المعارض الزراعية.. هل تقتصر مهمتها على عرض المنتجات أم تحتاج لتطوير أساليب التسويق

عمان– أكد خبراء في الزراعة أن المعارض الزراعية مهمة لكنها غير كافية، معتبرين أن دورها تعريفي ويسهم في بناء العلاقات أكثر من كونها أداة بيع مستدامة، إذ لا بد من دمجها مع استراتيجيات تسويق أوسع ومتنوعة.

وقالوا في أحاديث منفصلة لـ”الغد” إن المعارض الزراعية إذا ما استُثمرت على نحو مدروس تعد فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين المشاركين فيها، وتدفع نحو تطوير فرص إبداعية وابتكارية في الأسلوب التسويقي، ومن ثم خلق فرص منافسة تعزز الرغبة في تطوير طرق التعبئة والتغليف والعرض، ما يُعد قيمة مضافة لمنتجات المزارعين التي تعرض في المعارض.
وأضافوا أن التسويق الحديث يبدأ قبل عملية الزراعة عبر الزراعة التعاقدية وتحديد السعر والكمية مسبقا، كما أن الأدوات الأهم حاليا وجود منصات تسويق رقمية، والبيع المباشر لسلاسل التجزئة، والتجميع التعاوني تحت علامة موحدة.
ربط المنتج بالمستهلك مباشرة
وفي السياق، قال الخبير الزراعي ومساعد أمين عام الوزارة سابقا، د. عزت العجالين: تُعتبر المعارض والمهرجانات من الأدوات الهامة لتسويق المنتجات، إذ إنها حققت نتائج إيجابية جيدة كأداة فعالة لربط المنتج بالمستهلك مباشرة، وتمكين صغار المزارعين والأسر المنتجة، ودعم الاقتصاد المحلي.
وأضاف أنها ليست كافية بمفردها، ويجب دمجها مع استراتيجيات تسويق أوسع ومتنوعة.
وبين العجالين أن المهرجانات مؤقتة وذات طابع موسمي في العادة، ولا يمكن الاعتماد عليها لتحقيق الاستمرارية في التسويق الزراعي أو تأمين الدخل الدائم للمزارعين. كما أنها لا تغطي جميع أنواع المنتجات، بل تساعد في دعم المبيعات المؤقتة فقط، كما أنه لا تأثير قوي لها في بناء علامات تجارية قوية أو خلق نفوذ تسويقي مستدام في الأسواق المحلية والخارجية.
ولفت إلى أهمية إنشاء المعارض الدائمة والأسواق الشعبية في المملكة، وتبني برامج تسويق إلكتروني، وضمان جودة عمليات التداول قبل وبعد الحصاد، للحفاظ على جودة المنتجات والتقليل من الفاقد.
وأضاف أن العامل الأهم لدعم صغار المزارعين يكمن في تسويق منتجاتهم والحصول على الأرباح المنصفة، وهو ضرورة لَمِّ شملهم في جمعيات تعاونية نوعية، إنتاجية أو تسويقية، أو حتى ضمن شركات صغيرة. وفي الوقت نفسه، ضرورة لتبني مفهوم ومبادئ العمل التعاوني الحقيقي في عمل الجمعيات والشركات.
بناء العلاقات بين مجتمع المزارعين
وبين وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري أن المعارض الزراعية مهمة لكنها غير كافية، فدورها تعريفي، وتسهم في بناء العلاقات بين مجتمع المزارعين أكثر من كونها أداة بيع مستدامة.
وأضاف أن التسويق الحديث يبدأ قبل الزراعة عبر الزراعة التعاقدية وتحديد السعر والكمية مسبقا، كما أن الأدوات الأهم لتنشيط العمل الزراعي هي منصات التسويق الرقمية، والبيع المباشر لسلاسل التجزئة، والتجميع التعاوني تحت علامة موحدة.
وقال المصري إن البيانات والسوق يقودان قرار الزراعة لا العادة أو الموسم، فالمعرض أداة مساندة، أما التسويق الحقيقي فمنظومة رقمية وتعاقدية مستمرة.
روافد ونوافذ تسويقية
الخبير بالمركز الوطني للبحوث الزراعية د. حسان العسوفي، اعتبر أن المعارض والمهرجانات الزراعية روافد ونوافذ تسويقية محورية وأساسية لتسويق المنتجات، ومنتجات النساء الريفيات، وصغار المزارعين، إلى جانب كونها فرص تشبيك بين المزارعين والمتسوقين وبعض التجار، إذ يمكن عبرها إبرام عقود واتفاقيات تسويقية تخدم مصالح متبادلة بين المنتجين المزارعين والمواطنين والتجار.
وأضاف العسوفي أن المعارض، إذا ما استُثمرت على نحو مدروس، تعد فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين المشاركين، وتسهم بتطوير فرص إبداعية وابتكارية في الأسلوب التسويقي، وتخلق فرصا تنافسية تعزز الرغبة في تطوير طرق التعبئة والتغليف والعرض، ما يُعتبر قيمة مضافة للمنتجات المعروضة.
وقال إن على الجهات المعنية كوزارتي الزراعة والتنمية، وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، تبني المشاركين والمشاركات من جمعيات ومزارعين، ليس بتنفيذ وإقامة المعارض فحسب، بل بتقديم برامج إرشادية وتوعوية في الإرشاد التسويقي لتمكين المجتمعات من تسويق منتجاتها، لافتا إلى أنه في عصر الرقمنة والتقدم التكنولوجي، يأخذ التسويق الإلكتروني دورا كبيرا في مهام الترويج للمنتجات لمرونته وإتاحته للجميع وسهولته، ما يحتاج لأن يصبح مكونا أساسيا في برامج التدريب والتوعية للمزارعين والجمعيات الإنتاجية.
اختيار أمكنة المعارض
وقال مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران، إن المعارض الزراعية وسيلة للتسويق، لكن ثمة نقاط رئيسة في هذا النطاق، تتبلور بتحقق هدف يخدم المنتج والمستهلك، وهذا يعتمد على الفئة المستهدفة والمكان والزمان.
وأضاف العوران، إن اختيار المكان وسهولة الوصول إليه عامل رئيس لإنجاح الغاية، فمكان العرض يجب أن يكون في منطقة يسهل الوصول إليها، مضيفا أن الأصل أن تقام المعارض الزراعية في حدائق عامة يمكن الوصول إليها من دون تعقيدات، أما إذا كانت الغاية من إقامتها هي التصدير، فالوضع مختلف هنا، ويتطلب اختيار أماكن للمعارض تواءم الزبائن من الشركات ورجال الأعمال.
وقال إن المعارض يجب أن تعرض المنتجات المحلية، وفي الوقت نفسه، أن يضع منظموها في حسبانهم دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمساعدة في رفع دخل الأسر الريفية، وتمكين النساء والشباب وبناء قاعدة بيانات حقيقية للمزارع لإنتاج أصناف مطلوبة.
وأضاف العوران، أنه وعبر هذه المعارض، يمكن دعم الشركات الزراعية، وأن يكون لديها جزء مخصص لخدمة المزارعين، تعرض فيه ابتكاراتها وتقنيات زراعية جديدة، ما يخلق بيئة منافسة بين المزارعين لتجويد منتجاتهم.

 عبدالله الربيحات/  الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة