المخيمات العشوائية في المفرق.. لاجئون سوريون يعيشون على أطراف الحياة

اضطر السوري “أبو قاسم” – اسم مستعار- وعائلته إلى الانتقال للسكن في منطقة عشوائية شرقي محافظة المفرق منذ نحو تسعة أعوام، وذلك لانخفاض قيمة إيجارات المساكن في مثل هذه المناطق التي يتجمع بها اللاجئون، وأصبحت تشكل مخيمات عشوائية غير رسمية.

سكان تلك المخيمات العشوائية غالبيتهم من ذوي الدخل المنخفض، والذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الحياة في المناطق والأحياء المنظمة أو المخيمات الرسمية (كالزعتري والأزرق).

أبو قاسم كان يعمل قبل مجيئه للأردن في زراعة الفستق الحلبي وتربية المواشي بمنطقة حماة شمالي سورية.
يقول لـ “الغد”، “الحياة في هذه المخيمات العشوائية قاسية وشاقة، نظرا لانعدام الخدمات العامة فيها من كهرباء ومياه ونقل وتعليم، فهي عبارة عن مناطق نائية مهمشة كونها بعيدة عن مركز المدينة، ولا تصلها الخدمات”.
ظروف قاهرة
ويواجه اللاجئ السوري أبو قاسم الذي يسكن هذه المخيم العشوائي منذ تسع سنوات مع عائلته “ظروفا قاهرة لا يمكن تحملها”، على حد وصفه.
ويضيف أن “الظروف أجبرتهم على ذلك بحثا عن الأمان المعيشي” متابعا: “في فصل الصيف نعاني من ارتفاع درجات الحرارة والغبار المصاحب للأجواء الحارة في المناطق الصحراوية الذي يؤثر على الصحة العامة، لا سيما مرضى الجهاز التنفسي والربو، وفي الشتاء نعاني من البرودة والرياح الشديدة التي قد تقتلع الخيام، إضافة إلى مداهمة مياه الأمطار”.
ويردف: “شهدنا كثيرا من الحوادث في الشتاء مثل اقتلاع الخيم وسقوطها على رؤوس قاطنيها، فضلا عن مشكلات متعلقة بعدم وجود مياه فالمياه تصل لنا عبر صهاريج بيع المياه “التنكات” وهذا مكلف جدا”.
ويشير “أبو القاسم” إلى أن “السكن داخل المخيمات العشوائية ليس بالأمر السهل لكن مع ذلك يمكننا من التحرك والبحث عن العمل بشكل أسهل حيث أن معظمنا يعمل في الزراعة والمهن الحرفية التي ترتبط بالعمارة كمهن التشطيبات”.
ويختم حديثه بالقول: “اتطلع أنا وعائلتي أن نعود إلى سورية ولكن عندما تكون الظروف مناسبة وآمنة في بلدنا هناك، فجميعنا خرج لأسباب عديدة وعندما يتحسن الوضع سنعود لقد تركنا عائلات لنا ونشتاق للوطن، نحن كغيرنا ممن يقطنون المخيمات العشوائية نحاول أن نعيش بأقل الإمكانيات وأن نتحدى الصعوبات بالتضامن والتآزر”.
وتسببت الأزمة في سورية التي اندلعت في آذار (مارس) 2011، في فرار أكثر من 10 ملايين شخص من مناطقهم إلى مناطق آخرى داخل البلاد وخارجها أغلبهم لجأوا إلى الأردن ولبنان وتركيا.
وفي محافظة المفرق التي تستقبل أكبر مخيم لجوء سوري في المنطقة والعالم “مخيم الزعتري” تقطن أكثر من 90 عائلة سورية في مخيمات عشوائية شرقي المحافظة، خارج المخيمات المخصصة لهم، ويعيشون ظروفا إنسانية صعبة لعدم توفر الاحتياجات الأساسية.
وتعد هذه الفئات الأشد ضعفا في مخيمات النزوح غير الرسمية في ظل تردي الجوانب المعيشية والمقومات الأساسية للحياة الكريمة للإنسان، وغياب برامج الحماية والتمكين.
وتتوزع هذه المخيمات العشوائية في المفرق في عدد من مناطق البادية الشمالية إذ تتواجد بكثره شرقي المحافظة فهناك ما أنشأته وكونته العائلات السورية بعد خروجها من المخيمات النظامية الرسمية في البداية.
ويعيش اللاجئون السوريون في المخيمات العشوائية النائية والمغييبة عن دعم وخطط الجهات المعنية خصوصا الدولية منها، تحت وطأة الكثير من التحديات والمشاكل التي تزيد معاناتهم في الحصول على حياة كريمة، زادت هذه المعاناة بعد تقليص وانخفاض الدعم الدولي من الجهات الدولية من منظمات وغيرها من الجهات في الآونة الأخيرة.
كما يستضيف الأردن على أراضيه منذ بداية الأزمة في جارته الشمالية عام 2011 نحو 1.3 مليون سوري، نصفهم يحملون صفة لاجئ، في حين دخل الباقون قبل انطلاق الأحداث في بلادهم بحكم النسب والمصاهرة والتجارة.
وأدى تراجع الدعم الدولي إلى زيادة الأعباء على الدول المستضيفة للاجئين السوريين، بما فيها الأردن، وهو ما أثر على المساعدات المقدمة لهم في مجالات التعليم والصحة والمياه والنقل والطاقة وغيرها.
تقاسم الأعباء
الجهات المحلية ومن ضمنها البلديات تعمل ضمن خطط ورؤى لدعم اللاجئين وتقديم ما أمكن لهم ضمن مناطق تواجدهم.
وبهذا الصدد يعلق رئيس بلدية الزعتري والمنشية ماهر الخالدي بالقول إن “أغلب سكان منطقة الزعتري هم لاجئون سوريون وأغلبهم من سكان المخيمات العشوائية المتناثرة على أطراف منطقة الزعتري وهذا يشكل عبئا إضافيا على البلديات لتقديم خدماتها لهم جراء الأوضاع البيئية التي تعاني منها المنطقة سواء من نظافة ومياه أو طرق”.
وناشد الخالدي في حديثه لـ”الغد”، منظمات ومؤسسات المجتمع الدولي لدعم البلدية لتستطيع القيام بواجبها بتقديم الخدمات والاحتياجات لإخواننا اللاجئين في المخيمات العشوائية أو السكان الأصليين.
وتابع: “الخيام العشوائية تنتشر بشكل واضح حيث باتت تشكل عبئا كبيرا على البلدية من ناحية الخدمات المقدمة حيث أننا مهتمون بتقديم الخدمات المتاحه لدينا للمخيمات العشوائية هناك، وأن انتقال اللاجئين إلى مخيمات عشوائية يكون بشكل جماعي وتجمعهم صلة القرابة”.
احتياجات الطلاب معدومة بالمخيمات العشوائية
من جهته، يقول الناشط الشبابي وصاحب مبادرة “اقرأ “سليمان الشرعة إن المخيمات العشوائية على اختلاف توزيعها تقع بعيدة عن مركز المحافظة إذ بنيت على أطراف المناطق الشرقية، ومنها ما تبعد عن مركز المحافظة ما يقارب 80 – 90 كم.
ويشير في حديثه لـ”الغد” إلى أن هذه المخيمات قريبة من منطقة الصفاوي ومنطقة البشيرية والمكيفتة وأم القطين، مما يشكل عبئا على قاطنيها في الحصول على الخدمات مثل النقل والتعليم والصحة والمياه.
ويتابع: “غالبا أصحاب تلك المخيمات لا يتلقون أي خدمات سواء الخدمات الأساسية بالإضافة إلى انعدام البنية التحتية والطرق، فالطرق هناك غير معبدة “ترابية” ويواجه السكان صعوبة في سلوكها للوصول إلى أقرب شارع رئيس.
ويضيف الشرعة أن المرافق الصحية معدومة حيث يعاني الأهالي من سكان تلك المخيمات من وضع صحي وبيئي مأساوي ويتنقلون من مكان إلى آخر بحثا عن فرصة عمل يومية بأجور زهيدة لتوفير احتياجاتهم الأساسية، ويكون تنقلهم من منطقة لمنطقة تبعا للمواسم الزراعية فغالبية اللاجئين يعملون بالقطاع الزراعي.
ويردف: “مثلا في بداية شهر أيار يبدأ موسم البندورة في الحيازات الزراعية في المناطق الشرقية في البادية الشمالية فيرتحل هؤلاء من سكان المخيمات العشوائية بحثا عن توفير رزقهم، وبعد انتهاء موسم البندورة يتجهون إلى مناطق الغور والديسة بحثا عن فرص عمل جديدة “.
أما فيما يتعلق بالخدمات المقدمة للفئات الضعيفة كالأطفال في مجال التعليم مثلا، يقول الشرعة إنهم “يعانون من ضعف خدمات التعليم ويعانون من مستوى التعليم الحالي لديهم جراء تركهم مقاعد الدراسة سواء في بلدهم سورية بسبب النزوح أو هنا بعد انتقالهم، إذا إن أغلب الطلاب هناك لم يكملوا تعليمهم، فالتعليم هناك معدوم والأطفال منقطعون عن التعليم بشكل رسمي وهناك نسب تسرب عالية من المدارس وصلت لـ90 %، وأدى ذلك لامتهان التسول للأطفال لا تتجاوز أعمارها أربع  وخمس سنوات”.
فيما تقوم العديد من مؤسسات المجتمع المدني من منظمات وجمعيات ومؤسسات محلية ودولية مثل (مكاني واليونيسيف) بتقديم كرفانات مؤقتة تعليمية داخل تلك المخيمات بالتعاون مع الجمعيات الأخرى الهدف منها هو توفير خدمات للأطفال من تعليم وبرامج مساندة، أما في ما يتعلق بموضوع الصحة والتأمين الصحي فهو ليس بالأفضل إذ لم يشملهم أي مظلة أو حماية صحية أو حتى إجتماعية.
ومن المؤكد أن تراجع وانخفاض الدعم الدولي للبلدان المستضيفة وتراجع أنشطة المنظمات الدولية والأممية للاجئين في مناطق تواجدهم أصبح يشكل خطرا على كافة الأصعدة يحيط ويعيش بين اللاجئين ويقلل فرص تقديم حياة كريمة لهم.

دعاء الزيود/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة