“المبكر الإجباري” للقطاع العام يثقل كاهل “الضمان”

رأى خبراء في الحقوق العمالية والحمايات التأمينية، أن إحالة أعداد كبيرة من الموظفين في القطاع العام للتقاعد المبكر، يثقل كاهل مؤسسة الضمان الاجتماعي، ويسبب خللا في النظام التأميني.
وبين هؤلاء الخبراء أن “لجوء الحكومة إلى تلك الطريقة أمر غير عادل، وفيه تمييز بين شريحة واسعة من الموظفين الخاضعين للضمان في مختلف مؤسساتهم، بالإضافة إلى أنه لا يحل المشكلة وإنما يرحلها وتبقى على عاتق مؤسسة الضمان”.
وأكدوا أن التقاعد المبكر ضرورة في حالات معينة لكن “يجب عدم النظر إليه بمعزل عن الحمايات الاجتماعية الأخرى ضمن منظومة الضمان الاجتماعي”.
وفي هذا الصدد، قال خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، موسى الصبيحي، إنه “ما من شهر يمر إلا ويصدر كتاب بإنهاء خدمات عشرات الموظفين الحكوميين وإحالتهم على تقاعد الضمان المبكر.. ومن الأمثلة على ذلك قبل يومين صدر كتاب من وزير الصحة بإحالة (50) موظفاً على التقاعد المبكر، وقبله في وزارة التربية والتعليم وقبله في الزراعة”.
وبين الصبيحي أنه بلغ عدد متقاعدي المبكر من القطاع العام حوالي (51) ألف متقاعد، يشكّلون ما نسبته (36 %) من إجمالي متقاعدي المبكر لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي.
وأكد أنه “رغم صدور قرار قضائي بعدم قانونية إنهاء خدمات الموظف المستكمل لشروط التقاعد المبكر بدون طلبه ورغبته، إلا أن الحكومة ما تزال غير عابئة بذلك، وتتوالى أفواج الموظفين الحكوميين وموظفي القطاع العام المحالين رغماً عنهم على التقاعد المبكر، علماً بأن الجميع يدرك مدى حجم العبء الذي يُلقَى على المركز المالي للضمان والإخلال بتوازن النظام التأميني بسبب التزايد غير الطبيعي في أعداد المتقاعدين مبكراً”.
وأضاف: “وسيزداد الأمر تعقيداً مع بدء إحالة المؤمّن عليهم العسكريين على التقاعد المبكر خلال العام الحالي، إضافة إلى تضرّر المحالين على هذا النوع من التقاعد مُخفَّض الراتب”.
ورأى الصبيحي أن ذلك “لا يصب في مصلحة أي جهة، ويلقي بعبء ثقيل على المركز المالي للضمان، وهو ما يُحمّل الحكومة أيضاً مسؤولية كبيرة، وما كان لأي حكومة أن تحُل مشكلاتها المالية على حساب مؤسسة الضمان، أو أن تُرحّل الأزمة إلى الضمان وإلى حكومات قادمة أخرى قد لا تجد ما تقترضه من صندوق استثمار أموال الضمان مستقبلاً”.
بدوره، قال رئيس بيت العمال، حمادة أبو نجمة، إن “التقاعد المبكر بالتأكيد هو عبء على صناديق الضمان الاجتماعي، ولكن قد يكون ضرورة في بعض الحالات لعدم وجود حلول أخرى”.
وبين أبو نجمة أن التقاعد المبكر “يستخدمه الكثير من الناس لاحتمالات فقدان العمل من جهة أو اللجوء لعمل آخر والحصول على دخل ثان وسط العديد من الالتزامات”.
ورأى أن التقاعد المبكر الذي يرهق كاهل المركز المالي لمؤسسة الضمان هو من ممارسات الحكومة في القطاع العام، وليس من ممارسات القطاع الخاص.
وأكد أنه في موضوع التقاعد المبكر “يجب عدم النظر إلى منظومة الضمان بمعزل عن الحمايات التأمينية الأخرى”.
ولفت إلى أنه “منذ العام 2017 تم إنهاء خدمات عدد هائل من موظفي القطاع العام وإحالتهم للتقاعد المبكر الأمر الذي زاد العبء على مؤسسة الضمان”.
وتطرق أبو نجمة للمهن الخطرة التي رأى أنه “توجد مبالغة كبيرة في اختيار قائمتها، وهو ما يدفع مؤسسات تزاول تلك المهن إلى التقاعد المبكر وإنهاء خدمات الموظفين”.
من جانبه، قال رئيس التجمع النقابي المهني العمالي المهندس شرف المجالي، إنه “في تعديلات القانون الجديدة، تم إلغاء التقاعد المبكر بطريقة غير مباشرة من خلال الحسبة التقاعدية والعمر”.
واتفق المجالي مع سابقيه حول غياب العدالة في موضوع التقاعد المبكر، إذ يوجد تمييز شريحة عن شريحة بين الموظفين في القطاعين العام والخاص، ما يخالف المادة السادسة من الدستور.
وأكد أن “شريحة كبيرة تستفيد من التقاعد المبكر في القطاع العام على سن الأربعين، لكن حتى يصلوا سن 45 تتحمل وزارة المالية رواتبهم، ومن ثم يحولون لمؤسسة الضمان الاجتماعي”، لافتا إلى أن ذلك يؤثر سلبا على المركز المالي لمؤسسة الضمان.
وقال المجالي “أنا لست مع التقاعد المبكر، لكن هناك بعض الحالات التي تستدعي السماح به”.
وتطرق إلى أن قانون الضمان الاجتماعي “لا يستمر في الثبات والاستمرارية، إذ يتم إجراء تعديلات عليه كل 3-4 سنوات”، مشيرا إلى أن القانون، جرت عليه 5 تعديلات منذ العام 2001 حتى 2022.
وانتقد عدم إجراء دراسة اكتوارية حقيقية تستوجب إجراء تعديلات على قانون الضمان، وخاصة في تقاعد العسكريين.

هبه العيساوي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة