اليوم الوطني للقراءة تحفيز للقراءة يطلق مارد العقل لإحداث التنمية المعرفية

– لم يكن التاريخ الإنساني منذ بدء الخليقة إلا نتاج القراءة التي أطلقت مارد العقل لإحداث التراكم المعرفي الذي دونه الإنسان ليحجز مكانه تحت شمس التاريخ.

وتتسلّح أمة العرب التي وصفت بـ «أمة اقرأ» وفي الصميم منها الأردن، بخطاب رباني يأمر بالقراءة في الآية الكريمة، «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، والتي تمثل دعوة مفتوحة إلى القراءة التي تفتح آفاق العقل والعلم والفكر والمعرفة، وخير شاهد على ذلك تكرار عبارات «تعقلون» و»تتفكرون» و»تعلمون» في القرآن الكريم.

وتكريسا لهذا الإرث والوعي بأهمية القراءة ودورها في دفع حركة التنمية والتطوير وإحداث نقلة نوعية في سيرورة المعرفة والوعي والعلم، أقرت الحكومة أخيرا يوما وطنيا للقراءة، ليكون اليوم الخميس باكورة هذه الانطلاقة بوصفه يوما وطنيا لوضع الخطط اللازمة والبرامج النوعية لتحقيق المراد منه خدمة للتنمية المستدامة، وهو ما يتسق والسيرة الهاشمية في الحكم منذ تأسيس الإمارة في العام 1921.

وأولى الهاشميون منذ تأسيس الدولة الأردنية في عهد المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، العلم والمعرفة واللذين يتأتيان من القراءة، أهمية كبرى، إذ عمل الملك المؤسس وهو المثقف والأديب، على إطلاق أولى المداميك التي تسهم في تعزيز القراءة تجسيدا لأهميتها في تحصيل العلم والمعرفة في المجتمع الناشئ آنذاك.

وتمثل ذلك بتأسيس جريدة «الحق يعلو» حين وصل لمدينة معان عام 1920، والتي كانت تحمل الخطاب الثقافي والسياسي لمشروع الدولة الحديثة، في وقت لم يكن يصدر في منطقة الأردن أي صحيفة تشكل نقطة انطلاق لآفاق العلم والمعرفة والثقافة الرحبة.

وعلى صعيد النشر، وبعد وصول الملك المؤسس إلى عمان، دَعم تأسيس الصحف والنشر من خلال جلب أول مطبعة في عهد الإمارة إلى عمَّان عام 1922، ثم ظهرت مطبعة الحكومة عام 1925، وتبع ذلك ظهور مطابع أخرى مهمة منها مطبعة الاستقلال العربي عام 1932؛ والتي أسهمت في نشر ثقافة الطباعة التجارية ما ساعد في بزوغ نهضة عربية جديدة في البلاد.

كما ازداد في عهده عدد المدارس والطلبة والمعلمين المؤهلين، وتطورت المناهج والوسائل التعليمية والتخصصات العلمية.

وزارة الثقافة

مساعد الأمين العام في وزارة الثقافة وعضو لجنة مكتبة الأسرة الدكتور أحمد راشد، قال إن اليوم الوطني للقراءة يحتم علينا تنفيذ العديد من الأنشطة والاحتفالات بشكل دائم ومستمر على مدار هذا العام، سواء في عمان أو محافظات المملكة الأخرى، وبالتشارك مع الجهات المعنية كوزارة التربية والتعليم.

وأضاف، إن إقرار هذا اليوم الوطني يسهم في تحفيز القراءة، وإعارتها المزيد من الاهتمام، ليس من جهة الوزارة فحسب، بل بمشاركة المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة، لما للقراءة من أهمية كبيرة في إغناء المعارف ورفع الذائقة الفنية والمساهمة في معرفة العالم، وتعميق المعرفة لذاتنا وتاريخنا وهويتنا، والإطلاع على ثقافات الأمم الأخرى.

وأشار إلى جهود ودور وزارة الثقافة في إصدارات مكتبة الأسرة كل عام، والتي تسهم بدورها في التشجيع على القراءة، بالإضافة إلى العديد من البرامج المعنية بذلك، مشيرا إلى أن فعاليات اليوم الوطني للقراءة سيشتمل على إقامة معارض كتب وورش تدريبية حول القراءة، وأنشطة ثقافية، وستكون متاحة بشكل منظم ابتداء من العام المقبل، لافتا الى أنه سيكون لدور النشر الأردنية، دور في هذه الفعاليات باعتبارهم سفراء للكتاب الأردني في الداخل والخارج.

وأشار إلى أن هذا اليوم الوطني سيشكل حافزا لتجويد العمل في المؤشرات الوطنية للقراءة، وتفعيل برنامجها الوطني في محافظات المملكة.

مؤسسة عبد الحميد شومان

من جهته، رأى مدير المنتدى الثقافي والجوائز الأدبية في مؤسسة عبد الحميد شومان، موفق ملكاوي، أن قرار الحكومة اعتبار يوم 29 أيلول من كل عام، يوما وطنيا للقراءة، يمثل دفعة قوية لتكريس القراءة وتعزيزها لدى الشعب الأردني.

وقال الملكاوي «لو نظرنا إلى توزع المكتبات العامة جغرافيا داخل الأردن، لرأينا أنها غير موجودة خارج العاصمة عمان إلا بحدود ضيقة جدا، كذلك فإن مكتبات المدارس فقيرة جدا، ولا تشتمل على عناوين جاذبة للفئات المستهدفة، بينما جزء كبير منها معطل وفارغ».

وعن دور مؤسسة عبد الحميد شومان في تحفيز القراءة، بين أن عمل المؤسسة يمتد على مدار 44 عاما، لذلك، فهي تمتلك الخبرة لتصميم وتطوير العديد من البرامج والأنشطة والمسابقات التي تستهدف المنتفعين منها، وتعزز عادات القراءة.

المكتبة الوطنية

مدير عام دائرة المكتبة الوطنية، الدكتور نضال العياصرة، لفت إلى أن الاتفال بهذا اليوم بدأ من يوم الخميس الماضي، كما يتم تنفيذ حملة (كتابك صديقك) التي يتم من خلالها توزيع كتب مجانية أمام مدخل الدائرة على للمواطنين من أجل التشجيع على القراءة، بالإضافة إلى فعاليات أخرى ذات علاقة ومنها للأطفال.

وأشار إلى دور المكتبة في توزيع الكتب كإهداءات خاصة في المناطق النائية، والتي تسهم في دعم وتأسيس مكتبات.

رابطة الكتاب

رئيس رابطة الكتاب الأردنيين، أكرم الزعبي، أكد أنه من المهم تخصيص يوم وطني للقراءة، لكن الأهم هو ماذا سنعمل في هذا اليوم؟، مشيرا إلى أنه على الدولة بمختلف مؤسساتها الاهتمام بهذا اليوم عبر توفير الكتاب بأسعار رمزية يتمكن من خلالها كل مواطن من اقتناء الكتب بسهولة ويسر، إضافة إلى تخصيص مسابقات وطنية تعنى بالقراءة والقرّاء.

وأشار إلى أن المساهمة في إيجاد البيئة المحفزة، هي مسؤولية مشتركة بين الدولة ومؤسساتها وخاصة المدارس والجامعات لجهة المسابقات كما كان سابقا في وزارة التربية والتعليم عندما كان لديها مسابقة «أوائل المطالعين» على مستوى المديرية ثم المحافظة، ثم المملكة، وغيرها من المسابقات في الجامعات، بالإضافة إلى إبراز دور القراءة وأهميتها في وسائل الإعلام المختلفة، فيما يقع على عاتق الأسرة بيان أهمية القراءة والحض عليها من خلال ابتكار وسائل تشجيعية على ذلك.

دائرة المكتبات في أمانة عمان

مدير دائرة المكتبات العامة التابعة لأمانة عمان الكبرى، ثامر الشوابكة، قال إن دائرة المكتبات تعمل على تنفيذ برنامج تنمية ثقافة القراءة من خلال عدة مبادرات منها مبادرة «كتابنا حضارتنا» والتي تشمل توزيع 4 آلاف كتاب مجاني في كل محافظة من محافظات المملكة بشكل دوري للمجتمع المحلي، مبينا إن ذلك يأتي ضمن إطار الهدف الاستراتيجي نحو تعزيز التنمية الثقافية مع الحفاظ على تراث وأصالة المدينة، أما مبادرة «خذني إلى المنزل» فيتم خلالها توزيع كتب مجانية للمجتمع المحلي في جميع المكتبات الفرعية التابعة لدائرة المكتبات بهدف تشجيع المجتمع المحلي على القراءة وزيادة الإقبال على المكتبات ورفع نسبة رواد المكتبات، بحسب الشوابكة.

وأشار إلى مبادرة «أقرأ لأرتقي»، وهي مسابقة إلكترونية للقراءة للأطفال من 8-14 سنة؛ تهدف إلى تشجيع القراءة الهادفة والتنمية المعرفية للطلاب، بالإضافة إلى ذلك تعمل دائرة المكتبات على إنشاء منصة إلكترونية عبارة عن نظام متكامل للمكتبة المركزية والمكتبات الفرعية لتطوير العمليات وتحسين الخدمات الفنية وخدمة المستفيدين.

جمعية المكتبات والمعلومات

رئيس جمعية المكتبات والمعلومات الأردنية، الدكتور نجيب الشربجي، بين أنه يوجد في المملكة نحو 36 مكتبة جامعية، وعلى الأقل مكتبة عامة واحدة في كل محافظة من المحافظات، عدا عن مكتبات أمانة عمان الكبرى، مشيرا إلى أن القطاع الخاص ممثلا بالشراكات مع المجتمع بدأ بعمل مكتبات عامة في الأردن، كما إن المدارس في الأردن التابعة للقطاع العام والقطاعات الأخرى، يوجد في كل منها مكتبة مدرسية خاصة بها. وأرجع ضعف شراء الكتب من قبل الجهات المعنية من المعارض والمشاركة في المؤتمرات المعنية بالكتب والمكتبات إلى تراجع الأوضاع الاقتصادية ونقص الميزانية، خاصة بعد جائحة كورونا.

إدارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم

مدير إدارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم، الدكتور عبد السلام الشناق، قال إن الوزارة تولي اهتماما للقراءة، انطلاقاً من فلسفتها وإيمانها بدورها في تعزيز الانتماء للغة العربية، ولهذا تركز إدارة النشاطات التربوية من خلال مديرية النشاطات الثقافية والفنية – قسم النشاط الثقافي والبيئي، على وضع البرامج والمسابقات اللغوية ضمن خططها السنوية، وتسعى إلى صقل مواهب الطلبة اللغوية وترعاها وتعززها، وتنمي الشعور بالانتماء والاعتزاز باللغة العربية.

وأشار إلى عدد من المسابقات الثقافية التي تنظمها الوزارة وأخرى تشارك بها، ومنها مسابقة تحدي القراءة العربي التي وصل فيها عدد الطلبة المشاركين من الأردن للعام 2020 إلى مليون و400 ألف طالب، وحصلت المملكة الأردنية الهاشمية على المركز الأول على مستوى الوطن العربي. (بترا – بشرى نيروخ)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة