جرش.. الاستثمار قرب نبع القيروان يصطدم بمخاوف نقص ضخ المياه

جرش- أثار قرار بلدية جرش الكبرى، بطرح مجموعة من قطع الأراضي التي تقع قرب نبع القيروان، للاستثمار، استياء أهالي محافظة جرش، حيث أكد عدد منهم أن “أي استثمار في المنطقة التي تحيط بنبع القيروان سيؤثر على كمية ضخ المياه من أحد أهم مصادر مياه الشرب في المحافظة التي تعد الأفقر مائيا على مستوى المملكة”.

إلا أن آخرين رأوا أن “قطع الأراضي تعد ملكا للبلدية وهي صاحبة الصلاحية في الاستثمار بها من خلال إقامة مشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص، لا سيما أن موقع الأراضي مناسب ووسط المدينة وقريب من الموقع الأثري، وسيكون من أفضل الاستثمارات التي ستعود بالنفع على البلدية والمجتمع المحلي وتعزز الشراكة مع القطاع الخاص”.
وكانت وزارة المياه والري، خاطبت وزارات الإدارة المحلية والبيئة والداخلية، مطالبة بإيقاف الاستثمار قرب نبع مياه القيروان، نظرا لتأثيره المباشر على تدفق المياه ونوعيتها.
ووفق وثيقة اطّلعت عليها “الغد”، فقد طرحت بلدية جرش الكبرى فرصة استثمارية لمدة 25 عاما لقطع الأراضي رقم (124، 125، 126) وجزء من القطعة (448) في حوض البلد رقم 6، بمساحة إجمالية تبلغ 5448 م².
وأوضحت الوثيقة أن وزارة المياه والري تعطي أولوية قصوى لتأمين مياه الشرب، خصوصا في ظل انخفاض كميات الأمطار والضخ الجائر للمياه الجوفية ونقصانها المستمر، وشح المصادر المائية هذه الأيام، لا سيما أن القطع المذكورة التي تعتزم بلدية جرش الكبرى استثمارها تقع ضمن منطقة الحماية الثانية للمصدر المائي، فضلا عن وقوعها ضمن منطقة ذات حساسية عالية لتلوث المياه الجوفية.
وبلغت كميات التزويد المائي من نبع القيروان للعام 2024 نحو 629,281 م³، لتخدم ما يزيد على 30 ألف مواطن.
شروط تحكم العلاقة بين البلدية والمستثمر
بدوره، أوضح رئيس بلدية جرش أحمد العتوم أن البلدية اتخذت القرار البلدي رقم (44/2/1/9046) بطرح قطع الأراضي المملوكة لها بالكامل بالقرب من نبع القيروان كفرص استثمارية، وفق شروط مرجعية تحكم العلاقة بين البلدية والمستثمر، بما يتناسب مع طبيعة الأرض البيئية والجيولوجية.
وأشار العتوم إلى أنه تم الإعلان للمستثمرين عبر الصحف المحلية، وكان آخر موعد للتقديم نهاية الشهر الماضي، لتقديم أفكار استثمارية تتناسب مع طبيعة الأرض، لكن لم يُقدم أي مستثمر أفكارا بناء على الإعلان، مؤكدا أنه “لا يوجد أي نوع من الاستثمار في قطع الأراضي مدار البحث”.
حديث العتوم جاء خلال لقاء عقدته البلدية في مقر نقابة المهندسين – فرع جرش، للاستماع إلى الشروط الفنية لإنشاء الاستثمارات بالقرب من مصادر المياه، حيث أكد أيضا أن “بلدية جرش تلتزم التزاما كاملا رسميا بنقل الصورة الدقيقة للمواطنين بما يخدم المصلحة العامة، ويعزز من الشفافية والثقة في مؤسسات الدولة، خصوصا مع وجود بعض الممارسات صدرت من مجموعة معينة عبر منصات التواصل الاجتماعي، تمثلت في نشر معلومات مغلوطة وأخبار غير دقيقة صادرة عن أشخاص غير مختصين ولا يملكون المعلومة الكاملة بخصوص هذا الاستثمار، لا سيما أن البلدية هي صاحبة المشروع، وهي مالكة هذه القطع، وهي صاحبة الولاية عليها”.
كما أكد أنه لا يوجد أي نوع من أنواع الاستثمار أو الشراكة مع القطاع الخاص على قطع الأراضي مدار البحث، وما قامت به البلدية هو طرح قطع الأراضي المملوكة بالكامل للبلدية بالقرب من نبع القيروان كفرص استثمارية، وفق شروط مرجعية تحكم العلاقة بين البلدية والمستثمر، وذلك حسب طبيعة الأرض البيئية والجيولوجية.
وحسب الإعلان الذي نشرته البلدية في الصحف المحلية، اشترط على المستثمر أن يقدم دراسة الأثر البيئي وكافة الموافقات والتصاريح اللازمة من الجهات ذات العلاقة، بما فيها سلطة المياه ووزارة المياه والري لفكرة المشروع.
وأضاف العتوم أنه لم يتم تقديم أي أفكار استثمارية بناء على الإعلان المنشور من قبل البلدية، وعليه رفعت لجنة الاستثمار في البلدية تقريرا بذلك للمجلس البلدي.
ولفت العتوم إلى أن الحفاظ على البيئة ليس خيارا، بل هو واجب وطني وأخلاقي، والبلدية ملتزمة بهذا الواجب التزاما تاما بالتنسيق الكامل مع الوزارات والجهات ذات العلاقة، ووفق ما تنص عليه القوانين والأنظمة التي تنظم العمل البلدي.
الحفاظ على المصادر الطبيعية
وأضاف أن “البلدية تقدر عاليا حرص المواطنين على الحفاظ على مصادرهم الطبيعية في مدينتهم، والبلدية، وبالتنسيق الكامل مع الوزارات والدوائر ذات العلاقة، تتحمل المسؤولية الكاملة في الحفاظ على الموارد الطبيعية، خصوصا مصادر المياه، وضمان عدم المساس بها بأي شكل من الأشكال”.
إلى ذلك، أكدت البلدية في بيان صحفي، أن موقفها ثابت وأساسي في حماية البيئة والمصادر الطبيعية، وفي مقدمتها مصادر المياه، وذلك استنادا إلى أحكام قانون الإدارة المحلية الذي يعزز دور البلديات كمؤسسات وطنية تسعى لخدمة المواطن وحماية الموارد وتحقيق التنمية المحلية المستدامة، باعتبارها إحدى ركائز التنمية الشاملة.
وفي هذا السياق، قامت البلدية بطرح القطع المذكورة أعلاه للعموم كفرصة لتطوير المنطقة بما يتناسب مع طبيعتها البيئية والجيولوجية، وقامت بإعداد شروط مرجعية محكمة تهدف إلى ضمان توافق أي مقترحات استثمارية مع الخصوصية البيئية والجغرافية والهيدرولوجية للمنطقة بما يكفل الحفاظ على طبيعتها ومواردها الطبيعية، وعلى رأسها نبع القيروان.
وذكرت أنه “انطلاقا من هذا النهج المؤسسي، كلفت البلدية المركز الدولي للدراسات الهندسية والجيولوجية بإعداد دراسة فنية شاملة لفحص التربة تغطي قطع الأراضي المذكورة أعلاه، بهدف التحقق من مدى ملاءمتها للاستخدامات المقترحة”.
تحسين الواقع البيئي والخدمي
وأوضحت البلدية أن جميع الإجراءات والمبادرات التي تقوم بها تهدف أولا وأخيرا إلى تحسين الواقع البيئي والخدمي في مدينة جرش، وبما ينسجم مع تطلعات المجتمع المحلي، وضمن شراكة حقيقية معه، وبعيدا عن أي اعتبارات أو مصالح فئوية.
كما أكدت التزامها الكامل بالتنسيق مع وزارة المياه والري وسلطة المياه لضمان حماية مصادر المياه من أي تأثيرات سلبية مباشرة أو غير مباشرة، واتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية اللازمة في هذا الإطار، مع الإشارة إلى أن مصادر المياه محمية بموجب التشريعات النافذة التي تجرّم أي مساس بها في ظل دولة القانون والمؤسسات.
وأضافت البلدية أن ضم وتوحيد القطع المتلاصقة والمملوكة لها هو إجراء تنظيمي بحت ضمن سياسة إدارة وتنظيم أملاك البلدية، ويهدف إلى تعزيز كفاءة استخدامها وتسهيل تخطيط المشاريع المستقبلية ضمن النطاق القانوني.
وجددت التأكيد على أن كل ما تقوم به من مبادرات ومشاريع يخدم المصلحة العامة، ويأتي ضمن التوافق مع المجتمع المحلي، ويستند إلى عمل مؤسسي وقانوني واضح، لا يخضع لأي اعتبارات شخصية، وتستثني تلقائيا أي مقترحات لا تتوافق مع الاشتراطات المرجعية أو تتعارض مع حماية البيئة والموارد الطبيعية.
بدوره، بيّن عضو النقابة خلدون الزريقات أن أي استثمار قرب مصادر المياه يخضع لشروط وموافقات من الجهات المختصة، مثل وزارات الداخلية، والمياه والري، والبيئة، والإدارة المحلية، والصناعة والتجارة، والزراعة، والصحة، والأمن العام، والسياحة والآثار.
وأضاف الزريقات أن الاستثمار قرب مصادر المياه يتطلب دراسة الأثر البيئي ودراسات فنية؛ لضمان عدم تأثيره على المصادر المائية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة