الغور الشمالي: ربات بيوت يلجأن لإنشاء مشاريع صغيرة لإنقاذ أسرهن من العوز

– دفع انتشار البطالة في لواء الغور الشمالي، بسبب تداعيات جائحة كورونا على سوق العمل، معظم ربات البيوت إلى إنشاء مشاريع صغيرة لتحسين دخل أسرهن التي باتت تعيش شظف العيش.
وتعد زراعة الفطر بالأبواغ من أهم المشاريع الصغيرة التي تناسب قدراتهن المالية والمعيشية، ليحققن بذلك نجاحا ملحوظا وتلبية احتياجتهن الخاصة واحتياجات أفراد أسرهن، لاسيما أن سعر كيلو الفطر الواحد يتراوح بين 4 و6 دنانير.
أماني علي من منطقة قليعات، قررت عدم الانتظار في طوابير البطالة للحصول على وظيفة، فعملت على شق طريقها في العمل الخاص، رغم أنه مختلف عن تخصصها الجامعي، مستندة في النجاح الى طموحها الكبير.
بدأت مشروعها في حزيران (يونيو) الماضي؛ حيث قامت بزراعة عينات للفطر المحاري ولم تنجح في بداية الأمر ولكنها لم تيأس، بل التحقت بتدريبات عديدة من خلال الجمعيات ووزارة الزراعة لتعلم زراعة الفطر.
وعقب انتهاء الدورة التدريبية، عمدت أماني وهي خريجة اقتصاد، إلى البدء بمشروعها الخاص في حديقة منزلها، وإنشاء أول مزرعة للفطر المحاري وفطر الأبواغ.
وبعد ضمان نجاحها، شرعت في توسيع المزرعة وإدخال الزراعة العضوية، كمشروع ريادي تقيمه في أجزاء من منزلها، سعياً للتخلص من شبح البطالة، وتأمين مصدر دخل لها، خصوصا أنها كانت تعمل في المحلات التجارية الخاصة بقطاع الألبسة، ولكن جائحة كورونا اضطرتها الى ترك عملها بسبب الإغلاقات والركود الاقتصادي.
وتوضح أماني حماسها لإنشاء مشروعها الخاص، بأن الفكرة بدأت بإنتاج الفطر المحاري كونها نباتية وتعشق أكل الفطر بشكل مستمر، فحاولت خوض التجربة، ما دفعها للبحث عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن أساليب وطرق إنتاج الفطر، وبعد جهد استمر لأسابيع، لم تتكلل تجاربها بالنجاح، ولكن لم تفقد الأمل، فقررت زيارة مديرية الزراعة وحصلت على العديد من النصائح هناك، لتسجل أول تجربة ناجحة بعد عمل استمر لثلاثة أشهر متواصلة.
وأشارت إلى أنها لجأت إلى والدها من أجل تخصيص مساحة زراعية من أرضه، وجهزت داخلها غرفة بمساحة 20 مترًا زودتها بالمعدات اللازمة لزراعة الفطر والتي اشترتها من مصروفها الشخصي وبمساعدة من والدها.
وتقول أم خالد الدبيس، إن الظروف الصعبة وقلة المال دفعتاها الى زراعة الفطر في حديقة منزلها، بعد المشاركة بدورات نظمتها مديرية زراعة؛ لتحسين الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها أسرتها، حيث خصصت غرفة خاصة بحديقة المنزل لزراعته نظرا لسهولتها وانخفاض تكاليفه المالية ومردوده المالي الجيد.
وعن أشهر أنواع الفطر، تقول علياء التلاوي إن فطر عش الغراب يعد الأفضل للزراعة، لأن عملية إنتاجه سريعة ولا تستغرق أكثر من 3 إلى 4 أشهر، ولا يحتاج إلى أرض كبيرة، كما أنه لا ينافس المحاصيل الأخرى بمساحة الأرض، ما يسهل اختيار أي موقع لزراعته.
وتقول رئيسة الجمعية، ظبية الغزاوي، وهي عضو مجلس محلي كذلك، وناشطة اجتماعية في المنطقة، إن الجمعية تأسست في العام 2011، وتعتمد في مشاريعها على “الخيرين والتبرعات”، على حد تعبيرها.
ويرى كثيرون من سكان تلك المنطقة، أن سيدات الأغوار بشكل عام هن من الفئة التي تعاني من التهميش في المجالين الوظيفي والتمكيني، في حين تعتقد الغزاوي أن عملها في الجمعية ساعدها على أن تكتشف نقاط القوة عند العديد من السيدات الراغبات في التطور، وأن يكن منتجات في مجالات عدة وليس فقط في مجال العمل الزراعي، الذي يؤدي في النهاية إلى إنهاك المرأة.
وتعد ظبية من السيدات اللواتي تحدين الكثير من الصعوبات والقيود للوصول إلى طموحها في أن تكون جمعية “الشمعة” من المحافل التي تجمع الفتيات في مختلف مراحلهن العمرية، من أجل محاولة النهوض بهن وتمكينهن اقتصادياً؛ إذ تقوم الجمعية حالياً بتدريب ما لا يقل عن 30 سيدة في إنشاء المشاريع الإنتاجية على اختلافها حتى توفر لهن الاكتفاء الذاتي في حياتهن، في ظل تصنيف تلك المنطقة على أنها من جيوب الفقر في المملكة، موكدة أن جائحة كورونا تسببت بإغلاق العديد من المشاريع النسوية، كما قام أصحاب العمل بتحديد نسبة العاملات ولكن المشاريع الصغيرة تدر دخلا ماليا كبيرا يمكن النساء من تحقيق مشاريعهن.
والغزاوي، ترى فيها الكثير من سيدات المنطقة نموذجا للمرأة التي واجهت ظروف الحياة الصعبة في منطقة الأغوار، ولها تأثير كبير على دعم السيدات؛ حيث يوجد عشرات من السيدات المتطوعات، يعملن معا على خلق الفرص المناسبة لهن في تنشيط المحتوى المعيشي لهن من فعاليات تدريبية على الإنتاج، والتعلم على كل ما هو جديد بما يخدم المرأة التي تعاني من بطالة بنسبة كبيرة جداً، وخاصة لدى الفتيات اللواتي درسن في الجامعات ولا يتوفر لهن فرصة عمل مناسبة، يمكن أن تكون سبباً في تحسين وضع الأسرة بشكل عام.
لذلك، تنظم جمعية “الشمعة”، كذلك، دورات تدريبية للفتيات، كما في التسويق وتعلم اللغات والمهارات الوظيفية، والحرف اليدوية كذلك، كما تقوم بتقديم قروض للعائلات المحتاجة؛ اذ تشير الغزاوي إلى أن أغلب العائلات الفقيرة تتوجه إلى الجمعية بحثاً عن الدعم والمساعدة، لذلك تعمل على تقديم قروض ميسرة للمحتاجين، وتلزم معظم الأشخاص المستفيدين من الجمعية بتقديم تبرع عن كل قرض يحصلون عليه لا يقل على 20 دينارا، تقوم من خلاله بدفع أجرة المبنى الذي تتواجد فيه الجمعية، وتوظيف تلك التبرعات في مساعدة آخرين، وبخاصة السيدات.
وبينت، في حديثها، أن زراعة الفطر من الزراعات الاقتصادية، التي يمكن الاعتماد عليها في الحصول على دخل رئيسي للأسرة، لافتة إلى أن كلفة المشروع الأولي بلغت تقريبا 40 دينارا أردنيا وأعطى مردودا ماديا يساوي حوالي 200 دينار، وأشارت الى أنها تعمل على توسيع مشروعها نظرا لوجود إقبال على شراء الفطر.
وتطمح الغزواي الى إضافة أنواع جديدة من الفطر الذي يزرع في المملكة، مثل فطر (الشيتاكي) والفطر الصيني والبوتون، وذلك في حال توفرت الإمكانيات اللازمة لذلك.
وقالت إيمان أبوعبطة، وهي إحدى اللواتي تدربن على زراعة الفطر، إنها تابعت جميع الدورات المتخصصة بالحديقة المنزلية في زراعة إربد؛ حيث تدربت على زراعة الفطر وقامت بشراء “أبواغ” الفطر وعملت على زراعتها في المنزل، مشيرة الى أنها قامت بجني المحصول خلال فترة حظر التجول، حيث كان الفطر مصدرا مهما من مصادر الغذاء للأسرة والدخل خلال هذه الفترة الحرجة.
ويقول مدير زراعة لواء الغور الشمالي الدكتور موفق أبوصهيون، إن مشروع الفطر اقتصادي وقليل التكلفة وسريع الإنتاج، ويستغرق إنتاجه من وقت زراعته إلى حين جني المحصول بحوالي أقل من شهر، مؤكدا أن المديرية تحرص كل الحرص على تدريب النساء، وخصوصا المرأة الريفية.

علا عبد اللطيف/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة