بطء إعمار غزة يفاقم معاناة 50 ألف مشرد

يتسبب بطء عملية إعادة إعمار غزة في زيادة معاناة أكثر من خمسين ألف غزّي باتوا مشردين بلا مأوى بعدما تدمرت بيوتهم، نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير ضد القطاع، من دون أن تفلح مساعي التهدئة كثيرا في لملمة جراحهم النازفة من مخلفات الحرب الضارية.
وينتظر الغزيون، بقلق وتوجس كبيرين، دوران عجلة الإعمار بوتيرة أسرع من أجل إعادة بناء منازلهم التي دمرت كلياً في الحرب أو ترميم ما أصابها من عطب جزئي، مما يمكنهم من العودة للعيش فيها مجددا بعد افتراش ساحات مدارس وكالة الغوث الدولية “الأونروا” أو الضيافة عند بيوت أقاربهم، طيلة الفترة اللاحقة بالعدوان.
ويبزغ من بين ثنايا آليات الإعمار تحديات تضرر أكثر من 50 ألف وحدة سكنية، إما بشكل كلي أو جزئي، منها 40 ألف وحدة مُدمرة بشكل جزئي، و 1800 وحدة سكنية مدمرة كليا، و100 وحدة باتت غير صالحة للسكن، بالإضافة إلى تضرر عدد من الأبراج السكنية، بحسب وزارة الأشغال العامة في قطاع غزة.
ويقع على عاتق منفذي الإعمار مهام تأمين 700 ألف مواطن بالكهرباء و800 ألف شخص بالمياه، نتيجة تضرر شبكات الكهرباء والاتصالات وخطوط المياه وشبكات الصرف الصحي، طبقاً للمتحدثة باسم الصليب الأحمر في المحافظات الجنوبية الفلسطينية، سهير زقوت.
ويتراءى الخراب في كل ما يتصل بالبنية التحتية حتى الأراضي الزراعية، التي تكبدت أضرارا بنحو 27 مليون دولار طبقا لوزارة الزراعة في غزة، وذلك نتيجة الحرب، التي أضافت أعباء متراكمة ضاعفتها سنوات الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع لسنوات طويلة.
وتتباين تقديرات حجم الخسائر التي لحقت بالقطاع، لكن كلفة إعادة الإعمار قد تصل في مرحلتها الأولى، وفق وزارة الأشغال العامة في غزة، إلى 165 مليون دولار، إضافة إلى عجز بقيمة 150 مليون دولار من الحروب السابقة، فيما زادت تكلفة أضرار القطاعات المختلفة، من بنية تحتية واقتصاد وغيرهما، عن 500 مليون دولار، في ظل عجز بقيمة 600 مليون دولار متراكمة عن الحروب السابقة.
وفي تصور السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، الدكتور أسامة شعث، إلى تقديرات الإعمار
بـ 8 مليارات دولار، وهي أعلى مما كانت عليه في العام 2014 الذي شهد أيضاً موجة عنف إسرائيلية شبيهة.
العنصر الإسرائيلي المُعطل
وبالرغم من المساعي المصرية العربية والدولية الحثيثة للدفع قدماً بآليات مراحل الإعمار تباعاً، غير أن التعنت الإسرائيلي قد يعطلها في أي وقت، عند رفضه دخول مواد البناء اللازمة للإعمار أو سيطرته على المعابر وفق اتفاقية المعابر لعام 2005، أو الإبقاء على موقفه المتشدد بربط الإعمار بملف الأسرى والجنود الإسرائيليين المفقودين لدى حركة “حماس”، وهو الأمر الذي ترفضه الأخيرة مع بقية الفصائل الفلسطينية.
فقد سمحت سلطات الاحتلال بادخال الوقود القطري لمحطة الكهرباء في غزة بعد منعه منذ العاشر من أيار (مايو) الماضي .
وقال مدير العلاقات العامة بشركة توزيع الكهرباء بغزة، محمد ثابت، إن سلطة الطاقة أعادت تشغيل المولد الثالث في محطة توليد الكهرباء بعد توريد الوقود اللازم من الجانب الاسرائيلي.
وأشار ثابت إلى أن تشغيل المولد الثالث سيمكن شركة الكهرباء من تطبيق جدول 8 ساعات يومياً، مبيناً أن الصورة كاملة ستتضح بعد احتساب كمية الطاقة الواصلة للقطاع من مصادرها المختلفة.
يأتي ذلك بالتزامن مع توجه وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة الأسبوع الحالي، لإجراء محادثات حول هدنة طويلة الأمد مع قطاع غزة، طبقا للمواقع الإسرائيلية.
وتأتي زيارة هذا الوفد في ظل اتخاذ السلطات الإسرائيلية خطوات تحسينية مع غزة، شملت توسيع مساحة الصيد وفتح جزئي للمعابر، وصولا للسماح بإدخال الوقود القطري لمحطة توليد الكهرباء في غزة.
وتتحدث القوى والفصائل الفلسطينية حول ضرورة عقد مؤتمر دولي لإعمار غزة، أسوة باحتضان القاهرة محفلاً مشابهاً عقب حرب 2014، من أجل ضمان تنفيذ عملية الإعمار في توقيت زمني محدد.
وفي وقت سابق؛ بادرت القاهرة بتقديم 500 مليون دولار لإعادة الإعمار، ووجهّت الشركات المصرية المتخصصة بالمشاركة في تنفيذ عملية إعمار غزة، تزامناً مع قيام صندوق “تحيا مصر” بتخصيص حساب لإعادة إعمار غزة في كل البنوك، لتلقي المساهمات من الداخل والخارج من أجل إصلاح ما تم هدمه، وتلبية احتياجات الفلسطينيين.
فيما أعلن برنامج الأغذية العالمي، عن حاجته إلى 14 مليون دولار ليتمكن من تقديم المساعدة الطارئة لنحو 160 ألف شخص تضرروا في القطاع و60 ألفاً آخرين في الضفة الغربية، فضلاً عن حاجته لـ31.8 مليون دولار إضافية لتقديم المساعدات الاعتيادية لأكثر من 435 ألف شخص في غزة والضفة الغربية لمدة 6 أشهر مقبلة.

نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة