المزارع الخاصة في جرش تحت المجهر.. إجراءات رسمية بمواجهة “التجاوزات”

جرش – تشهد محافظة جرش منذ مدة، انتقادات متزايدة لواقع حال بعض المزارع الخاصة المنتشرة في المحافظة، لا سيما تسبب الحفلات التي تقام في ساعات متأخرة من الليل فيها بإزعاج السكان المحيطين، بالإضافة إلى انتقادات أخرى تتعلق بافتقار مزارع لمتطلبات السلامة العامة والاشتراطات الصحية.

ذلك الأمر، دفع محافظ جرش مالك خريسات إلى الإيعاز، خلال اجتماع المجلس التنفيذي مؤخرا، باستدعاء مالكي المزارع الخاصة و”الشاليهات” داخل المحافظة والبالغ عددهم 350 شخصا، لتوقيعهم على تعهدات بضرورة الالتزام بشروط السلامة العامة، وعدم إقامة الحفلات بعد منتصف الليل، وعدم رفع صوت المسجلات والموسيقا.

وأضاف خريسات أنه لن يتم التهاون مع إزعاج الآخرين، مؤكدا في الوقت ذاته، ضرورة التزام مالكي المزارع الخاصة بشروط السلامة العامة.
من جهتهم، يقول عدد من السكان ورواد المزارع “إن العديد من المزارع الخاصة تفتقد لمتطلبات السلامة العامة والاشتراطات الصحية، من برك سباحة مكشوفة وخطرة ومياهها قد تكون غير معقمة أو معقمة بطريقة غير صحية، ومواقد الشواء لم يراع فيها متطلبات السلامة، وهي بشكل عام قد تكون مصدر خطر أكثر من غيرها من المواقع السياحية، وقد وقع أكثر من حادث فيها خلال السنوات الماضية”.
وأكدوا “أن الانتقادات لتلك المزارع وبيوت الضيافة، لا تقف عند متطلبات السلامة العامة والرقابة، إذ إن وجود العديد منها في قرى وبلدات جرش وقريبة من المساكن تسبب في الآونة الأخيرة بمشاكل اجتماعية بسبب الأصوات المرتفعة والإزعاج والسهر لساعات الصباح، وعدم مراعاة وجود أحياء سكنية قريبة من المزارع الخاصة”.
وبيوت الضيافة أو ما تعرف بـ”المزارع السياحية”، مشاريع تقدم نفسها على لائحة السياحة الداخلية في محافظة جرش، وبعضها خارج إطار الترخيص والتنظيم وغياب تام للرقابة، ما يتيح للقائمين عليها حرية فرض الأسعار ومستوى تقديم الخدمة، فيما متلقو الخدمة، وأغلبهم مواطنون، قد يجدون أنفسهم ضحية تسويق وهمي لا يتناسب وقيمة المنتج.
مطالب بتكثيف الرقابة
وشهدت هذه المزارع، خلال السنوات الأخيرة، رواجا لافتا، بعد ضخامة التسويق شبه المجاني لها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، على أن التسويق المميز لم يتعد تلك الصفحات لدى عدد كبير من هذه المزارع، بعد أن اصطدم زوارها بفارق المساحة بين مستوى الترويج للخدمة والواقع القائم.
ومع إدراك أن هذا الوضع لا ينسحب على هذه المزارع كافة التي يزيد عددها على 400 مزرعة وبيت ضيافة، لا سيما أن هناك من يحرص على تقديم الأفضل وبأسعار مناسبة، إلا أن غياب الرقابة بشكل عام يبقي مصداقية وسلامة الخدمة في ذمة القائمين عليها.
ووفق المواطن فؤاد شناعة، فإن “ترخيص هذه الشاليهات وبيوت الضيافة والمزارع الخاصة من شأنه أن يوفر فيها أقصى درجات السلامة العامة، ويراعي العادات والتقاليد الاجتماعية، ويحافظ على الخصوصية وسلامة المواطنين، لاسيما أنها تشهد إقبالا كبيرا كونها منتشرة في قرى وبلدات محافظة جرش كافة، وتكاليفها منخفضة، وتتوفر فيها جميع الخدمات السياحية التي يطلبها الزوار”.
وأضاف “أن العديد من المزارع الخاصة لا تتوفر فيها شروط السلامة العامة، وتحتوي على مسابح وألعاب ومواقع شواء غير آمنة وعادية، ولا تتناسب مع الحركة السياحية والإقبال عليها، خصوصا في هذه الفترة التي تنشط فيها السياحة الداخلية مع عودة المغتربين، وتلجأ آلاف الأسر لارتياد هذه المزارع في محافظة جرش”.
وأكد شناعة “أن معظم البرك والمسابح لا يتم تغيير المياه فيها وتعقيمها باستمرار، وتتراكم فيها الأوساخ والأتربة والشوائب، وغير معقمة أصلا، على الرغم من استخدامها من قبل مئات الزوار أسبوعيا”.
التسبب بمشاكل اجتماعية
أما الناشط في مجال السياحة سامي شاكر، فيرى أن سياحة المزارع من أهم أنواع السياحة في محافظة جرش، وبدأت بالنشاط في السنوات الأخيرة، ونشطت أكثر خلال جائحة كورونا لما توفره من خصوصية تامة لزوارها، قائلا “يجب أن تخضع للرقابة الدورية، كما يجب ترخيصها من وزارة السياحة والآثار لتنظيم عملها، خصوصا هذه الفترة التي تشهد نشاطا في عملها مع بدء موسم المهرجانات وعودة المغتربين وارتفاع درجات الحرارة في الغابات، مقارنة بالمزارع الخاصة التي توفر الخدمات السياحية كافة”.
وبين شاكر “أن الميزات السياحية التي تتميز بها المحافظة يجب استثمارها واستغلالها بطرق آمنة وتحت الرقابة المشددة، لمنع أي تجاوزات أو أخطاء أو إساءة قد تسبب مشاكل اجتماعية على المستوى البعيد”.
من جانبه، يقول أحد أصحاب هذه المزارع -طلب عدم نشر اسمه- إنه مع توجه ترخيص هذه المزارع، معتبرا أن ذلك سيكون من مصلحة الزائر وصاحب المزرعة، بعد أن يتم تنظيم هذا النوع من النشاط السياحي.
واعتبر أن غياب التنظيم والرقابة على هذه المزارع يفتح المجال أمام غير المختصين في ممارسة هذا النشاط، وهو الأمر الذي قد يعود بالسلبيات على هذا القطاع.
ومن الجدير ذكره، أن المئات من مزارعي محافظة جرش قد لجأوا إلى تحويل مزارعهم الزراعية إلى مزارع سياحية لاستقطاب الزوار والاستفادة منها، في ظل تراجع الإنتاج الزراعي وانخفاض أسعاره، وتوالي المواسم غير المجدية، نتيجة التغير المناخي والضرر الكبير الذي لحق بالمشاريع الزراعية.

صابرين الطعيمات/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة