وتراجع نسبة الحجوزات إلى أقل من 50 %.
وكشف أن من بين المقترحات الأكثر توافقا خلال هذه المرحلة وعلى المدى القصير اتباع آلية العروض الموجهة إلى السياحة الداخلية، بالإضافة إلى التطلع نحو أسواق جديدة كبديل للأسواق التقليدية خلال هذه الفترة.

 أحمد الرواشدة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة