الوطن والانتماء.. لبنة الولاء ودور الشباب في البناء والتصدي للتحديات //د.باسم القضاة

–
الوطن هو الحضن الدافئ الذي نحيا في كنفه، والمكان الذي ننتمي إليه بالهوية والثقافة والتاريخ. هو الأرض التي نولد عليها، وننشأ بين أحضانها، نحمل ترابها في قلوبنا، ونفديها بأرواحنا. والانتماء للوطن ليس مجرد شعور، بل هو سلوك وممارسة يومية تُترجم من خلال الولاء الحقيقي والعمل الجاد للحفاظ على كرامة الوطن وعزته.
الانتماء والولاء للوطن هما حجر الأساس في بناء أي دولة قوية ومتماسكة. فحين يشعر الإنسان بالانتماء إلى وطنه، يصبح أكثر استعدادًا للتضحية في سبيله، ويحرص على صونه من كل ما قد يهدده، سواء من الداخل أو الخارج. أما الولاء، فهو الالتزام بطاعة الوطن، واحترام قوانينه، والدفاع عن مصالحه في وجه أي خطر.
وفي هذا السياق، يُعدّ الشباب هم عماد الوطن، وعليهم تقع مسؤولية كبرى في النهوض به، فهم طاقة متجددة، وعقول ناضجة، وأيادٍ قادرة على العمل والإبداع. فهم من يقود عجلة التنمية، ويرفع راية التقدم، ويبني الحاضر ويؤسس للمستقبل.
ولعلّ ما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني في إحدى خطاباته يلخص هذه الحقيقة، حيث قال:
“إن الشباب هم فرسان التغيير، وهم الأمل في بناء المستقبل، وعليهم أن يكونوا في مقدمة الصفوف للعمل والاجتهاد والإبداع.”
إن دور الشباب في بناء الوطن لا يقتصر على العمل فقط، بل يتجلى أيضًا في التحصيل العلمي، والمشاركة المجتمعية، والانخراط في المبادرات الوطنية، والتطوع في خدمة المجتمع، واحترام القيم الوطنية والثوابت القومية. كما أن على عاتقهم مهمة عظيمة في التصدي للتحديات الداخلية مثل الفساد، والبطالة، والتطرف الفكري، وذلك عبر نشر الوعي، والانخراط في المشاريع الريادية والتنموية.
وقد أكد جلالة الملك على هذه المسؤولية بقوله:
“مستقبل الأردن لن يُبنى إلا بسواعد أبنائه وبناته، وبهمة الشباب الذين نراهن عليهم.”
أما على صعيد التحديات الخارجية، فإن الشباب هم خط الدفاع الأول عن الوطن، ليس فقط في ميادين المعارك، بل في ميادين العلم، والسياسة، والاقتصاد، والثقافة، والإعلام. فهم من يواجهون حملات التشويه، ويصدّون محاولات زعزعة الاستقرار، ويقدمون صورة مشرقة عن وطنهم أمام العالم.
وقد عبّر جلالة الملك عن أهمية الصمود الوطني في مواجهة التحديات بقوله:
“الأردن قوي بإرادته، عصيّ على التحديات، صامد بشبابه المخلصين، المتمسكين بالوحدة والهوية والانتماء.”
ولن يكتمل الانتماء إلا إذا اقترن بالفعل والتأثير. فالوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالعرق والتضحية. وكل شاب يحمل في قلبه حب الوطن، عليه أن يبرهن على ذلك من خلال السلوك العملي، والمحافظة على الممتلكات العامة، واحترام الرموز الوطنية، والتفاعل الإيجابي مع قضايا المجتمع.
وفي الختام، نقول إن الوطن ليس مجرد حدود على خريطة، بل هو كيان حي في وجدان كل فرد. والانتماء له مسؤولية، والولاء له عهد لا يُنكث. والشباب هم أمل الوطن وروح نهضته، وبدونهم لا تقوم الأمم. فليكن حب الوطن زادنا، والعمل من أجله طريقنا، والتضحية في سبيله شرفًا نعتز به.