الكرك.. تأخر مشروع توسعة شبكة الصرف الصحي يزيد معاناة السكان

الكرك– منذ أكثر من ثلاث سنوات، كان من المفترض أن تبدأ أعمال تنفيذ مشروع توسعة شبكة الصرف الصحي في مدينة الكرك وضواحيها الجديدة التي أصبحت الأكثر اكتظاظاً بالسكان، ومع ذلك لا تزال هذه المناطق تعاني من غياب شبكة صرف صحي فعالة، تاركةً خلفها آلاف الحفر الامتصاصية التي تشكل عبئاً بيئياً وصحياً كبيراً على قاطنيها.
هذا التأخير الذي طال أمده يثير تساؤلات جدية حول أسباب عدم البدء في مشروع حيوي تعتمد عليه حياة الآلاف من المواطنين، وفق عدد من السكان، مشيرين إلى أن أي تأخير في تنفيذ المشروع سيكون له انعكاسات خطيرة على الواقع البيئي بالمنطقة.
وكانت وزارة المياه والري قد أعلنت في عام 2022 عن نيتها البدء في تنفيذ هذه التوسعة لخدمة الأحياء الجديدة في مدينة الكرك، والتي تضم غالبية المؤسسات والدوائر الرسمية والمستشفيات، ورغم توفر المخصصات المالية للمشروع كون جزء كبير منها يأتي من منحة أوروبية، إلا أن المشروع ما زال يراوح مكانه مما يزيد من معاناة السكان يوماً بعد يوم.
ويشير مواطنون إلى أن غياب شبكة الصرف الصحي يفاقم المشاكل الصحية ويحملهم كلفاً عالية للتخلص من المياه العادمة عبر صهاريج نقل مخصصة شرقي محافظة الكرك، لافتين الى ان عدم وجود شبكة صرف صحي يفاقم المشاكل البيئية والصحية في ظل تزايد انتشار الحفر الامتصاصية.
ويلفت عدد من سكان بلدات وضواحي مدينة الكرك أن مشروع توسعة شبكة خدمات الصرف الصحي سيضع حداً لمشكلة انتشار الحفر الامتصاصية، وما تخلفه من مشاكل بيئية وصحية جسيمة، فمع كل يوم يمر دون بدء تنفيذ هذا المشروع، تزداد معاناة السكان الذين يشهدون تزايداً سكانياً وتوسعاً عمرانياً ملحوظاً في مناطقهم، منوهين إلى أن غياب البنية التحتية الأساسية هذه لا يؤثر فقط على الصحة العامة والبيئة، بل يضع أعباء مالية إضافية على كاهل المواطنين الذين يضطرون لدفع مبالغ كبيرة لصهاريج نقل المياه العادمة.
وتقتصر خدمات شبكة الصرف الصحي الموجودة حالياً على مناطق مدينة الكرك وبعض ضواحيها، والتي تتبع لمحطة تنقية الكرك، بالإضافة إلى بلدات المزار الجنوبي ومؤتة والعدنانية ومرود ومدين، التي لها محطة تنقية خاصة بها، بينما تعاني بقية بلدات المحافظة التي يشكل قاطنوها أكثر من 85 % من إجمالي عدد سكان المحافظة من غياب كامل لخدمات الصرف الصحي.
ويرى المواطن هيثم ذنيبات أحد سكان ضاحية الصبحيات شرقي مدينة الكرك أن هذا التفاوت في الخدمات يؤكد الحاجة الملحة والضرورية لتوسيع الشبكة لتشمل جميع المناطق المحتاجة، معربا عن خيبة أمل السكان الذين ينتظرون منذ أكثر من ثلاثة أعوام بدء تنفيذ المشروع.
ويشير إلى أن بلدة الثنية وهي أكبر ضواحي الكرك وعصب الحركة التجارية والسكانية حالياً تفتقر لشبكة صرف صحي رغم المطالبات المتكررة منذ أكثر من 30 عاماً، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أعداد السكان وتزايد الحفر الامتصاصية التي تؤثر على السكان والتربة والمياه الجوفية، موضحا أن المشروع كان من المفترض أن ينتهي العام الماضي، لكنه لم يبدأ حتى الآن لأسباب غير معروفة للمواطنين.
ويقول “ما يزيد الطين بلة قيام سلطة المياه بتحصيل رسوم صرف صحي منذ سنوات من المواطنين في هذه المناطق ومناطق أخرى، دون وجود شبكة صرف صحي فعلية،” لافتا الى أن المبالغ المالية التي تم دفعها من قبل المواطنين على مدار سنوات كانت كفيلة بإنجاز شبكة صرف صحي دون الحاجة إلى مساعدات خارجية.
ووفقاً لإعلان سابق لوزارة المياه والري “سلطة المياه”، فانها شرعت في تنفيذ مشروع توسعة شبكة الصرف الصحي في الكرك استجابة لمطالبات ومناشدات المواطنين، موضحة حينها أن المشروع يتضمن حزمتين الأولى بقيمة 18.5 مليون يورو ممولة من بنك الإعمار الألماني وتشمل مناطق الثنية والمرج ومنشية أبوحمور، أما الحزمة الثانية فتبلغ قيمتها 23.5 مليون يورو وتهدف لخدمة مناطق أدر وزحوم والشهابية والصالحية والغوير المشيرفة والمأمونية والرشادية وقد جرى إعداد الدراسات المتعلقة بالمشروع والبحث جارٍ عن تأمين التمويل اللازم لبدء تنفيذ الحزمة الثانية.
ولفتت الوزارة إلى أن الدراسات الفنية للحزمة الأولى أظهرت حاجتها لمحطة رفع لنقل مياه الصرف الصحي إلى محطة تنقية الكرك، وقد تم اختيار الموقع بموافقة المجتمع المحلي بعيداً عن التجمعات السكانية، وإعداد كافة الدراسات المتعلقة بالأثر البيئي، وأخذ الموافقات اللازمة من الجهات البيئية المختصة كوزارة البيئة، وتأمين التمويل اللازم للبدء بتنفيذ محطة رفع (7). وأكدت الوزارة أن هذه المحطة ستكون مغلقة، ولا ينتج عنها أي معالجات أو مخلفات أو روائح، وستنفذ وفق أفضل المواصفات والمعايير العالمية.
كانت التوقعات تشير إلى أن عملية تأهيل المقاولين لطرح العطاء المتعلق بتنفيذ محطة الرفع والشبكات الرئيسة والفرعية لخدمة مناطق الثنية المرج ومنشية أبو حمور ستبدأ خلال الربع الثالث من عام 2022. إلا أن كل هذه التوقعات ذهبت أدراج الرياح مما أثار استياء المواطنين الذين يرون في هذا التأخير عدم التزام بالوعود الحكومية.
ويؤكد محمد الحباشنة أحد سكان ضاحية الكرك الجديدة، أن سلطة المياه ووزارة المياه أعلنتا أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة عن مشروع توسعة شبكة الصرف الصحي في المنطقة دون أن يتم تنفيذ أي شيء حتى الآن، مشددا على أن الصرف الصحي لم يعد رفاهية، خاصة مع المشكلة الكبيرة المتمثلة في التزايد الهائل لعدد الحفر الامتصاصية.
ويعتبر الحباشنة أن موضوع الصرف الصحي هو من أكثر المشاريع إلحاحاً، ويجب على مجلس المحافظة والجهات المعنية الأخرى أن تحرص على إنجازه أكثر من غيره من المشاريع التي قد لا تكون بنفس درجة الإلحاح.
يذكر أن محطة التنقية للصرف الصحي لمدينة الكرك، والتي بدأ العمل في إعادة تأهيلها قبل أكثر من عشر سنوات، تهدف إلى زيادة قدرتها الاستيعابية لتتمكن من استيعاب الكميات الواردة إليها من الشبكة الجديدة في حال تنفيذها، لتصبح قادرة على استيعاب ما يعادل أكثر من ضعف قدرتها السابقة من المياه العادمة.
من جهته، أكد الناطق الإعلامي ومساعد الأمين العام لوزارة المياه والري عمر سلامة، أن مشروع الصرف الصحي لضواحي جديدة في مدينة الكرك ما زال قائماً وبنفس المواصفات التي أقر بها سابقاً، موضحا أن ما أدى إلى توقف المشروع بعد طرح العطاء سابقاً هو أن قيمة التقديرات للكلفة المالية للمشروع من الشركات التي تقدمت لتنفيذ العطاء كانت أعلى من القيمة التي حددت لها رسمياً.
ويبين أنه وبناء على ما سبق فسيتم طرح العطاء مجدداً وفقاً لإجراءات جديدة وبنفس المواصفات السابقة وقد جرى مخاطبة الجهات الممولة لتغيير بعض البنود الفنية، مؤكداً حرص الوزارة على خدمة المواطنين وتحسين شبكة الصرف الصحي في مدينة الكرك.
بدوره، أكد رئيس مجلس محافظة الكرك، الدكتور عبدالله العبادلة، أن المجلس يتابع مشروع الصرف الصحي. وأشار إلى أن مشكلة المخصصات المالية للمشروع كانت أقل من تقديرات الشركات المشاركة في العطاء للمشروع، وبالتالي سيتم طرح العطاء من جديد. وأكد العبادلة متابعة المجلس للمشروع حتى الانتهاء من تنفيذه حرصاً على مصالح المواطنين.