الكرك.. ارتفاع أسعار زيت الزيتون يدفع أسرا للتخلي عن إعداد “مونة الشتاء”

الكرك – دفعت الأسعار المرتفعة لزيت الزيتون في الفترة الحالية، العديد من الأسر بمحافظة الكرك، خصوصا الأسر التي تعاني ظروفا اقتصادية صعبة، إلى التنازل للمرة الأولى عن إعداد احتياجاتها السنوية من المونة الخاصة بموسم الشتاء أو تلك التي تحتاجها طوال العام، لا سيما أن إعداد المونة يحتاج بين 3 و4 صفائح (تنكات) من زيت الزيتون عند بعض الأسر.

ومنذ بداية الموسم الزراعي للزيتون، حلقت أسعار زيت الزيتون البلدي، إضافة إلى أسعار الزيتون عاليا، وبعيدا عن متناول غالبية الأسر بالمحافظة، وتخطت أسعار الزيت حوالي 120 إلى 130 دينارا لتنكة الزيت، رغم أنها أقل كثيرا من الأسعار في بقية مناطق المملكة التي وصلت في بعض المناطق إلى حوالي 140 إلى 150 دينارا للتنكة.
وفي المقابل، كانت أسعار الزيت، العام الماضي، في حدود 80 إلى 100 دينار فقط لتنكة الزيت من إنتاج محافظة الكرك، وهو الأمر الذي كان يمكن آلاف الأسر من إعداد احتياجاتها السنوية من المونة من الزيت والزيتون والمكدوس وغيرها من المكابيس والمربيات.
ولا يكاد أي نوع من أنواع المكابيس والمخللات إلا ويدخل زيت الزيتون البلدي في إعداده؛ حيث تؤكد العديد من السيدات أن حاجة إعداد المونة السنوية والشتوية من مختلف المخللات والمكابيس تحتاج إلى كميات وفيرة من زيت الزيتون، وفي بعض الأحيان تحتاج الأسر الكبيرة إلى تنكة زيت زيتون كاملة لإعداد احتياجاتها، وهو الأمر الصعب في حالة ارتفاع الأسعار كما هو الآن.
وتؤكد سيدات أن العديد من الأسر تحتاج وتستهلك في أغلب الأحيان من ثلاث إلى أربع تنكات من الزيت البلدي في العام الواحد، وهي كمية لم تعد العديد من الأسر تستطيع توفيرها في ظل الارتفاع الكبير في أسعار زيت الزيتون.
تراجع كميات الإنتاج
وقال مزارعون إن ارتفاع أسعار زيت الزيتون يعود إلى تراجع كميات الإنتاج من الزيتون لظروف مختلفة، أهمها تراجع تساقط الأمطار وضعف الموسم المطري بالمحافظة، فيما شهدت معاصر الزيتون بالمحافظة، وعددها 8، ضعفا كبيرا في كميات الزيتون الوارد إليها للعصر، في حين كانت كميات الزيت المستخرج من عمليات العصر ضعيفة قياسا بالمواسم السابقة.
وبعد أيام من بدء موسم عصر الزيتون، أغلقت اثنتان من المعاصر أبوابها لضعف الكميات الواردة إليها بشكل كبير، ما يمنعها من تشغيل الآلات فيها.
وكان مدير زراعة الكرك المهندس مأمون العضايلة، أكد، في تصريح سابق لـ”الغد”، أن المحافظة تضم العام الحالي ثماني معاصر زيتون منتشرة في جميع المناطق، تم ترخيص ست معاصر منها للعمل، وتخضع للرقابة الدائمة من قبل الكوادر الفنية في مديرية الزراعة حرصا على سلامة المنتج وحقوق المزارعين والمواطنين بالحصول على زيت جيد وسليم، لافتا إلى أن لجنة من الفنيين المختصين من المديرية تقوم بإجراء الفحص الميداني على معاصر الزيتون للتأكد من جاهزيتها ونظافتها، لضمان جودة الزيت المستخرج منها، وإجراء الفحوصات المخبرية يوميا للزيت المستخرج من جميع المعاصر في المحافظة.
وأشار إلى أن موسم الزيتون يعد في الأعوام الثلاثة الأخيرة متوسطا بسبب انخفاض كمية الأمطار في المحافظة، خاصة في المناطق المعتمدة على مياه الأمطار، إضافة إلى انتشار بعض الآفات، مثل ذبابة ثمار الزيتون ونيرون الزيتون والحشرة القشرية الحجرية، مؤكدا في الوقت ذاته، أنه ولتقليل الفاقد من ثمار الزيتون للموسم الحالي، نفذت المديرية حملات رش واسعة النطاق شملت آلاف الدونمات الزراعية لمكافحة الآفات بمختلف المناطق التابعة لها.
وأوضح العضايلة، أن المساحات المزروعة بالزيتون في الكرك تقدر بنحو 51 ألف دونم، بينها مساحات مروية بمساحة 9 آلاف دونم، خصوصا في وادي الكرك والعينا ووادي بن حماد وعراق الكرك، وأخرى بعلية وري تكميلي بمساحة 42 ألف دونم، متوقعا أن يكون محصول الموسم الحالي في حدود 9500 طن زيتون، وكمية زيت متوقعة حوالي 1250 طنا.
130 دينارا للتنكة
وقال المزارع محمد الأغوات من وادي الكرك، إن إنتاج الموسم الحالي من الزيتون وزيت الزيتون هو الأقل خلال الأعوام الأخيرة، مشيرا إلى أن أسعار زيت الزيتون بالكرك، ورغم انخفاضها عن بقية مناطق المملكة، تعد مرتفعة عن الأعوام الماضية ووصلت إلى حوالي 130 دينارا لتنكة الزيت، وربما لا تكون في متناول العديد من المواطنين، وذلك ناتج عن انخفاض كميات الزيتون لدى المزارعين بالمحافظة.
وقالت السيدة أم بلال من سكان بلدة الثنية شرقي مدينة الكرك، إن العديد من الأسر بالمحافظة لم تقم حتى الآن بإعداد احتياجاتها من المونة السنوية ومونة الشتاء بسبب ندرة وارتفاع أسعار الزيت البلدي وبشكل غير معقول، مشيرة إلى أن كل شيء بحاجة إلى وجود زيت الزيتون لإعداده، وخصوصا المكابيس المختلفة من الزيتون بأنواعه إلى المكدوس والمخللات المختلفة، عدا عن بعض الوجبات الشتوية التي تحتاج إلى الزيت البلدي، وهي في طريقها إلى الاختفاء، لأنه لا يمكن إعدادها من دون زيت زيتون بلدي.
وأشارت إلى أن أسعار زيت الزيتون ارتفعت بشكل كبير لدرجة أن بعض الأسر لم تقم بشراء الزيت حتى الآن، على أمل أن ينخفض نهاية الموسم أو مع بدء استيراد الزيت من الخارج، وهو أمر ربما لن يحدث بسبب التجار الذين يمكنهم إبقاء الأسعار كما هي حاليا أو ربما تنخفض قليلا بنسبة لا تمكن العديد من الأسر من شراء الزيت، لافتة إلى أن أسرا قليلة يمكنها شراء الزيت بسعر حوالي 140 دينارا للتنكة في حين أن حاجتها السنوية حوالي أربع تنكات.
وأضافت أم بلال، أن قائمة من أصناف المأكولات الشعبية التي تتطلب مستلزمات لا تتوفر طوال العام إلا في هذه الفترة من الموسم، فيما تأمينها وتخزينها أصبحا أمرا صعبا بعد ارتفاع مستمر بأسعارها، وخصوصا الزيت، ليجبر العديد من الأسر بالكرك على إعادة التفكير واختصار القائمة.
تكاليف مرتفعة
وبحسب المهندسة الزراعية والخبيرة الغذائية كرم القسوس، فإن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها أسر في مناطق بمحافظة الكرك دفعت سيدات للعودة إلى إعداد احتياجات الأسر خلال فترة الشتاء وغيرها من الأوقات من مواد الأجبان والحبوب والمربيات ومختلف أصناف الصناعات الغذائية المنزلية، وذلك لتوفير جزء من المصاريف والأعباء المالية على الأسر بتأمينها بصناعة مونة الشتاء وبكميات كبيرة لاستهلاكها، لكن حتى هذه المواد التي كانت الأرخص لتوفير الغذاء للأسر لم تعد ممكنة حاليا بارتفاع أسعارها.
وبينت القسوس، وجود ارتفاع كبير في الأسعار، وأهمها زيت الزيتون، وهو العنصر الرئيسي للعديد من المنتوجات الغذائية، وحتى للمواد التي تكون منخفضة الجودة من الفواكه والخضار، مشيرة إلى أن سعر زيت الزيتون حوالي 130 إلى 140 دينارا للتنكة، وصندوق الباذنجان الصغير لإعداد المكدوس يبلغ سعره 5 دنانير، إضافة إلى ارتفاع أسعار الجوز والثوم، وهي مواد تدخل في صناعة المكدوس، ما يجعل سعر إنتاج المكدوس أو الزيتون المكبوس كبيرا وبعيدا عن متناول آلاف الأسر الكركية، خصوصا تلك التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة وذات دخول متدنية.

هشال العضايلة/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة