الكرك تعلق آمالا على إطلاق مسارات جديدة لإنعاش الحركة السياحية

الكرك- يأمل مهتمون وناشطون بالشأن السياحي في محافظة الكرك، بأن تشكل المبادرات الخاصة بإطلاق المسارات السياحية في مناطق ومواقع طبيعية بالمحافظة بديلا عن تراجع الحركة السياحية من الخارج، في ظل الأوضاع الإقليمية التي أدت إلى تراجع أعداد الزوار للمحافظة بنسبة كبيرة، ما أدى إلى إلحاق الضرر بالقطاع السياحي.

وكانت أعداد الزوار للمحافظة قد تراجعت خلال العام 2024 لتصل إلى 111 ألف زائر، انخفاضا من أعداد بلغت حوالي 282 ألف زائر في العام 2023، وذلك وفق إحصائيات دائرتي السياحة والآثار بالكرك.
وبحسب ناشطين ومسؤولين بالكرك، فإن أعداد الزوار المنخفضة من الخارج، التي شهدتها مختلف المرافق السياحية الرئيسية بالمحافظة، خصوصا قلعة الكرك والمدينة التاريخية، رافقها استقرار في أعداد الزوار من داخل المملكة، حيث بلغت أعداد الزوار الأردنيين لقلعة الكرك نحو 28 ألف زائر خلال العام الماضي.
لكن ما تشهده المحافظة، خلال الفترة الحالية من ارتفاع أعداد الزوار والمشاركين في مبادرات المسارات السياحية المحلية، يبشر بزيادة الحركة السياحية من خلال الزوار والسياح الأردنيين والعرب بدلا من الأجانب، ما يوفر فرصا للعمل لمئات المواطنين في بلدات وقرى المحافظة، في المناطق التي تقع فيها تلك المسارات السياحية الطبيعية.
ووفق موقع وزارة السياحة والآثار، فإن محافظة الكرك تضم زهاء 16 موقعا ومسارا للزيارة من قبل السياح، وهي: (قلعة الكرك، غابة اليوبيل، عين سارة، وادي الموجب، البحر الميت، وادي عسال، وادي النميرة، قلعة القطرانة، كهف لوط عليه السلام، البانوراما الشرقية، البانوراما الغربية، آثار ومقبرة محي، آثار ذات الرأس، موقع المشهد في مؤتة، آثار الربة، وآثار القصر).
لكن ناشطين بالكرك يؤكدون أن المحافظة تضم مسارات سياحية عديدة لم تدرجها وزارة السياحة ضمن مواقع المسارات السياحية التي أعلنتها من طرفها، وهي تشمل وادي الكرك، ووادي بن حماد، ووادي سيل الحسا، ووادي سدير، ووادي ويدعة، واللجون، وسيل حمود، ومسارات فقوع وصرفا، وغيرها من المواقع التي تمارس فيها سياحة المسارات السياحية الطبيعية، التي تجذب آلاف الزوار والسياح من داخل الأردن وخارجه، خصوصا السياح العرب.
مسار عين سارة وبذان وبردى
وكان من المتوقع أن يسهم استحداث المسارات السياحية بعد الانتهاء من المشاريع السياحية، وآخرها مشروع تطوير منطقة البركة، بإنهاء مشكلة دخول السائح عبر الحافلات السياحية إلى وسط المدينة ومنطقة القلعة، التي تتسبب بأزمة مرورية، خصوصا أن شوارع المدينة ضيقة ولا توجد مواقف مخصصة للحافلات.
وكانت مديرية ثقافة الكرك، أطلقت ضمن فعاليات المسارات السياحية الثقافية، العديد من مبادرات المسارات السياحية للقرى والبلدات بالمحافظة، شارك فيها مئات المواطنين والزوار من داخل المحافظة وخارجها.
وكان آخر تلك الفعاليات، إطلاق مبادرة مسار سياحي بالتشارك مع جمعية فرسان المدينة ومبادرة خطوات، شملت يوما ثقافيا سياحيا مميزا، تمثل في إطلاق مسار يربط بين مناطق عين سارة وبذان وبردى، الواقعة في وادي الكرك، وذلك ضمن جهود تعزيز الحراك الثقافي والسياحي في المحافظة وإبراز جماليات المكان وثرائه التاريخي.
وانطلق المشاركون في جولة تعريفية للمسار، تخللتها محطات للشرح والتوثيق حول أهمية هذه المواقع وما تختزنه من قيم طبيعية وتراثية؛ حيث شكلت عين سارة محطة مائية ذات رمزية تاريخية واجتماعية، فيما عكست بذان وبردى المشهد الطبيعي المتناغم مع الموروث الشعبي والحكايات المتداولة بين الأهالي.
وقالت مساعد الأمين العام لوزارة الثقافة ومديرة ثقافة الكرك عروبة الشمايلة “إن النشاط يندرج ضمن سلسلة فعاليات تنفذها المديرية منذ أكثر من عامين، وتهدف إلى جعل الثقافة جزءا حيا من التجربة السياحية وربط الإنسان بالمكان عبر الفنون والأنشطة التفاعلية”.
وأشارت إلى أنه شارك في المسار مجموعة من الناشطين الشباب والمهتمين بالثقافة والتراث والسياحة البيئية، حيث تم تبادل الحكايات والقصص الشعبية المرتبطة بالمواقع، إلى جانب توثيق التجربة بالصور والأنشطة الفنية، مؤكدة في الوقت ذاته، أن تنظيم هذا المسار يؤكد أهمية التكامل بين الثقافة والسياحة كرافعة للتنمية المجتمعية، وإبراز الكرك كمحافظة تزخر بالمواقع الغنية التي تستحق أن تكون مقصدا للزوار والمهتمين بتاريخ المكان وجمالياته.
كما أوضحت الشمايلة أن المديرية، وبالتعاون والتنسيق مع مجموعة من الفاعليات الثقافية والشعبية بمختلف بلدات وقرى المحافظة، وبهدف الترويج للسياحة المحلية وإعادة إحياء الثقافة المحلية على مختلف الصعد، لا سيما ثقافة الطعام والإنتاج المحلي والترويج للمنتجات الشعبية وتوفير الدخل المناسب للأسر التي تعيش في بلدات وقرى المحافظة، فقد تم تنظيم جولات المسارات السياحية الداخلية لتلك القرى، وهي تشكل جزءا مهما من الزيارات السياحية المحلية لاحقا.
بديل عن السياحة الخارجية
وقال الناشط في تنظيم المسارات السياحية الطبيعية سيف المعايطة “إن انتعاش الزيارات السياحية، خصوصا المحلية، ضمن المسارات السياحية الطبيعية، وتحديدا في وادي بن حماد الذي يملك طبيعة خلابة ومسارات للمشي والتسلق، يشكل أملا في انتعاش الحركة السياحية ويوفر فرص العمل المختلفة للمواطنين، من الأدلاء السياحيين في هذا المجال إلى صناعة الطعام الشعبي للسياح وتوفير مرافق خدمية من المبيت في منازل قديمة وخيم والتعايش مع الطبيعة في مختلف المناطق”.
وأشار المعايطة إلى أن هذا النمط من السياحة يشكل بديلا عن السياحة الخارجية التي توقفت بشكل شبه نهائي بسبب ظروف الإقليم، لافتا إلى أن هناك ازديادا كبيرا في أعداد المشاركين في مثل هذه المسارات السياحية.
وبحسب العامل في القطاع السياحي طارق مبيضين، فإن محافظة الكرك بحاجة فعلية إلى عملية تحديد وتنظيم للمسارات السياحية خارج مدينة الكرك وتنشيطها، خصوصا أن المسار السياحي الرئيسي في مدينة الكرك الذي ينتهي بقلعة الكرك يعاني من ضيق سعة شوارع المدينة وافتقارها للمواقف، وتتسبب الحافلات السياحية التي تقل السياح بأزمة سير عند دخولها وسط المدينة.
وبين مبيضين أن هناك أهمية فعلية للمسارات داخل مدينة الكرك وخارجها، وتسهم باستفادة أكبر عدد من المنشآت السياحية بدلا من استفادة عدد محدود منها لعدم معرفة السائح ببقية المنشآت.
وكانت وزارة السياحة، نفذت بمدينة الكرك العديد من المشاريع السياحية المهمة خلال السنوات الماضية، التي تسهم في تطوير الحركة السياحية، بالإضافة إلى تطوير البنى التحتية لمدينة الكرك، ومنها المشروع السياحي الأول الذي شمل إعادة تأهيل المباني التراثية القديمة بمدينة الكرك وإنشاء ساحة القلعة.
كما شمل المشروع السياحي الثاني، الذي بلغت كلفته مليون دينار، تطوير ساحة قلعة الكرك وبعض المرافق الخدمية وبعض المواقع القريبة للقلعة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية في بعض المواقع.
وجاء المشروع السياحي الثالث، الذي بلغت كلفته 12 مليون دينار، ليستهدف تطوير البنية التحتية بمدينة الكرك، وتضمن إعادة تأهيل الشوارع وشبكة المياه وشبكة تصريف مياه الأمطار والكهرباء وإنارة الشوارع، وعمل الأرصفة وتوفير مقاعد للجلوس على جنبات بعض الشوارع، ويتم الآن تنفيذ المشروع الأخير وهو تطوير مدخل مدينة الكرك من الجهة الشرقية، ويبدأ بعدها تنفيذ المسارات السياحية.

هشال العضايلة/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة