النواب يقر الموازنة باغلبية ٨٦ نائب.. وتوقع بدء العمل به قبل بداية العام

وافق مجلس النواب على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية ٢٠٢٦ بالأغلبية، وجاءت موافقة المجلس بعد الاستماع لرد رئيس الوزراء جعفر حسان الذي أكد التزام الحكومة بالعمل مع المجلس في مراحل اعداد الموازنة، وقال ان حكومته تسعى خلال السنوات المقبلة تحسين رواتب الفئات الأقل دخلا وضمن الإمكانات والنسب التي يتيحها التوسع في النمو.
كما استمعوا لرد وزير المالية عبد الحكيم الشبلي، الذي أكد فيه ان الحكومة ستنظر في زيادة الرواتب في عام 2027 بما لا يؤثر على الاستقرار المالي، وصوت النواب أيضاً على توصيات اللجنة المالية التي شكلت وثيقة توجيهية مهمة خلال مناقشات الموازنة.
وبإقرار المشروع ينتقل قانون الموازنة العامة إلى مجلس الأعيان لاستكمال مراحله الدستورية تمهيداً لإقراره بشكل نهائي قبل بداية العام الجديد لضمان دخول الحكومة العام ٢٠٢٦ بموازنة جاهزة تسمح لها بتنفيذ برامجها وخططها دون تأخير وهو ما شدد عليه عدد من النواب باعتباره خطوة أساسية لحماية الاستقرار المالي للدولة، وهو ما سيسمح للحكومة بالبدء بتنفيذ مشاريعها وخططها ومخصصاتها المالية دون تأخير ويسهم في ضمان استقرار إدارة المالية العامة.
ويرى نواب أن إقرار الموازنة في موعدها خطوة ضرورية لتعزيز ثقة المواطنين بالعملية التشريعية ولتمكين الدولة من التعامل مع التحديات الاقتصادية والتنموية التي تفرضها المرحلة المقبلة.
جاء ذلك في الجلسة التي عقدها مجلس النواب اليوم برئاسة رئيس المجلس مازن القاضي وادار جزء منها النائب الاول خميس عطية بحضور رئيس الوزراء جعفر حسان والفريق الحكومي، وذلك بعد أربعة أيام من المناقشات المكثفة التي شهدت جلسات متواصلة اتسمت بالهدوء، وتحدق فيها 126 نائب من أصل 138 نائب.
– كلمة رئيس الوزراء
وقال رئيس الوزراء جعفر حسَّان سنطلق خلال الأسابيع المقبلة البرنامج التنفيذي الثاني لرؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2026 – 2029، الذي يشمل 24 قطاعاً، وهو برنامج أُعِدَّ لأول مرة بمشاركة ممثلين عن اللِّجان في مجلسيّ الأعيان والنواب والقطاع الخاص والخبراء، بعد مراجعة الرُّؤية في ورش عمل عُقدت في الدِّيوان الملكي الهاشمي الصَّيف الماضي.
وأضاف نسعى لفتح المجال أمام الاكتتاب العام في جزء من هذه المشاريع خلال المرحلة القادمة؛ لتوسعة قاعدة المستفيدين والمشاركين في بناء هذه المشاريع والاستفادة منها.
وتابع بالقول هذه المشاريع بمجملها تصل قيمتها الاستثماريَّة لأكثر من 10 مليارات دولار، الغالبيَّة العظمى منها استثمارات محليَّة وخارجيَّة؛ علماً بأنَّنا ضاعفنا الإنفاق الرأسمالي على مشروع النَّاقل الوطني ليصل إلى ربع مليار دينار خلال الأعوام الأربعة المقبلة، وقمنا بتخصيص قرابة 100 مليون دينار للأعوام الثَّلاثة المقبلة لمشروع غاز الرِّيشة.
ونوه انه تشمل هذه المشاريع: مشروع النَّاقل الوطني للمياه، وسكَّة حديد العقبة – الشيديَّة / معان – غور الصَّافي، وخطّ غاز الرِّيشة، ومشاريع في قطاعات النَّقل العام والصحة والطَّاقة، والبنى التحتيَّة، بما في ذلك بدء مشروع مدينة عمرة ليكون نواةً لصندوقٍ سياديٍّ للأصول، بالإضافة إلى مشاريع أخرى.
وتابع نسعى لإنجاز المراحل النهائيَّة من توقيع الاتفاقيَّات والإغلاق المالي لبعض المشاريع لتبدأ الحكومة بطرح عطاءات الجزء الأكبر من هذه المشاريع قبل نهاية العام المقبل؛ ليتمَّ إنجازها واستكمالها خلال الأعوام 2028 – 2030، وهي أولويَّةٌ وطنيَّةٌ استراتيجيَّة. وهذه ليست وعوداً أو أمنيات، بل إعلاناً واضحاً عمَّا ستنفِّذه الحكومة العام المقبل والذي يليه.
وأضاف ما خصَّصناه للمشاريع والنَّفقات الرأسماليَّة والمقدَّر بمليار و600 مليون دينار سينفق كاملاً ليُسِهمَ في تحريك قطاعات اقتصاديَّة واسعة، إلى جانب تمويل البدء بتنفيذ مشاريع استراتيجيَّة كُبرى، بذلنا خلال العام الحالي جهوداً كبيرة للإعداد لها، ونبدأُ تنفيذها العام المقبل وخلال أشهر، إن شاء الله، بالشراكة مع القطاع الخاص.
واكد على أنَّ الحكومة ملتزمةٌ بالعمل جنباً إلى جنب مع مجلس النوَّاب خلال جميع مراحل تنفيذ الموازنة، ومستمرَّةٌ في نهجها القائم على الشفافيَّة والتَّعاون والانفتاح على جميع الآراء والمقترحات، مؤمنين تماماً أنَّ ما يجمعنا من أهداف وطنيَّة أكبر بكثير من أيِّ اختلافات في الرَّأي، وأنَّ مصلحة الأردن والأردنيين تظلُّ دائماً بوصلتنا التي نهتدي بها جميعاً، ومشروعنا المشترك الذي نُحاسَبُ عليه.
وقال ان نقاشات الموازنة لا تقتصر على كونها واجباً دستوريَّاً فحسب، بل هي تجسيد عملي لتعاون حقيقي وفق إطار الدستور، بين السُّلطتين التشريعيَّة والتنفيذيَّة… وهذا التَّعاون يوِّجهنا إليه جلالة الملك باستمرار، ونلتزم به جميعاً لخدمة وطننا الأغلى.
ونوه ان حكومته نطمح أن نرفع نسب النموّ من خلال كلِّ ما سبق، وما سيتمُّ تنفيذه، إلى 4% على الأقل، مع نهاية عام 2028 لضمان تحقيق الأهداف التي وُضِعت في رؤية التَّحديث الاقتصادي؛ لتوفير فرص العمل لشبابنا، وأنا واثقٌ أنَّ مسارنا سيحقِّقُ هذه الغاية.
وقال نسعى خلال السَّنوات المقبلة أن نتمكَّن من تحسين رواتب الفئات الأقلَّ دخلاً ضمن الإمكانات والنِّسب التي يتيحها التوسُّع في النموّ في الموازنة، ونوه ان هذا البلد بٌني في رحم الأزمات، وسيزدهرُ ويتقدَّمُ ويزدادُ مَنَعةً برغم الأزمات، ولا ننسى أن هذه الموازنة تعكس خمسة عشر عاماً من الأزمات المتواصلة التي تركت آثارَها العميقة على مسارنا الاقتصادي وعلى سياستنا المالية وعبء المديونية، ولا بدَّ من تعزيز منعتنا في مواجهة هذه التقلُّبات والتحدِّيات من خلال العمل بشكل متسارع لبناء اقتصادنا وتطويره.
ونوه انته تم ادراج جميع المشاريع التي توافقنا مع النوَّاب عليها خلال اجتماعات مجلس الوزراء في المحافظات على امتداد عام والتزمنا بتنفيذها ضمن أطر زمنيَّة عُرضت عليهم، ونمضي فيها دون تأخير.
وقال رغم تداعيات الظُّروف الإقليميَّة والعالميَّة، فإنَّ نسب العجز في تراجع، ونسب المديونية للناتج المحلي في تراجع أيضاً، وقد تم ضبط الارتفاع المتسارع خلال السنوات الماضية في كلف خدمة المديونيَّة في هذه الموازنة، وانخفضت نسبة الاعتماد على المنح الخارجيَّة للناتج المحلي الإجمالي، وهذا يدلُّ – رغم كل التشكيك – أنَّ اقتصادنا يمضي في المسار الصَّحيح.
– مخالفات
وقدّم النائبان الدكتور موسى الوحش والدكتور ناصر نواصرة مخالفة مفصّلة على قرار اللجنة المالية المتعلق بمشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026، مؤكدين أنها تتضمن ملاحظات مالية واقتصادية وسياسية تستوجب إعادة النظر قبل الإقرار تحت قبة البرلمان، وأكدا على رفض الموازنة العامة بالنسبة لكتلة حزب جبهة العمل الإسلامي بسبب الملاحظات التي أورداها.
وأوضح النائبان أن موقفهما يأتي التزامًا بالدور الرقابي للدفاع عن المال العام وحماية المواطنين من تبعات السياسات المالية القائمة، لافتين إلى أن قراءة واقعية لأرقام الموازنة تُظهر اختلالات جوهرية تتطلب تصويبًا عاجلًا.
خلال الأيام الأربعة أعاد نواب التأكيد على مجموعة من الأولويات الوطنية التي تشغل الرأي العام وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية وارتفاع كلفة المعيشة وزيادة الأعباء على المواطنين وضرورة وضع سياسات مالية متوازنة تخدم الواقع الاقتصادي وتدفع عجلة التنمية وتساعد على تخفيف الضغوط التي فرضتها الظروف الإقليمية والدولية، ورفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والعاملين في القطاعين العام والخاص.
– اليوم الأخير من المناقشات
خلال المناقشات ركز نواب على أن الأردن بحاجة لموازنة واقعية وشفافة تراعي حجم الدين العام وتمنع تراكم الأعباء على السنوات المقبلة مع ضرورة ضبط الإنفاق الجاري وتوجيه الموارد نحو المشاريع الإنتاجية.
كما تحدثوا عن أهمية مواجهة مشكلتي الفقر والبطالة باعتبارهما من أبرز التحديات التي تواجه البلاد مؤكدين ضرورة توفير فرص عمل للشباب والخريجين وتحفيز القطاعات الاقتصادية للاستثمار في المحافظات وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخلق بيئة اقتصادية جاذبة قادرة على استيعاب القوى العاملة الجديدة. وشددوا على الحاجة إلى خطة وطنية متكاملة تخفف من نسب البطالة وتربط التعليم والتدريب باحتياجات سوق العمل وتتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية.
وطالب نواب رفع مستوى البنية التحتية في المحافظات وتحسين الطرق والخدمات الصحية والتعليمية وشبكات المياه والصرف الصحي وتنفيذ مشاريع رأسمالية تسهم في تحسين مستوى الخدمات العامة، منوهين لوجود فجوة خدمية واسعة بين المحافظات واهمية إعادة توزيع مخصصات المشاريع التنموية وفق احتياجات واضحة وموضوعية.
وأكد نواب أن قطاع التعليم يحتاج لدعم مباشر لبناء مدارس جديدة ومعالجة مشكلة الاكتظاظ التي تعاني منها كثير من المناطق وضرورة دعم الجامعات الرسمية وتوفير متطلبات صندوق دعم الطالب الجامعي لضمان استمرار الطلبة من الأسر منخفضة الدخل في التعليم الجامعي، وتعزيز المستشفيات الحكومية ورفدها بالكوادر الطبية والتمريضية وتحسين جودة الخدمات التي تقدم للمواطنين وتحديث الأجهزة والمختبرات وتوسيع خدمات التأمين الصحي.
وشددوا على ضرورة محاربة الفساد الإداري والمالي والحد من الواسطة والمحسوبية وتعزيز الشفافية في عمل مؤسسات الدولة وتطوير الرقابة على المال العام ومنع أي تجاوزات من شأنها التأثير على ثقة المواطنين بمؤسساتهم، مؤكدين أن التصدي للفساد بجميع أشكاله هو شرط أساسي لتحقيق التنمية وتحسين الخدمات وجذب الاستثمارات، ومراجعة سياسات التعيين في المؤسسات الرسمية وفق معايير الكفاءة والعدالة وتفعيل دور الأجهزة الرقابية.
وأشاد نواب بجهود جلالة الملك عبد الله الثاني في الدفاع عن مصالح الأردن وتعزيز مكانة المملكة إقليمياً ودولياً والعمل الدائم على تحسين الظروف الاقتصادية وجذب الاستثمارات ودعم المشاريع الاستراتيجية وفي مقدمتها مشاريع الأمن الغذائي والطاقة والمياه والتنمية في المحافظات.
كما أشادوا بمواقف الملك تجاه القضية الفلسطينية ودعمه الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني وحمايته للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والدور التاريخي للمملكة في الدفاع عن المدينة وحمايتها، وأكدوا أن استقرار الأردن ودوره الإقليمي نابعان من حكمة القيادة السياسية وثبات المواقف الأردنية في مختلف المحافل الدولية.
وتحدث نواب عن جهود ولي العهد الأمير الحسين في دعم الشباب وتمكينهم وتوفير البيئة التي تنمّي قدراتهم وتفتح أمامهم فرصاً جديدة في سوق العمل من خلال المبادرات التي أطلقها في مجالات التعليم المهني والتقني وريادة الأعمال والتكنولوجيا الحديثة.
وأشاد نواب بأداء رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان وتحركاته الميدانية التي تبنى من خلالها سياسة التواصل المباشر مع المواطنين لمتابعة القضايا على أرض الواقع، كما اعتبر بعضهم أن الموازنة المعروضة تعكس الإمكانيات المتاحة وتقدم رؤية واقعية للتعامل مع التحديات القائمة كما طالب نواب آخرون الحكومة بزيادة الشفافية في تنفيذ بنود الموازنة والالتزام الكامل بما يتم إقراره من مشاريع وبرامج.
وتناولوا أهمية توسيع مشاريع الطاقة المتجددة وخاصة مشاريع الطاقة الشمسية التي يتمتع الأردن بظروف مناسبة لتنفيذها وبما يسهم في تقليل كلفة توليد الكهرباء وتخفيض الأعباء المالية عن الاقتصاد الوطني وزيادة قدرة القطاع الصناعي والتجاري على المنافسة، وتخفيض كلف الإنتاج على القطاع الخاص الذي يعد المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في المملكة.
واعتبر نواب أن نجاح الدولة في تنفيذ خطط التنمية يتطلب التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والعمل بشكل مشترك لتحقيق رؤية اقتصادية واضحة ترتكز على الاستدامة المالية وتخفيض الدين العام ورفع مستوى الخدمات وتشجيع الاستثمار وتحسين الإدارة العامة وتطوير التشريعات الناظمة للقطاع الاقتصادي.
– توصيات اللجنة المالية
وصوّت المجلس على تقرير وتوصيات اللجنة المالية النيابية، والتي شكلت ورقة مهمة في تشكيل موقف النواب تجاه الموازنة، وتضمنت توصيات اللجنة عدة محاور رئيسية، أبرزها، زيادة النفقات الرأسمالية والتوسع في المشاريع التنموية والبنى التحتية، خاصة في المحافظات التي تعاني من فجوات خدمية، وتحسين منظومة الحماية الاجتماعية، وتوجيه جزء أكبر من الإنفاق لدعم الأسر الفقيرة والأكثر تضرراً، ودعم قطاعي الصحة والتعليم، وتوفير الموارد المالية اللازمة لبناء المدارس وتطوير المستشفيات وتحسين مستوى الخدمات الصحية، وتعزيز الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال، وتبسيط إجراءات الترخيص، وتفعيل النافذة الاستثمارية الموحدة، والحد من الهدر المالي، وتشديد الرقابة على المؤسسات الحكومية، وضبط الإنفاق الجاري.
الغد

