المأكولات التراثية والشعبية في طعجلون.. جذب للزوار ودخل للأسر المنتجة

– باتت المأكولات والأطباق الشعبية والتراثية في محافظة عجلون، تشكل عامل جذب لزوار المحافظة لعيش التجربة، سواء في عدد من بيوت النزل والمخيمات السياحية في المحافظة، أو خلال تجول الزوار في المسارات السياحية المارة خلال القرى وقرب تلك البيوت والمخيمات.
ويقول مهتمون بالشأن التنموي وأصحاب تلك المشاريع، إن كثيرا من السياح والزوار يرغبون بزيارة المحافظة للتنزه وتجربة تناول وجبات الطعام الشعبية، كـ”قلاية البندورة والمكمورة والمفتول” والأطباق الأخرى المتنوعة التي يتم إعدادها وتقديمها خلال وجودهم، مؤكدين أنها باتت في الوقت ذاته، تشكل مصدر رزق للعديد من الأسر العجلونية.
وبحسب الناشط والمرافق للزوار في المسارات السياحية عيسى الشرع، فإن الكثير من المجموعات السياحية التي يرافقها خلال تجوالها في المسارات، سواء المحلية أو العربية أو الأجنبية، تبدي اهتماما كبيرا بالمأكولات الشعبية والتراثية في المحافظة، بحيث أصبحوا يطلبون زيارة بيوت النزل والمخيمات التي تقدم تلك الوجبات الشعبية، كـ”قلاية البندورة والخبز البلدي والمنسف على الحطب والمكمورة والمفتول” وأنواع أخرى من الأطباق الشعبية السائدة في المحافظة.
وبين أن العديد من تلك البيوت والمخيمات أصبحت تحتاج إلى حجوزات مسبقة أحيانا حتى تحظى بزيارتها، ما شكل للأسر العاملة فيها دخلا جيدا يمكنها من قضاء حوائجها الأخرى.
ويقول المواطن محمد حسين: إن تحويل المنازل إلى مطاعم أو مقاه ريفية تقدم أكلات شعبية بات يعد من المشاريع الريادية التي تستهوي بعض أبناء المحافظة، وتلقى رواجا وإقبالا من قبل الزبائن حتى أصبحت تدر دخلا لأصحابها.
وأضاف أن هذه المشاريع رغم محدودية انتشارها، تتميز بتخصيص جلسات ريفية في منازلهم وحدائقهم، بحيث تقدم فيها وجبات غذائية من المنتجات المحلية “البلدية”، وأصبحت تلقى رواجا بين مختلف فئات المجتمع، مشيرا إلى أن أناسا آخرين استفادوا من جمع نباتات وأشجار برية، كالخروب والسماق، لجني ثمارها وبيعها لأصحاب مشاريع المطاعم والمقاهي الريفية، أو بيع منتجاتهم الريفية المحلية كالألبان والأجبان والعسل والزعتر والمخللات وأنواع الفطائر المختلفة.
فرص عمل للفتيات
أما السيدة صباح، فإنها باتت تحقق نجاحا لافتا في مشروعها الذي أنشأته في منزلها، بحيث تعمل على تقديم وجبات الإفطار المحلية مع خبز الطابون البلدي، مؤكدة أن كثيرا من الزبائن باتوا يأتون من مختلف محافظات المملكة لتناول الوجبات مع أسرهم، ما بات يوفر دخلا جيدا للأسرة ويوفر فرص عمل لعدد من الفتيات.
ودعت إلى تدريب الفتيات الراغبات على إتقان المأكولات التراثية والتصنيع الغذائي، والاستفادة من البيئة العجلونية الزراعية المنتجة لمحاصيل زراعية يمكن أن تستغل في التصنيع الغذائي وعمل الأطباق الشعبية، مشيرة إلى أن هذا سيحقق لهن فرص عمل كريمة في منازلهن ويقيهن الجلوس بلا عمل، ليساعدن أسرهن على تأمين لقمة العيش.
ووفق السيدة أم لؤي، فإنها خصصت غرفة في منزلها ببلدة عرجان وأنشأت بها فرن طابون معد لعمل أنواع مفضلة من الخبز البلدي، مؤكدة أن كثيرا من الزبائن يأتونها من داخل وخارج المحافظة لشرائه، ما شكل دخلا لا بأس به للإنفاق على أبنائها، في حين لفتت إلى أنها تعمل على توسعة مشروعها ليصبح مشروعا متكاملا يقدم خدمة الطعام والشراب بمختلف أصنافه.
ويقول المواطن علي أبو محمد إنه يعمل على جمع ثمار بعض الأشجار البرية كمصدر رزق جيد بعد أن يتم تسويقها لأصحاب المشاريع المنزلية، ومنها ثمار الخروب والسماق التي تدخل في إعداد العديد من الأكلات الشعبية، إضافة إلى الألبان والأجبان والعسل والزعتر.
يذكر أن مشروع لجان الدعم المجتمعي الذي ينفذه الصندوق الأردني الهاشمي (جهد) نفذ العام الماضي دورة تدريبية في التصنيع الغذائي لـ20 مستفيدة، وذلك ضمن فعاليات لجنة عجلون المجتمعية، لتمكين وتدريب سيدات المجتمع المحلي وإكسابهن مهارات في تصنيع المخللات وإنشاء مشاريعهن الخاصة بما يعود عليهن بالنفع والفائدة الاقتصادية، ونشر الوعي الغذائي السليم للمواد الغذائية.
تدريب على التصنيع الغذائي
من جهته، يؤكد مدير زراعة المحافظة المهندس رامي العدوان أن وزارة الزراعة استحدثت قبل عامين برامج للتدريب على التصنيع الغذائي للشابات والشباب في المحافظة، في مسعى منها للحد من تفاقم البطالة بين صفوفهم، بحيث تمكنت حينها من تدريب 200 منهم في المحافظة على مدار شهرين، داعيا المتدربين والمتدربات إلى استثمار فرص وبرامج التدريب والانخراط فيها، لأنها تمكنهم من التأهيل لدخول سوق العمل بمشاريعهم الخاصة والإنتاج، ما ينعكس عليهم إيجابيا.
كما أكد أهمية متابعة المستفيدين من البرامج التدريبية للوقوف على ما يعينهم لتنفيذ مشاريعهم الفردية أو الجماعية، مستفيدين من التدريب في هذه البرامج التي تسهم في فتح آفاق لهم للحصول على عمل مجد يمكنهم من إقامة مشاريعهم الخاصة للحد من البطالة.
إلى ذلك، يقول مدير سياحة المحافظة فراس الخطاطبة إن هناك العديد من مشاريع النزل التي تقدم وجبات الطعام والتي تم دعمها من قبل الوزارة في سنوات سابقة، مؤكدا أن ما أسهم في رواج ونجاح هذه المشاريع هو استحداث ستة مسارات سياحية، وتتفرع منها سبعة أخرى، تلائم تنوع المناطق السياحية، لإطالة مدة إقامة الزائر والتمتع بجمال الطبيعة والبيئة، ومشاهدة المواقع الأثرية وشلالات المياه والطواحين والمقامات والأماكن الدينية والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، وطبيعة الحياة في الأرياف التي تتواجد أو تمر بها هذه المسارات.
يشار إلى أنه انطلقت في فندق قلعة الجبل السياحي مؤخرا فعاليات البرنامج التدريبي المدعوم من وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع جمعية درب الأردن وكلية عمّون للتعليم الفندقي والسياحي، والذي استمر لمدة ثلاثة أيام، وهدف البرنامج إلى رفع كفايات مزودي الخدمات السياحية وتأهيلهم لتقديم خدمات متخصصة وعالية الجودة لمرتادي المسارات، من خلال تدريب عملي ونظري في مجالات الضيافة والاستقبال والسلامة العامة وخدمة الطعام والشراب.
ويمتد البرنامج على مدار 24 ساعة تدريبية، بمشاركة 17 متدربا من ممثلي العائلات التي تعمل في تقديم الخدمات السياحية على المسارات في محافظة عجلون.
وتعد المحافظة المحطة الثانية بعد محافظة إربد ضمن هذا البرنامج التدريبي النموذجي، الذي سيتواصل في المراحل القادمة ليشمل بقية محافظات المملكة ضمن خطة تدريبية متكاملة تغطي جميع المناطق التي يمر بها درب الأردن الممتد على طول 640 كم من أم قيس شمالا إلى العقبة جنوبا.
ويشكل التدريب خطوة مميزة نحو تعزيز جودة الخدمات السياحية ورفع قدرات الكوادر المحلية بما يدعم السياحة المستدامة على المسارات السياحية عامة ومسار درب الأردن خاصة.
وأكد علي الزيدان من مديرية سياحة عجلون أن المحافظة تشهد هذه الأيام حركة سياحية متزايدة ونشطة تعكس المكانة المتصاعدة للمحافظة كإحدى أبرز الوجهات السياحية في المملكة، حيث تتوافد الأفواج من السياح المحليين والإقليميين والدوليين من مختلف الجنسيات للاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة واستكشاف المواقع الأثرية العريقة كقلعة عجلون وموقع مار إلياس وزيارة التلفريك والتجول في المسارات البيئية الساحرة التي تمتد بين الغابات والوديان.
وأشار إلى أن هذا الانتعاش السياحي الملحوظ يأتي نتيجة جهود وزارة السياحة والآثار المتواصلة في دعم وتطوير المنتج السياحي العجلوني، من خلال تحسين البنية التحتية وتعزيز البرامج الترويجية وتمكين المجتمعات المحلية للاستفادة من العوائد السياحية، حتى انعكست هذه الحركة بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلي، حيث نشطت التجارب السياحية المجتمعية وازدهرت البيوت الريفية وبيوت الضيافة والمشاريع الصغيرة التي تقدم المأكولات التراثية والمنتجات العجلونية الأصيلة، لتشكل بذلك نموذجا حيا للسياحة المستدامة التي تمزج بين التراث والبيئة والضيافة الأردنية الأصيلة.
وأضاف زيدان أن برنامج “أردننا جنة” كان له أثر إيجابي، حيث حظيت محافظة عجلون بنصيب الأسد من الزوار منذ انطلاق البرنامج من قبل وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة في 25 أيار (مايو) الماضي، مبينا أن عدد زوار المحافظة ضمن البرنامج حتى الآن بلغ زهاء تسعة آلاف زائر لمناطق شلالات راجب وعجلون والقلعة ومار إلياس ومواقع أخرى.
ولفت إلى أن جميع المطاعم والاستراحات والمنتجعات التي تقدم الطعام تندرج ضمن برنامج “أردننا جنة”، بالإضافة إلى ست تجارب سياحية وهي عبارة عن بيوت تقدم الطعام للزوار.

