الغور الشمالي.. مزارعو الحمضيات أمام تحدي تسويق المحاصيل لتجنب الخسائر

الغور الشمالي- يأمل مزارعو الحمضيات في لواء الغور الشمالي بإيجاد طرق تسويقية تمكنهم من بيع منتجاتهم، لتجنب خسائر متوقعة سبق أن حدثت في مواسم سابقة، لا سيما مع وجود فائض في الإنتاج للموسم الحالي.

وفي الوقت ذاته، تتعالى أصوات مزارعين بـ”ضرورة وقف وزارة الزراعة استيراد المنتجات الأجنبية لحماية صغار المزارعين من الخسائر”، لافتين في الوقت ذاته إلى أنه “رغم أن وزارة الزراعة تنفي في كل عام دخول حمضيات إلى الأردن، فإن الحمضيات المستوردة تغرق الأسواق المحلية وبكميات كبيرة”.
وحملوا وزارة الزراعة “مسؤولية عدم إرشادهم إلى زراعة محاصيل مجدية”، لافتين إلى “ضرورة وضع إستراتيجية ملزمة ترشد إلى زراعة أصناف مطلوبة، لحماية المنتج الزراعي وتحقيق بعض الأهداف المرجوة من العملية الزراعية، خصوصًا في وادي الأردن، إذ تشكل العملية الزراعية في الوادي ما يقارب 90 %” .
وينظر المزارع محمد الرياحنة من منطقة المشارع، الذي يمتلك وحدات زراعية في لواء الغور الشمالي، إلى الموسم الزراعي ببصيص من الأمل لتعويض خسارته السابقة، ولسداد القرض المترتب عليه نتيجة زراعة محاصيل شتوية لم تنجح كالباذنجان والكوسا، مشيرًا إلى أن هذا الحلم يتحقق في حال اتخاذ وزارة الزراعة بعض الإجراءات التسويقية لحماية المنتج الزراعي، خصوصًا الحمضيات في الوقت الحالي، وذلك بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية.
وقدر خسائر المزارعين بآلاف الدنانير بسبب الكوارث الطبيعية التي لحقت بالموسم الزراعي، إضافة إلى ارتفاع كلفة العملية الزراعية التي باتت ترهق جيوب المزارعين في وادي الأردن، كفواتير المياه والكهرباء والأسمدة وأجور النقل والأيدي العاملة، مشيرًا إلى “أن الحكومة، ومن خلال سماحها بعمليات استيراد المنتجات الزراعية رغم توفرها محليًا، تضيف عبئًا آخر على المزارعين”.
وطالب الرياحنة بـ”ضرورة حماية المنتج الوطني، كي يتمكن المزارعون من تسديد الديون المتراكمة عليهم لصالح مؤسسة الإقراض الزراعي وجهات أخرى”.
فقدان الثقة بالمنتج
أما المزارع علي القويسم من منطقة وادي الأردن، فيؤكد من جهته “أن ثمار الحمضيات كانت تُباع العام الماضي بأسعار زهيدة، إذ بيع صندوق البرتقال بما يقارب دينارين، وصندوق الليمون بدينار”، مشيراً إلى “أن الإشاعات عن تدني جودة المنتج الأردني، والتي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي العام الماضي، أدت إلى فقدان الثقة بين المستهلك والمنتج الأردني”.
وطالب القويسم بعقد دورات أو تحضير خطط من وزارة الزراعة لتسويق المنتج بشكل أفضل من العام الماضي.
وبدوره، قال رئيس جمعية مزارعي وادي الريان مثقال الزيناتي “إن الوضع الزراعي بات يشكل خطراً على وادي الأردن”، مشيراً إلى “وجود فجوة بين المزارعين ووزارة الزراعة لا بد من تداركها، للحد من الخسائر التي أصبحت تشكل عائقاً أمام المزارعين والمستثمرين في القطاع الزراعي”.
وأرجع الزيناتي أسباب تراجع عوائد الحمضيات إلى “عدم إرشاد المزارعين وارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي، ما أثر على المزارعين الذين أصبحوا غير قادرين على شراء الأسمدة والمبيدات الحشرية للعناية بمزارعهم، فضلاً عن غياب الخطط التسويقية اللازمة”.
ووفق مدير زراعة وادي الأردن محمد النعيم، فإن “الوزارة أعدت خطة منذ ما يقارب عامين للحفاظ على المنتج الزراعي الأردني، وهي وقف عملية الاستيراد من الخارج إلا في حال الحاجة لذلك”.
وأكد النعيم “أن التوسع في استخدام التسويق الإلكتروني يشكل أحد الحلول الاقتصادية المهمة لمعالجة تحديات تسويق محصول الحمضيات وتحسين العوائد المالية للمزارعين، في ظل ارتفاع كلف الإنتاج وتقلبات العرض والطلب في الأسواق المحلية”.
وقال مدير الوقاية وحماية النباتات في المديرية، المهندس فارس المشرقي، “إن كوادرها نفذت جولة ميدانية شملت عدداً من مزارع الحمضيات ومحال بيع المستلزمات الزراعية، بهدف الوقوف على الواقع الاقتصادي للمزارعين، وتقديم الإرشادات الفنية التي تسهم في خفض الكلف وتحسين جودة المنتج، إلى جانب تعزيز الوعي بأهمية الالتزام بالمعايير الصحية والبيئية كعنصر أساسي في تعزيز القدرة التنافسية للمنتج المحلي”.
وأشار المشرقي إلى “أن التسويق الإلكتروني بات أداة اقتصادية فاعلة تتيح للمزارعين الوصول المباشر إلى المستهلكين، ما يقلل من حلقات الوساطة ويحد من التذبذب في الأسعار، ويسهم في تحقيق سعر عادل لكل من المنتج والمستهلك”.
تحسين جودة المنتج
كما أوضح أن هذا النمط من التسويق يساعد في تصريف فائض الإنتاج ويحد من الخسائر التي يتكبدها المزارعون خلال مواسم الذروة.
وبين المشرقي أن تحسين جودة المنتج الزراعي والالتزام بالإرشادات البيئية ينعكس بشكل مباشر على فرص التسويق، سواء داخل السوق المحلي أو في أسواق التصدير، مؤكداً أن الالتزام بفترات الأمان للمبيدات والمعايير الصحية يسهم في رفع القيمة السوقية للمنتج ويعزز ثقة المستهلكين به.
وأضاف أن القطاع الزراعي في الأغوار الشمالية يشكل ركيزة مهمة في الاقتصاد المحلي، ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، الأمر الذي يستدعي تبنّي حلول تسويقية حديثة تسهم في استدامة الإنتاج وتحسين دخل المزارعين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يشهدها القطاع.
ولفت المشرقي إلى استمرار تنفيذ الجولات الميدانية والبرامج الإرشادية، والعمل على دعم المزارعين في تبنّي أساليب تسويق حديثة، بما ينسجم مع توجهات وزارة الزراعة الهادفة إلى تعزيز الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد الوطني.
ويعد العمل الزراعي في الغور الشمالي ركيزة أساسية في لواء الغور الشمالي، خصوصاً موسم الحمضيات الذي يشكّل قرابة 98 % من مجمل العمل الزراعي، إذ يعتمد المزارعون على هذا القطاع في تعويض خسائرهم وتسديد الالتزامات المالية المترتبة عليهم للمؤسسات، كالإقراض الزراعي والجامعات، والالتزامات الأخرى.
وأبدى العديد من مزارعي الحمضيات في تقرير نشرته “الغد” قبل نحو أسبوعين، حالة من القلق والتخوف من تكرار الخسارة السنوية لموسم الحمضيات، وذلك إثر ملاحظة تساقط كميات كبيرة جداً من ثمار الموسم الحالي.
وقالوا إن الخسائر باتت حتمية في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها صغار المزارعين، مضيفين أنه إذا ما تمّت معالجة أسباب التساقط، فسيؤدي ذلك إلى خسائر مالية، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها أبناء اللواء جراء التحديات الاقتصادية، لا سيما أن الغالبية تعتمد على العمل في الزراعة وتحديداً في زراعة الحمضيات. كما طالبوا الجهات المعنية بضرورة عمل زيارات ميدانية للمزارع واتخاذ أي إجراء وقائي يخفف من تساقط الثمار، تجنباً للوقوع في فخ الخسائر، في حين رجحت مديرية الزراعة في اللواء أن تكون ذبابة فاكهة البحر المتوسط (ذبابة الأشجار) هي المسؤولة عن ذلك، بعد رصد العديد من الحالات المختلفة، ولجأت إلى تركيب مصائد غذائية لمكافحة الذبابة، وقامت كذلك بالعديد من الجولات الميدانية التي تقدم النصح والإرشاد للمزارعين.

 علا عبد اللطيف/  الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة