جرش.. المهرجانات السياحية والزراعية رافعة اقتصادية وتنموية

جرش– لم تعد محافظة جرش تقتصر على كونها مدينة أثرية عريقة تستقطب السياح من جميع أنحاء العالم، بل تحولت إلى مركز حيوي للنشاط الاقتصادي والتنموي بفضل سلسلة من المهرجانات التسويقية التي أثبتت دورها الفعّال في النهوض بواقع أهالي المحافظة كمهرجان جرش للثقافة والفنون والمهرجانات الزراعية والإنتاجية.
الفعاليات التي تنظم بشكل دوري لا تقتصر على عرض المنتجات المحلية فحسب، بل تعد منصة شاملة لتمكين الأفراد، وخلق فرص تسويقية مباشرة، وتنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية.
وتعتبر المهرجانات التسويقية، مثل “مهرجان جني العسل” و “مهرجان مواسم الخير الزراعي” ومهرجان جرش للثقافة والفنون بمثابة شريان حيوي لتمكين المنتجين والمزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة في جرش الذين كانوا يعتمدون على قنوات تسويق محدودة، غالبا ما تؤدي إلى تكدس المنتجات وصعوبة الوصول إلى المستهلكين.
تقول المنتجة فاديا النظامي “المهرجانات فرصة ذهبية لنا، فبدلاً من البحث عن أسواق بعيدة بتنا ننتظر المستهلكين يأتون إلينا ما يسهل علينا عملية البيع ويشجعنا على الاستمرار في الإنتاج”. مضيفة: “المهرجانات المتخصصة كمهرجان العسل تتيح للمشاركين التركيز على منتجات معينة وإبراز جودتها ما ينعكس إيجابا على سمعة المنتج، إذ أصبحت جرش التي تضم أكثر من 300 مزرعة نحل تعرف بجودة عسلها ما يعزز من عملية تسويقه”.
وتشكل هذه المهرجانات رافعة اجتماعية واقتصادية مهمة، خصوصًا بالنسبة للنساء الريفيات اللواتي يمتلكن مشاريع إنتاجية منزلية. المطابخ الإنتاجية المتخصصة في المأكولات الشعبية والمونة الجرشية تجد في هذه المهرجانات فرصة مثالية لعرض منتجاتها.
ويبين قائمون على هذه المهرجانات أن هذه الفعاليات تساهم بشكل كبير في تمكين السيدات وتطوير مهاراتهن وقدراتهن وتوفير مصادر دخل مستقرة للعائلات، فالمشاركة في هذه المهرجانات تمنح المرأة الثقة اللازمة لتوسيع مشروعها، وتُشجعها على الابتكار في منتجاتها. هذا الدعم لا يقتصر على التسويق، بل يمتد ليشمل بناء القدرات من خلال ورش العمل واللقاءات التفاعلية التي تُعقد بالتوازي مع الفعاليات.
ووفق رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية نبيلة أبو غليون فإن مهرجان جرش من أكبر المهرجانات على مستوى العالم وفيه تلتقي الثقافات والحضارات ويشارك فيه من مختلف دول العالم مما يتيح فرصة كبيرة وواسعة مع المنتجين من مختلف محافظات المملكة وعدد المشاركين من الحرفيين والمنتجين لا يقل عن 280 منتجا للتشبيك مع مؤسسات تسويقية وإعلانية داعمة ويتيح لهم فرصة عرض منتجهم في الأسواق العالمية.
وتضيف إن المهرجانات والفعاليات تساعد المنتجين على تغطية تكاليف العمل وتسويق المنتجات الغذائية أولا بأول، لا سيما وأن صلاحية المواد الغذائية محدودة ويجب أن يتم تسويقها بأسرع وقت، مشددة على ضرورة تعظيم الاستفادة من المزايا السياحية والأثرية والجغرافية والاقتصادية والإنتاجية لمدينة جرش للدفع نحو تمكين المرأة وفتح آفاق اقتصادية للأسر.
وتؤكد أبو غليون أن سبب الإقبال على منتجات جرش نظرا لسمعتها وجودتها وأسعارها واعتمادها على منتجات طبيعية زراعية، فضلا عن طبيعة ونوعية هذه المنتجات التي تتناسب مع مختلف الأذواق وتعتمد على مواسم إنتاجية ممزية مثل المنتجات الغذائية في مختلف المواسم وصناعة الحرف اليدوية والتقليدية والتاريخية والتجميلية والعلاجية التي تسوق للسياح بشكل خاص، مبينة أن هذه المهرجات التي تسوق منتجاتهم وتساعد على تطويرها توفر مصادر دخل ثابتة للعوائل وتشجع مشاريع تمكين المرأة والمشاريع التي تنفذها الجمعيات الخيرية والتعاونية، خاصة وأن السيدات يستثمرن حدائق المنازل ومعامل صغيرة ومطابخ منازلهن في العمل والإنتاج في سبيل تحسين ظروفهم المعيشية والاقتصادية.
ويقول رئيس منتدى جبل العتمات المهندس خلدون عتمة إنه يحرص سنويا على إقامة معرض للمنتجات من أعضاء المنتدى وغيرهن من السيدات العاملات في مشاريع إنتاجية منزلية وعرض منتجات الحرفيين والفنانيين في مواقع مناسبة وأطول وقت ممكن، نظرا لدور هذه الفعاليات في تسويق المنتجات وتطويرها وتحديثها والتشبيك مع مؤسسات وجهات أوسع لتطوير هذه المنتجات ونقلها إلى مستوى آخر.
ويوضح عتمة أن محافظة جرش أصبحت مركزا مهما وحيويا لهذه المنتجات ويقصدها الزوار من مختلف دول العالم ومن شتى المحافظات نظرا لسمعتها في إعداد هذه المنتجات وطريقة العمل فيها ومواقع العرض المناسبة والفعاليات التي تقام بالتزامن مع هذه المهرجانات وتشجع العوائل على زيارتها والتسوق منها من مختلف الأقطار والمحافظات على مدار العام خاصة في هذه الفترة التي تعتدل فيها درجات الحرارة وتوقيت تجهيز المونة قبل بدء فصل الشتاء.
وتتميز محافظة جرش بمنتجاتها الغذائية والتاريخية والتراثية والزراعية الحديثة التي تتناسب مع واقع المدينة الأثري والسياحي، فضلا عن انتشار المطابخ الإنتاجية المتخصصة في المأكولات الشعبية والمونة الجرشية والأعشاب وكافة مستلزمات المطبخ الأردني التي تحرص ربات المنازل على توفيرها.
وتساعد هذه المعارض والمهرجانات التي تنظمها الجمعيات الخيرية ومديرية الزراعة ومديرة الثقافة والمطابخ الإنتاجية بشكل كبير وواسع على تسويق هذه المنتوجات والترويج لها حتى لا تكسد البضائع التي تجهز سنويا، تمهيدا لبدء موسم إنتاجي جديد مع موسم قطاف الزيتون وفق المنتجة ريم العتوم.
وتؤكد العتوم أن المهرجانات فرصة تسويقة مناسبة خاصة وأن كل مهرجان يتخصص بأنواع وأنماطا غذائية متخصصة، كمهرجان جني العسل الذي تعرض فيه كميات ونوعيات كبيرة من العسل، إضافة للصناعات الغذائية التي تحتاج إلى مسار سياحي خاص نظرا لكثرتها وتنوعها وجودتها، موضحة أن المهرجانات والمعارض التسويقية توفر فرصا تسويقية وتشجيعية ومواقع عرض مناسبة للجهات المنتجة والمواطنين والزوار في جرش، وتوفر مواقع ومواقيت مناسبة لجمع المنتجين والمتسوقين في مكان مناسب.
وتوضح أن المنتجين والمزارعين والمطابخ الإنتاجية ينتظرون بفارغ الصبر مهرجان مواسم الخير الزراعي الأول نظرا للتنوع فيه وطول مدة المهرجان وتوقيته في نهاية الأسبوع وآخر الشهر وقريب من المدينة الأثرية وهذا ينشط الحركة السياحية الداخلية للمحافظة ويتيح فرصة للمنتجين لتسويق منتجاتهم في موقع سهل الوصول إليه وواسع ويغطي حاجة جميع المنتجين.
وتبين رئيسة مهرجان جمعية الرائدات الريفيات دلال قردن أن مهرجان جني العسل ومنتجاته الذي تنظمه الجمعية بالتعاون مع منظمة الفاو، أتاح الفرصة للمنتحين لعرض منتجاتهم التي تتمز بجودة ونوعية وأسعار منافسة، مؤكدة أن الجمعية ستعمل على توسيع المبادرات بما يسهم في تحسين سبل العيش ودعم النساء الريفيات وتطوير المهارات والقدرات التي يمتلكنها للإسهام بالنهوض بواقعهن الاقتصادي والمعيشي.
بدورها تؤكد مديرة زراعة جرش علا المحاسنة أهمية إقامة المهرجانات نظرا لأهميتها التنموية كونها تشكل نافذة لتسويق المنتجات الزراعية وتعرض تجارب الزراعات الحديثة المتطورة الناجحة، موضحة أن المهرجانات تعزز الوعي المجتمعي بأهمية الإنتاج المحلي والمنتجات العضوية وتسهم في فتح قنوات شراكة بين المزارعين والمستهلكين والقطاع الخاص.