بـ112 مليار دولار.. خطة تحويل غزة لـ”ريفييرا” الشرق الأوسط تعود للواجهة وسط شكوك بتنفيذها

عمان – تعود خطة الرئيس الأميركي “دوالد ترامب” لتحويل غزة إلى “ريفييرا” الشرق الأوسط للواجهة مجدداً، ولكن هذه المرة بشكل تنفيذي أكثر عقب تقدير حجم التكلفة بقيمة 112 مليار دولار، بهدف إعادة تشكيل القطاع وجعله وجهة سياحية فاخرة، وفق القائمين على الخطة، وسط شكوك بإمكانية تنفيذ المشروع المطروح.
وقد تكفل كل من المبعوثين الأميركيين “جاريد كوشنير” و”ستيف ويتكوف” بتطوير الخطة الأميركية الضخمة، التي لا توضح مصير أكثر من مليوني فلسطيني سيتأثرون بعمليات البناء وإعادة الإعمار، باستثناء الإشارة إلى حلول سكنية مؤقتة.
وفي سياق تعهد الرئيس “ترامب” بإعادة إعمار غزة عقب رعايته اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء حرب الإبادة الصهيونية ضد القطاع، فقد عمل كل من “كوشنر” و”ويتكوف” خلال الأسابيع الماضية على صياغة مقترح أولي أطلق عليه اسم مشروع “شروق الشمس”، يهدف إلى إعادة هيكلة قطاع غزة بالكامل وتحويله على مراحل إلى منطقة حديثة ذات طابع استثماري وسياحي.
وتتضمن الخطة أفكارا مكلفة وطموحة، من بينها تطوير فنادق فاخرة على الشاطئ، وإنشاء شبكة سكك حديدية عالية السرعة، واعتماد شبكات كهرباء محسنة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بتكلفة إجمالية تُقدر بنحو 112.1 مليار دولار موزعة على عشر سنوات، وفق ما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
وفي حال الموافقة على الخطة، يمكن أن يبدأ تنفيذها خلال شهرين، إلا أن ذلك يتطلب أولا معالجة تحديات هائلة، من بينها إزالة نحو عشرة آلاف جثة من تحت ما يقارب 68 مليون طن من الأنقاض، وتنظيف التربة من التلوث، وإزالة الذخائر غير المنفجرة.
وعند انطلاق المشروع، يتضمن برنامجا من أربع مراحل، تبدأ بتوفير مساكن مؤقتة، ومستشفيات ميدانية، وعيادات متنقلة لمعالجة الجرحى، قبل الانتقال إلى إعادة بناء البنية التحتية الأساسية من طرق معبدة وخطوط كهرباء جديدة وزراعة الأراضي، وصولا إلى الجوانب الأكثر تطورا وحداثة.
يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” عن التوصل إلى “تفاهمات مبشرة” خلال المحادثات المتعلقة بغزة، والتي عُقدت في ميامي بمشاركة مسؤولين من الولايات المتحدة ومصر وقطر، لبحث إمكانية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال “فيدان”، في تصريحات له أمس، أن انتهاكات سلطات الاحتلال لوقف إطلاق النار في غزة تُعرّض خطة السلام للخطر، وأن جميع الأطراف متفقة على ذلك.
وتحدث عن مضي فترة طويلة على خطة السلام في غزة التي جرى تفعيلها بناء على التفاهمات التي تم التوصل إليها في قمة السلام بمدينة شرم الشيخ، لافتاً إلى أن “الآن، وبما أن المرحلة الأولى قد اكتملت بعد تسليم آخر جثة أسير، فقد بدأ الحديث عن معايير الانتقال إلى المرحلة الثانية”.
وأوضح الوزير التركي، أن الاجتماع يبعث على الأمل، وأنه أتاح فرصة لمناقشة المشكلات التي ظهرت في المرحلة الأولى بشكل مفصّل، مبيناً تأكيد تركيا على أن انتهاكات الاحتلال المستمرة لوقف إطلاق النار تُعرض خطة السلام للخطر، وتشكل مخاطر كبيرة أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية.
وأشار إلى أن “جميع الأطراف متفقة على هذا الأمر، وقد تم إجراء نقاشات مختلفة حول السبل الكفيلة بمنع هذه الانتهاكات”، مؤكداً أهمية استمرار الدول الأربع الوسيطة، وهي قطر والولايات المتحدة وتركيا ومصر، مشاوراتها رفيعة المستوى بأقصى قدر ممكن من الكثافة.
وأفاد أن من بين القضايا التي نوقشت أمس بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية، دراسة تمهيدية حول إعادة إعمار غزة، مشيراً إلى الموقف التركي بشأن 3 معايير متعلقة بهذا الخصوص، تتمثل في: أولا: أن تحكم غزة من قبل سكانها، ثانياً: ألا تُقسَّم أراضي غزة بأي شكل من الأشكال، ثالثاً: أي شيء سيتم القيام به في غزة يجب أن يكون من أجل سكانها.
وأوضح “فيدان”، أنه “طالما تتم مراعاة هذه الخطوط الحمراء الثلاثة، فإن القضايا الأخرى يمكن مناقشتها ضمن منصة تقنية”، متوقعاً ضخ استثمارات كبيرة لإعادة إعمار غزة، والتي يجب أن تكون لأجل سكان القطاع.
وأشار إلى مناقشة الجدول الزمني لنقل إدارة غزة إلى لجنة مكوّنة من تكنوقراط، وبحث كيفية تفعيل “مجلس السلام” والأعمال الجارية المرتبطة به، مشدداً على الأهمية البالغة لموضوع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين بقطاع غزة.
وكان البيان الصادر عن الاجتماع قد أكد التزام الوسطاء الكامل بجميع بنود خطة “ترامب” للسلام، وتأكيدهم على تمكين هيئة حكم في غزة تحت سلطة غزية موحدة ضمن المرحلة الثانية، ودعم إنشاء وتشغيل “مجلس السلام” كإدارة انتقالية.

