“المشافي المسلحة”.. رواية صهيونية زائفة لتبرير المجازر الوحشية

يُحاصر الموت أهل غزة من كل حدب وصوب، وما وصل للقطاع حتى الآن من قوافل الإغاثة الإنسانية يشكل نقطة في بحر المطلوب لمنع مجاعة باتت وشيكة، بعدما دمّرت غارات الاحتلال الهمجية شرايين الحياة بنحو 25 ألف طن من المتفجرات مع دخول حرب الإبادة الجماعية شهرها الثاني، بينما لا يخرج حال الغرب عن ثيمة “لا أرى.. لا أسمع”، وإذا تكلم فلنصرة الضيم والظلم والعدوان ضد الفلسطينيين.
وما بين خطي القدس المُحاصرة التي شيعت جثمان شهيدها عقب عملية طعن اثنين من جنود الاحتلال، وغزة المُكبلة بالغارات والمجازر الوحشية، يبزغ مخطط أميركي غربي لرسم مصير الأراضي الفلسطينية المحتلة على وقع طبول الحرب التي أدت لارتقاء أكثر من 37 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود، وسط مساعي الاحتلال لفصل شمال القطاع عن جنوبه وجعله “منطقة آمنة” لكيانه المحتل.
وما يزال الاحتلال يبث روايته الصهيونية المزعومة والمردفة بالصور المفبركة لترويج ادعاءاته بوجود مواقع للمقاومة الفلسطينية تحت مستشفيات غزة لتبرير استهدافها وتدميرها، بما جعل الوضع الصحي “كارثياً”، أسوة بقصف طائراته العدوانية، أمس، للطابق الثالث من مشفى الرنتيسي بمدينة غزة، كما استهدفت غاراته محيط مستشفيات القطاع، وذلك في ظل النفي الفلسطيني لادعاءات الاحتلال وتأكيد أن المشافي تقدم خدمات طبية فقط، والدعوة لاستقبال لجنة أممية للتحقق من أوضاعها.
من جانبها، دعت حركة “حماس”، الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة دولية لزيارة مستشفيات غزة للتحقق من الرواية الصهيونية “الزاعمة” لاستخدامها مواقع للمقاومة، فيما طالبت السلطة الفلسطينية المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمر اعتقال للمسؤولين عن الجرائم التي تشهدها غزة، وذلك في رد على ادعاءات الاحتلال عن شبكة من أنفاق “حماس” ومراكز القيادة وقاذفات صواريخ تحت المستشفيات في شمال قطاع غزة، حسب مزاعمه.
وفي ظل القصف الجوي الاحتلالي الكثيف؛ فإن قطاع غزة يلج مرحلة حرجة بقرب نفاد العناصر الحيوية للعيش بالحد الأدنى، نظير النقص الحاد في المياه وبلوغ الإمدادات الغذائية والطبية الحيوية إلى مستويات منخفضة بشكل خطير، مما دفع 18 وكالة أممية للتنديد والمطالبة “بوقف إنساني لإطلاق النار” وإدخال المساعدات اللازمة للقطاع المحاصر.
وبسبب الانقطاعات المتواصلة لخدمات الاتصالات والإنترنت داخل القطاع؛ فإن حوالي 2.3 مليون مدني في قطاع غزة غير قادرين حالياً على الحصول للرعاية الطبية الطارئة، بما يتطلب، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، الحاجة لمستشفيات ميدانية للتعامل مع كم الإصابات الضخم في قطاع غزة، وفتح معبر رفح لإدخال المساعدات الطبية والوقود للمستشفيات.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة إن الاحتلال ارتكب 19 مجزرة خلال الساعات الأخيرة راح ضحيتها ما يقرب من 300 شهيد.
وذكر القدرة أن الاحتلال يشن حربا مسعورة على المستشفيات وسيارات الإسعاف في قطاع غزة، وقد استهدف مباشرة مستشفى الصحة النفسية الوحيد بالقطاع ومستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال.
وأفاد باستشهاد 4 نازحين وإصابة 70 من النازحين والمرضى في مركز الأورام، مؤكدا أن المنظومة الصحية باتت عاجزة تماما مع دخول العدوان شهره الثاني.
وطالب المتحدث جميع الأطراف بالعمل على توفير ممر إنساني آمن لضمان مرور المساعدات، مشيرا إلى أن الاحتلال يواصل الكذب بشأن وجود ممرات آمنة للنازحين والكوادر الطبية وأن الممرات الآمنة التي يتحدث عنها ما هي إلا ممرات للموت.
وقال أيضا إن الاستهداف المباشر للمخابز أدى لأزمة كبيرة في توفير الغذاء للسكان، مضيفا أن الاحتلال يتلقى الصمت الدولي كضوء أخضر للاستمرار بمجازره.
وتشهد مناطق واسعة من مدينة غزة حالة عطش ونقص حاد في المياه، نتيجة القصف الجوي الاحتلالي، الذي ألحق الضرر بنحو 12 بئراً وبمحطة تحلية مياه البحر، في ظل انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود اللازم لتشغيل الآبار. وتواصل الطائرات الحربية الاحتلالية شن مئات الغارات على مختلف مناطق قطاع غزة، لاسيما مدينة غزة وأحياءها، وسط محاولات للتقدم من المحور الغربي جنوب مدينة غزة والذي وصلت فيه الدبابات الى طريق الساحل كما أعلن جيش الاحتلال، في ظل تصدي المقاومة الفلسطينية الصلب للإرهاب الصهيوني.
ويتعمد الاحتلال قصف الأبنية السكنية فوق رؤوس ساكنيها لإزهاق أرواح عائلات فلسطينية بكاملها، أسوة بما حدث بمنطقة الزوايدة ودير البلح، وسطاً، التي أدت لارتقاء 66 شهيداً، ومخيم النصيرات ومخيم جباليا وبلدة بيت حانون، شمال القطاع، في إطار سياسة “التطهير العرقي” بحق المدنيين، مما رفع عدد الشهداء إلى ما يزيد على عشرة آلاف فلسطيني، بينهم نحو 4800 طفل و2550 سيدة.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن جيش الاحتلال ارتكب مجزرة جديدة بحي المغازي وسط القطاع.
وتتعرض أحياء غزة لحزام ضخم من الغارات في ظل انقطاع شبكة الاتصالات والإنترنت على مناطق قطاع غزة، بينما ارتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا جراء قصف طائرات الاحتلال منزل عائلة فلسطينية غرب مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، إلى 15 شهيدا.
في حين تتواصل دعوات المنظمات الإنسانية والأممية لإدخال المساعدات الحيوية اللازمة للقطاع المحاصر؛ حيث دعت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إلى توسيع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة مع وصول الإمدادات الغذائية الحيوية إلى مستويات منخفضة بشكل خطير.
وقالت ماكين إن المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة في الأسابيع الماضية عبر معبر رفح، الذي أصبح نقطة الدخول الوحيدة الى القطاع، ليست كافية على الإطلاق لتلبية الاحتياجات المتزايدة بشكل سريع، داعية “لإنقاذ ملايين الأشخاص الذين دمرت هذه الأزمة حياتهم”.
كما أصدر مسؤولو الوكالات الرئيسة التابعة للأمم المتحدة بياناً مشتركاً نادراً أبدوا فيه غضبهم من عدد الضحايا المدنيين في غزة، مطالبين بـ”وقف فوري إنساني لإطلاق النار”، وبإدخال مزيد من الغذاء والماء والدواء والوقود إلى قطاع غزة المحاصر.
وفي الأثناء؛ قالت حركة “حماس”، إن “جيش الاحتلال حاول تبرير تهديده باستهداف المستشفى الإندونيسي والمستشفى القطري شمالي غزة، بأن حماس بَنَتْ تحتهما أنفاقاً، وأنها تستخدمهما ساتراً لإطلاق الصواريخ، وما ذلك إلا أكذوبة لتبرير جرائمه التي يندى لها جبين البشرية بحق المدنيين والجرحى”.
وأفادت الحركة أن “مزاعم الاحتلال بوجود فتحة نفق في المستشفى الإندونيسي، ما هي في الحقيقة إلا مخزن وقود للمستشفى، والخرائط الهندسية والصور تثبت ذلك””، لافتة إلى أن “زعمه بوجود نفق في مستشفى حمد، إنما هو غرفة أسفل المستشفى للمضخات ومولدات الكهرباء، ووجود مدخنة للتهوية بجانب الغرفة، إضافة إلى أن مخططات المستشفى تكذب ذلك”.
وقالت الحركة: “ادعاء الناطق باسم جيش العدو بأن حماس تسرق الوقود ليس إلا افتراءً محضاً كذبته وكالة الأونروا التي نفت ذلك بشكل قطعي”.
في غضون ذلك؛ فرضت قوات الاحتلال حصاراً أمنياً على البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وأغلقت أبوابها كما أغلقت أبواب المسجد الأقصى المبارك، كما نصبت العديد من الحواجز في محيط البلدة القديمة ونفذت عمليات اعتقالات واسعة بعد عملية باب الساهرة في القدس والتي أسفرت عن استشهاد فلسطيني وإصابة جنديين من الاحتلال. كما أغلقت قوات الاحتلال حاجز مخيم شعفاط، شمال شرقي القدس المحتلة، متسبباً بأزمة خانقة، وأعاق وصول الطلاب إلى مدارسهم، كما أغلقت وسط القدس بالمكعبات الإسمنتية لمنع مرور مركبات المقدسيين، واقتحمت قرية العيسوية، شرقي القدس المحتلة.
من جانبها، دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الدعوة الاستعمارية التي أطلقها وزير المالية في حكومة الاحتلال، “سموتريتش”، لإنشاء مناطق عازلة وآمنة في محيط مستوطنات الضفة الغربية لسرقة المزيد من أراضي الفلسطينيين في إطار عمليات الضم التدريجي لها.
التعليقات مغلقة.