الكرك.. آبار مدين وجهة سياحية جاذبة تعاني الإهمال

لم تشفع الأهمية السياحية وكذلك التاريخية والدينية، ليحظى موقع آبار مدين بمحافظة الكرك، بالاهتمام الكافي، وهو الذي يشهد إقبالا متصاعدا من قبل السياح من خارج المملكة، بالإضافة إلى الزوار من داخلها، ووصلت أعدادهم  أقل من عام إلى آلاف.

وفي دراسة علمية امتدت من عام 2018 حتى العام الماضي، وأقيم لها حفل إشهار قبل نحو شهر في قاعة جمعية مدين الخيرية، سلط فريق بحثي من جامعتي “الهاشمية وآل البيت” ومؤسسات علمية وثقافية، الضوء على آبار مدين، والأبعاد التاريخية والدينية وامتداداتها عبر العصور.

وبتسليط الضوء على الدراسة التي حملت عنوان “اكتشاف حضارة مدين”، فقد قال رئيس فريقها البحثي الدكتور محمد وهيب من الجامعة الهاشمية، إن “النتائج العلمية والتاريخية، أكدت أن مركز مدين كان في الكرك، وأن امتداده كان واسع الانتشار، بحيث وصل إلى بلدان مجاورة، وأنه جرى تثبيت هذا الانتشار من خلال دراسات ميدانية ومسوحات أثرية أجريت على مر العقود في جنوب المملكة”.
وأشار إلى “تثبيت المسار الواصل بين مدين، وديار لوط، وأصحاب الأيكة في محافظات: الكرك، ومادبا، والبلقاء عبر وادي الموجب والوالة ووادي حسبان إلى وادي شعيب في البلقاء، وامتداد سهول الشونة الجنوبية والرامة، والكفرين”.
وبين وهيب، أن “الفريق اتبع في عمله المكتبي والميداني منهجا علميا محكما، واعتمد على مصادر عدة منها أقوال رحالة ومؤرخين ومفسرين قدامى ومحدثين، وموسوعات ومراجع تناولت حضارة مدين، بالإضافة إلى تراث شفوي وتقاليد متوارثة جرى جمعها وتفحصها بالتعاون مع المجتمع المحلي في بلدة مدين بالكرك”.
وبهذا الخصوص، تجدر الإشارة إلى الآبار التي يقدر عمره بآلاف السنين، سبق وأن تعرضت لعمليات العبث والردم والتخريب والاستغلال الجائر، حيث كانت مياهها وعبر فترات طويلة مصدرا لسقاية المواشي والأغنام مع ما يحمله هذا الاستخدام من تلوث بمياهها وتراكم الأوساخ، قبل أن يتم تنظيف الموقع من قبل الأهالي وبناء سور لحمايته.
لكن موقع الآبار بحسب ما ذكر لـ”الغد” عدد من أبناء المنطقة، يعاني الإهمال وغياب التطوير، ويفتقر للمرافق الضرورية للزوار، خصوصا المرافق الصحية والمياه ومقاعد الجلوس والساحات، وكذلك غياب أي مواقف للحافلات التي يستقلها الزوار والتي تصطف بطوابير طويلة للوصول إلى موقع الآبار.
وأشاروا إلى موقع “الآبار الذي يقع في أسفل منحدر صخري يصعب الوصول إليه لعدم وجود طريق معبد، وأن الموقع ينتظر الاهتمام ووضعه على خريطة السياحة الدينية عبر التطوير والاهتمام بما يلائم قيمته ويجعله محط جذب للاستثمار، وزيادة أعداد السياح من خلال وضعه على خريطة المنطقة السياحية”.
الناشط حسن النوايسة يقول، إن “محافظة الكرك تضم المواقع الأثرية والسياحية المهمة، خصوصا مواقع دينية كثيرة من بينها موقع آبار مدين، المعروف لأبناء الكرك من قديم الزمان، إلا أن الموقع أصبح يرتاده آلاف الزوار الآن، وهو بحاجة ماسة إلى التطوير والتحديث، على الأقل إنشاء طريق ومركز زوار ووضع مرافق صحية لخدمة الزوار من داخل المملكة وخارجها”.
وأضاف النوايسة، أن “آبار مدين موقع يزوره الناس من مئات السنين ومن مختلف مناطق العالم، وغالبية زوار موقع معركة مؤتة وأضرحة ومقامات الصحابة بالمزار الجنوبي يقومون بزيارة الموقع، إلا أنهم ولعدم توفر المرافق والطريق للموقع لا يلبثون رغم رغبتهم بالتوقف طويلا بالمكان”.
ومن وجهة نظر الزميل الصحفي منصور الطراونة، فإن “موقع آبار مدين هو عبارة عن فرصة سياحية، ويجب الاهتمام به وتطويره”، لافتا إلى أن “هناك زيارات دائمة للموقع طوال العام، وما شهدته المنطقة خلال نهاية العام الماضي وحتى الآن من حضور آلاف الزوار، يعد دليلا وخير شاهد على أهمية الموقع الدينية وضرورة تطويره وتحديثه بأسرع وقت ممكن”.
ولفت الطراونة، إلى أن “سكان المنطقة يطالبون منذ أكثر من 30 عاما الجهات المعنية بالعمل على صيانة الموقع وتوفير الطريق والمرافق الخدمية له، لا سيما تسييجه ووضع حارس له وبعض الخدمات الضرورية للزوار”.
أما المواطن أحمد البيايضة، وهو من سكان بلدة مدين، فأشار إلى أن “الموقع بات عنوانا مهما في البلدة ويشهد زيارات دائمة وهو بحاجة إلى إعلانه موقعا سياحيا  والعمل على تطويره، أسوة بمواقع سياحة مختلفة بالمحافظة”.
من جهته، قال مدير سياحة الكرك، ساطع مساعدة، إن “الموقع مهم ويمكن أن تضعه وزارة السياحة على برنامجها”، مشيرا إلى أنه “من اختصاص وزارة الأوقاف باعتباره موقعا دينيا، ويشهد زيارات سياحية باستمرار للموقع ويجب تطويره وهو بحاجة إلى العمل جيدا فيه”.
وشدد مساعدة على “أهمية التشاركية بين السياحة والآثار بتطوير الموقع، حرصا على تطوير وتوفير منتج سياحي مهم بالكرك، خصوصا في مجال السياحة الدينية”.
مدير أوقاف الكرك الدكتور أحمود الضمور، كان أكد  في تصريحات سابقة لـ”الغد”،  أن “الموقع أصبح جزءا من برنامج الإعمار للجنة الملكية لإعمار المواقع والأضرحة والمقامات بالمملكة، وسوف يشهد التطوير وتوفير المرافق الخدمية الضرورية لخدمة الزوار”، مشيرا إلى أن “موقع آبار مدين، هو موقع أثري ديني مسجل من قبل وزارة الأوقاف، وهناك أعداد كبيرة من الزوار تأتي للموقع نظرا لأهميته”.

هشال العضايلة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة