باحثون يوصون باستنطاق الموروث الأدبي في سياق جذور الحداثة

اختتمت فعاليات المؤتمر السنوي لمجمع اللغة العربية الأردني، والتي جاءت بعنوان “الأجناس الأدبية في النثر العربي القديم”، بالتعاون مع مبادرة “ض” إحدى مبادرات مؤسسة ولي العهد، وبمشاركة العديد من الأكاديميين والباحثين المحليون والعرب.
وأوصى المتحدثون في هذا المؤتمر بأهمية العمل على مواصلةِ تنظيم الفعاليات التي تستنطق موروثنا الأدبي في سياق استظهار جذورِ الحداثة الكامنة في مضاميننا التراثية، داعين إلى ضرورة الاشتغال بالمدونة الأدبية العربية في المغرب الإسلامي، ومحاولة ابتعاث مكنوناتها التي لا تقل أهمية وقيمة عما تتضَمنه المدونة الأدبية في المشرق العربي، ودعم البحث العلمي وتحقيق المخطوطات المتعلقة بالأدب العربي القديم، في المكتبات الأوروبية عبر اتفاقيات تعاون مع المؤسسات الأكاديمية الغربية.
ودعا الباحثون، إلى تحرير النظرية الأدبية ودراسة الأدب بعامة من تحَكم الفكر البلاطي فيها، وإعادة الاعتبار للأجناس التي تنكرت لها نظرية الأدب، ودراسة أثر التحول من الكلمة المسموعة إلى المقروءة في بناء نظرية الأدب في التراث العربي، ودراسة جهود الباحثين الأردنيين في دراسة النثر العربي القديم، والنثر العربيّ القديم في ضوء المناهج النقدية الحديثة، وإعادة قراءة موروثنا العربي القديم قراءات جديدة وفق المناهج والمصطلحات النقدية الحديثة واكتشاف جماليات اللغة والبناء في ذلك الموروث.
ودعوا إلى طرق باب “المناظرات والحجاج” والتعمق فيه أكثر بدراسة سمات وخصائص المناظرة بين الرجل والمرأة في العصرين الأموي والعباسي، والاهتمام بما تضمنه تراثنا التليد من أمثال، ومعالجتها من زاوية لسانية، وتداولية، ومعرفية، واستثمار التقنيات الحاسوبية في جمعها وتصنيفها وحصر دلالاتها وسياقاتها، ثم محاولة نقلها إلى ثقافات أخرى سواء بالبحث عن مكافئاتها في حضارات أخرى، أو بإيجاد بدائل لها في اللغات بهدف المحافظة على القدر الأكبر من سماتها الدلالية. وأن تدرس النصوص السردية القديمة بتركيز عال على التأويل وجماليات الترميز والكناية والتورية، واستخلاص جماليات البيان العربيّ الفصيح من النصوص ومناقشة تجلياتها في النصوص السردية.
وأشار المشاركون إلى أن اختيار موضوع الأجناس الأدبية في النثر العربي القديم جاء بسبب إشكالياته المتعددة، وندرة الأبحاث التي تطرقت إليه، وحرصاً من المجمع على الاهتمام بالدراسات التي عنيت بالأجناس الأدبية عند العرب في التراث القديم: تعريفاً، وتاريخاً، وتطوراً، وخصائصَ موضوعيةً وفنيةً، وأهمية التركيز على الأدب المهمش، وعدم تكرار دراسة ما هو معروف، وضرورة دراسة النصوص الأدبية دراسة ثقافية، والتعامل مع النصوص الأدبية على أنها نتاج فكري، وليست مجرد نتاج أدبي.
كما ركزوا على متابعة البحث والتنقيب والدراسة لكافة المظاهر الحضارية في كتاب “الاعتبار”، ودعوة كتاب (السناريو) إلى إبداع مسلسل تاريخي درامي عنوانه: “أسامة بن منقذ”، وفي كتاب “الاعتبار” أكبر عون على إنجاز هذا العمل الفني الحضاريّ المهم، كي تتعرف الأجيال العربية إلى مآثر أجدادها، وما أراده لها هذا العالم الفارس البطل، والمزيد من الدراسات النصية في المدونة الرحلية في النثر العربيّ القديم، والعناية بالنقد العربيّ القديم بوصفه الأساس المتين للخطاب النقدي الحديث، والإعلان عن مؤتمرات في المستقبل تعنى بالعلاقة الرابطة بينهما، ومراجعة التراث العربيّ مراجعة دقيقة لغرض الكشف عن الأنواع الأدبية القديمة وتحديد طبيعة علاقتِها بالأنواع النثرية الحديثة، وضرورة جمع رسائل الحجاج بن يوسف الثقفي من بطون الكتب التراثية، وإعطائها أهمية في الدراسة كما درست خطبه.
وتضمنت الجلسة الأولى في اليوم الثاني للمؤتمر التي ترأسها الدكتور سمير الدروبي محور المقامات والمنامات عرضاً لبحثين: الأول “غلبة النقد البلاطي على نظرية الأدب عند العرب”، قدمه الدكتور عبدالكريم الحياري، والثاني “جماليات الخطاب السردي في منام بهاء الدين الإربلي”، قدمه الدكتور فايز القيسي من جامعة مؤتة.
فيما تضمنت الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور إبراهيم السعافين في محور الزرزوريات والمناظرات عرضاً لثلاثة أبحاث: الأول قدمه الدكتور إبراهيم الياسين من جامعة الطفيلة التقنية بعنوان “ملامح الشعرية في المناظرات الأندلسية”، والثاني قدمه عن بعد الدكتور خليل عودة من جامعة النجاح الوطنية بفلسطين بعنوان “السرد الثقافي في نماذج من رسائل الزرزوريات”، والثالث قدمته الدكتورة عائشة الشامسي من كلية التقنية العليا في الإمارات العربية المتحدة بعنوان “البنية الحجاجية في فن المناظرة بين الرجل والمرأة في العصر الأموي”.
فيما تناولت الجلسة الثالثة التي ترأسها الدكتور محمد عصفور في محور الأمثال والحكم والوصايا عرضاً لثلاثة أبحاث: الأول “الفاعلية التواصلية للخطاب في أدب الوصايا عند العرب” قدمته الدكتورة خلود العموش من الجامعة الهاشمية وهو بحث مشترك مع الدكتورة ثناء عياش، والثاني “الثراء الدلالي للأمثال والأقوال السائرة المدونة بثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي” قدمه الدكتور خالد اليعبودي من جامعة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، والثالث قدمته الدكتورة ليديا راشد من جامعة فيلادلفيا بعنوان “الحكاية على ألسنة الحيوان بين ابن المقفع وإخوان الصفا..
يذكر أن المؤتمر الذي انطلقت فعالياته يوم الأربعاء الماضي تضمن خمسة محاور أساسية هي: التراجم والسير وأدب الرحلات، والرسائل الإخوانية والديوانية، والمقامات والمنامات، والزرزوريات والمناظرات، والأمثال والحكم والوصايا، وخمسة عشر بحثاً علمياً بمشاركة واسعة من اللغويين والمفكرين والباحثين وأساتذة الجامعات محلياً وعربياً وعالمياً، ووزعت المحاور على خمس جلسات إضافة إلى الجلسة الختامية والتوصيات، وبثت وقائعه عبر إذاعة المجمع ومنصاته الإلكترونية على مواقع التواصل.

الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة