الميزات السياحية بلواء الكورة.. مطالب باستغلالها وتطويرها

إربد- رغم امتلاك لواء الكورة في محافظة إربد لمقومات السياحة كافة، فإن اللواء ما يزال بعيدا عن حدوث طفرة سياحية أو استثمارية، تخلق آلاف فرص العمل في اللواء الذي تمتد المناطق السياحية فيه على مساحة 120 ألف دونم، حيث يضم ما يقارب 100 موقع أثري و50 شلالا مائيا وسط طبيعة خلابة.

وتسعى مؤسسات مجتمع مدني، بالإضافة إلى ناشطين إلى أن يحققوا حركة سياحية بسيطة، بتوفير مرافق صحية وجلسات ومنامات للزوار، إلا أن غالبية مشاريعهم قد توقفت بسبب حاجتهم إلى جهة داعمة توفر لهم الأموال من أجل القيام بعمل متكامل للسياحة.

ووفق الناشطة الاجتماعية إسراء خالد بني ياسين، “فإن اللواء يُعد كنزا طبيعيا وتاريخيا يستحق أن يُقدم للعالم بصورة تليق بجماله وأهميته ويمثل قيمة إستراتيجية لا يُستهان بها، فهو حلقة وصل ونقطة مرور بين الأغوار الشمالية ومحافظات عجلون وجرش وعمان والزرقاء”.
وأكدت “أن تطوير وإعادة تأهيل مداخل الكورة يُعد أولوية وطنية وليس ترفا، حيث إن تطوير مداخل الكورة سيساهم في تحسين فرص التنمية بكافة صورها لتكون مداخل هذا اللواء نموذجا لا ينفصل عن التخطيط العام لشبكة الطرق الأردنية”.
وقال “تكمن أهمية لواء الكورة كونه مرتبطا بمنطقة الأغوار بثلاثة محاور رئيسة، تشكل شرايين حيوية لحركة النقل والتبادل الزراعي والسياحي بين المنطقتين.
ومن أبرز هذه الطرق طريق كفر راكب – الأغوار، وطريق أم النمل ووادي الريان، حيث تُعد هذه الطرق من المسارات الحيوية لسكان الكورة، وللمزارعين والسياح على حد سواء، لكنه يعاني كباقي الطرق من ضيق المسارات، ورداءة معايير السلامة المرورية، مما يستدعي إعادة تأهيله وتوسعته بشكل عاجل”.
وأشارت بني ياسين إلى أن تحسين طرق لواء الكورة – الأغوار (كفر راكب – الأغوار وطريق لواء الكورة وادي الريان – عجلون، طريق لواء الكورة غابات برقش، مغارة برقش، القصور الملكية – مثلث رحابا) سيساهم في اختصار المسافات، وتسهيل الوصول إلى الأغوار، ويخدم الأغوار الشمالية والكورة على حد سواء.
وأضافت “أن جذب الاستثمار السياحي إلى لواء الكورة لا يمكن أن يتحقق دون بيئة تحتية محفزة، تبدأ من تأهيل الطريق وتنتهي ببناء منظومة خدمات متكاملة، تجعل من الكورة وجهة تستحق الزيارة والإقامة والاستثمار”.
كما دعت بني ياسين إلى “إنشاء محطات استراحة ومرافق سياحية على طول هذه الطرق، وتوفير الإشارات الإرشادية والخرائط التوضيحية التي تبرز المواقع الطبيعية والأثرية في المنطقة، هذا الأمر من شأنه أن يُشجع المستثمرين المحليين والدوليين على إقامة مشاريع سياحية مثل المنتجعات البيئية، وبيوت الضيافة، ومزارع تعليمية، ونُزل تراثية، مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل لأبناء المنطقة”.
إفساح المجال أمام القطاع الخاص
أما رئيس جمعية السنايل الذهبية في لواء الكورة فادي مقدادي، فيؤكد من جهته، “أن لواء الكورة يُعد من المناطق التي تمتاز بعدة مزايا تكاد تتفرد فيها عن باقي مناطق المملكة، غير طبيعتها الزراعية وجماليتها السياحية التي تحتضن أجمل غابات على مستوى المملكة، غابات برقش. وتمتاز الكورة وفي رقعة جغرافية بسيطة منها لا تتجاوز عشرين كيلو مترا مربعا بوجود العشرات من المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية، حيث كهف السيد المسيح في بيت إيدس وكنيسة بيت إيدس يوحنا المعمدان الأثرية ووادي الريان وطاحونة عودة والعديد من الطواحين التي ما تزال قائمة، ووادي النمل وغابات برقش والطنطور وبعض المقامات والأضرحة القديمة، ناهيك عن شلالات المياه التي تكتنف الأودية والتي ما تزال منسية إلى الآن”.
وأكد “أنه رغم كثافة المواقع الأثرية والمناطق السياحية التي لا يتسع هذا المجال لذكرها، ما يزال لواء الكورة يشهد التهميش، وجزء كبير من أبناء المنطقة لا يعرفون العديد من المناطق الفائقة الجمال نظرا لوعورة الطرق الموصلة إليها أو عدم وجود طرق من الأصل”.
ودعا مقدادي إلى “استغلال هذه المواقع، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص لاستغلالها وخلق فرص العمل، لكانت الأمور أكثر جمالية وأمانا، وسيكون هناك إقبال حتى من السياحة الداخلية”.
وأشار إلى “أنه طالب باستغلال مياه شلال يصب في أحد الأودية وتمت مخاطبة الجهات المعنية، إلا أنهم رفضوا بحجة أن الجمعيات الخيرية لا يجوز لها العمل خارج حدود التنظيم”، مؤكدًا “أن البيروقراطية تقتل الإبداع وتخنق الأفكار، وبالتالي يجب الانتباه إلى أفكار الشباب، والعمل على دعمهم وخلق فرص العمل، والاعتماد على الذات من خلال تطوير المواقع السياحية والأثرية”.
كما لفت مقدادي إلى “تراجع السياحة لعدم وجود أي خدمات أو مرافق صحية، إضافة إلى كثرة الاعتداءات على هذه المواقع لعدم وجود حراس موظفين، حيث تم توفير حارس واحد لموقعين أثريين يبعد كل منهما عن الآخر أكثر من 2 كيلو متر”، مطالبا بـ”ضرورة الاهتمام في لواء الكورة والالتفات إلى الكنوز التي تزخر بها المنطقة، وعمل مشاريع صغيرة للشباب لتوفير فرص العمل والاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة وترويج الأردن خارجيا”.
وبحسب المواطن محمد الزعبي، “فإن عدم توفر البنية التحتية من شبكة طرق للوصول إلى المناطق السياحية في اللواء، يحول دون جذب المتنزهين، وغالبية المشاريع التي يتم إقامتها مصيرها الفشل دون تأهيل البنية التحتية حتى تكون جاذبة”.
ولفت إلى “أن المناطق تفتقر إلى طرق معبدة، ومواقف للسيارات وأكشاك وحمامات، مثل منطقة دير العسل (أم النمل) التي تُعد من أجمل المناطق السياحية على مستوى المملكة لكنها بدون خدمات سياحية”.
وأشار الزعبي إلى “أن أحد الأشخاص حاول إقامة مرفق سياحي بسيط في وادي الريان، لا سيما أن مياه الوادي المتدفقة من أعلى الوادي والمارة بجانب أرضه مؤهلة لإقامة المشروع، إلا أنه في ظل غياب المرافق الصحية والمواقف والشوارع المعبدة، يجعل المتنزه يغادر المكان دون رجعة”.
إضعاف عوامل الجذب السياحي
ومن وجهة نظر المواطن فراس العمري، “فإن غياب مركز للزوار في المواقع المؤهلة سياحيا مثل غابات برقش وكهف السيد المسيح ووادي الريان وزقلاب، يُصعّب مهمة الزوار والسياح ويُضعف عوامل الجذب السياحي”، معتبرا “أن وزارة السياحة مقصّرة بهذا الجانب بشكل لافت”.
وقال: “إن اللواء يضم وديان زقلاب والريان وأبو زياد، وغابات برقش، وشلالات مياه المشرع وأبو شقير، وطاقة ناجي، وعيون سيرين، والبيضاء، وزقيق، وكهف السيد المسيح، ومعاصر العنب الصخرية، وأشجار الزيتون الرومية، والمدينة الوردية (المعلقة)، وقلعة الطنطور، وحمة أبو ذابلة، والمقامات الإسلامية الخمسة، وغيرها من المواقع المنتشرة في اللواء”.
وبيّن العمري “أن اللواء يتميز بتنوعه الحيوي والسياحي والتراثي، والتي تنتشر على مساحته المقدرة بـ210 آلاف دونم، فيما يمتاز باعتدال الأجواء نسبيا على مدار أيام السنة، ويقع ضمن حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث الاعتدال الدائم صيفا في مناطقه الشرقية والدافئ شتاءً في مناطقه الغربية، مما يؤهله ليكون مقصدا سياحيا باستمرار”.
ويشير تقرير مسح البطالة للعام 2015 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، إلى أن معدل البطالة في محافظة إربد بلغ 14 %، وتشكل السياحة والزراعة عصب الاقتصاد في لواء الكورة، إذ وجهت الحكومة مشاريعها نحو هذين القطاعين، حيث يوجد في اللواء 51 موقعا أثريا وسياحيا معتمدا من أصل 100 موقع.
وقالت مصادر في أشغال إربد وبلديات لواء الكورة: “إن محدودية المخصصات المالية تحول دون تنفيذ أعمال بنية تحتية فيها من ناحية فتح وتعبيد الشوارع”، مؤكدة “أنه تم في السنوات الماضية تأهيل طريق إربد – لواء الكورة بقيمة تجاوزت 12 مليون دينار”.
بدورها، أكدت مديرة سياحة إربد الدكتورة مشاعل خصاونة أن “لواء الكورة يُعد من الألوية الطبيعية والسياحية ذات الأولوية لدى وزارة السياحة، التي تعمل على تنفيذ مشروع خدمات للزوار في منطقة برقش، وتحديدا في المنطقة المحيطة بموقع مغارة برقش”.
وقالت: “إن الهدف من المشروع هو تحسين تجربة الزائر من خلال تطوير مرافق خدمية تشمل وحدات صحية وأكشاكا لبيع المنتجات المحلية، بما ينسجم مع البيئة ويحافظ على الغطاء الحرجي”.
وأضافت الخصاونة، “أن الوزارة تولي اهتماما خاصا بتحسين مستوى النظافة في المنطقة، كونها من المناطق التي يرتادها الزوار بشكل دائم، وذلك بالتعاون المباشر مع البلديات ذات العلاقة، وتنفيذ مبادرات مع المجتمع المحلي لضمان بيئة آمنة ونظيفة لجميع الزوار، وبما يعكس صورة حضارية تليق بجمال غابات برقش”.
كما أشارت إلى “إن الوزارة قامت برسم مسارات بيئية في منطقة الغابات، وتزويد هذه المسارات بعلامات إرشادية لإرشاد الزوار إلى الطرق الآمنة”.
وبيّنت الخصاونة “أن هذه المشاريع تأتي ضمن رؤية متكاملة لدعم السياحة البيئية والريفية، وبمشاركة المجتمع المحلي، مع التأكيد على التزام الوزارة بتحقيق التوازن بين التنمية المستدامة وحماية الطبيعة”، مؤكدة “أن المشاريع تعكس تطلعات المواطنين واحتياجاتهم، وفق ما تسمح به المخصصات المالية والموازنات”.

 أحمد التميمي/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة