جرش.. غابات وديان الشام تنتظر بدء مراحل التعافي من آثار الحرائق

جرش- من المقرر أن تبدأ مديرية حراج جرش بعد بضعة أسابيع بإزالة الأشجار المتفحمة التي تعرضت للحريق في غابات وديان الشام بمنطقة ساكب قبل نحو أسبوع، والذي أتى على ما يزيد على 250 دونما، تمهيدا لتنظيفها من مخلفات الحريق وتجديد زراعتها وإعادة الاهتمام بها مجددا، وفق خطة وزارة الزراعة بشأن الغابات التي تتعرض للحريق لضمان الحفاظ عليها.

ووفق رئيس قسم حراج جرش المهندس إبراهيم قوقزة، فإن خطة وزارة الزراعة تتمثل في تنظيف الغابات من مخلفات الحريق وجمع الأحطاب من خلال فريق عمل متكامل، وعمال من الزراعة وقسم الحراج، وبيع الأحطاب للمواطنين من خلال الوزارة.

وأضاف أنه لا يمكن حصر الكميات حتى الآن لامتداد المساحة واختلاف درجة الحريق من موقع إلى آخر، ومن ثم ترك الأشجار التي تتجدد بنفسها وتحريج المناطق والبقع التي ستبقى فارغة، وهذا يحتاج إلى بروتوكول متكامل، خصوصا أن مساحة الحريق كبيرة وواسعة، وطبيعة الأرض شديدة الانحدار وتحتاج إلى آليات ومعدات خاصة.
ويشدد قوقزة على أن الغابة التي تعرضت للحريق مرتين خلال ثلاث سنوات، وبمساحات كبيرة جدا، تعد من أكبر وأجمل الغابات على مستوى العالم، وفيها تنوع طبيعي وحيوي نادر وغير موجود في أي منطقة أخرى، وتضم أنواعا من الأشجار والحيوانات الفريدة، مثلما تعد أيضا من أهم الممرات السياحية لسياحة الممرات وسياحة المغامرات والسياحة البيئية، وتضررها يلحق الضرر بهذا النمط السياحي.
لكن قوقزة يؤكد أن وزارة الزراعة ستبذل قصارى جهدها في تنظيف الغابة من مخلفات الحريق وإعادة إحيائها والاهتمام بها لضمان عودتها إلى الحياة بأسرع وقت ممكن.
إعادة إحياء الغابة يحتاج لسنوات
وأوضح أن العمل في إعادة إحياء الغابة يحتاج إلى سنوات، كون المساحة واسعة، وأنواع الأشجار التي كانت مزروعة فيها معمرة ومميزة، وهي الصنوبر والسنديان واللزاب والقيقب، وهذه الأشجار تحتاج إلى سنوات طويلة جدا حتى تعود كما كانت قبل الحريق.
وبين قوقزة أن الجهات الأمنية ما تزال تحقق في سبب اندلاع الحريق الأخير في غابات وديان الشام، ودمر بنية تحتية طبيعية وبيئية واسعة ومميزة وسياحية وبرية لا مثيل لها في الأردن.
وأعاد حريق غابات وديان الشام المفتعل، ملف حماية الغابات إلى الواجهة مجددا، وسط مطالب بتكثيف الرقابة للحد من الاعتداءات التي تشهدها الغابات وتطوير آلياتها، وكذلك تشديد العقوبات الرادعة بحق من يثبت تورطه في القيام بأي عمل من شأنه الإضرار بالبيئة.
وأتى الحريق على مساحة تتجاوز 250 دونما من الأراضي الحرجية، فيما بلغ عدد الأشجار المعمرة التي تعرضت للاحتراق نحو 1400 شجرة، وفق التقديرات الأولية لمديرية زراعة جرش.
وقالت مديرة زراعة جرش الدكتورة علا المحاسنة، إن جميع المؤشرات تدل على أن الحريق مفتعل، لا سيما أن النيران اشتعلت في الوقت نفسه في عدة مواقع متفرقة، فضلا عن شهود عيان أكدوا وجود مواطنين في الغابة نفسها أثناء اشتعال الحريق، مما يؤكد أن الحريق مفتعل.
وأضافت أن موقع الحريق هو في الغابة نفسها التي تعرضت للحريق المفتعل قبل عامين، والذي استمر خمسة أيام متواصلة، مما استدعى تدخلا سريعا من الأجهزة الأمنية وبدء التحقيقات الفورية لإلقاء القبض على الفاعلين وإيقاع أشد العقوبات بهم، وتشكيل لجان متخصصة لتحديد أسباب الحريق، حيث سيتم إعلان النتائج فور انتهاء عمل اللجان.
وأوضحت المحاسنة أن كوادر الزراعة قامت على الفور برصد الحريق من خلال أبراج المراقبة والدوريات، واتخاذ إجراءات فورية، وأهمها التشبيك مع الدفاع المدني وكوادره، بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية، لغاية إطفاء الحريق بأسرع وقت ممكن والسيطرة عليه، رغم الظروف الصعبة التي كانت تحيط بهم، لا سيما أن منطقة الحريق شديدة الوعورة والتضاريس، والوصول إليها يتطلب تدخلا سريعا من خلال قطع الأشجار وفتح طرق وخطوط نار من أجل الوصول إلى موقع الحريق ومنع انتشاره، والتعامل بحرفية مع الرياح الشديدة ودرجات الحرارة المرتفعة، لمنع انتشار الحريق في غابة تتصف بالكثافة الشجرية والتشابك الكبير بين الأشجار.
تشديد العقوبات بحق المعتدين
بدوره، يرى الناشط البيئي ورئيس الجمعية الخضراء لحماية البيئة والطبيعة غسان العياصرة أن إحراق الغابات بفعل متعمد هو من أكبر الجرائم التي تتعرض لها الغابات في كل عام، ويجب أن يتم تشديد العقوبات والإجراءات للحد من هذه الاعتداءات، التي طالت آلاف الدونمات على مدار بضعة أعوام، حتى تحولت أكبر غابات الأردن المتشابكة والحرجية، وعمرها يزيد على آلاف السنين، وهي غابات وديان الشام، إلى أرض جرداء قاحلة، في مشهد مؤلم ومحزن لم تشهد الغابات مثله من قبل.
وقال إن أجهزة المراقبة في مديرية الزراعة يجب أن تكون مجهزة لرصد هذه التجاوزات على الفور والإبلاغ عنها والحد من العبث، خصوصا أن المساحة الخضراء والغابات تتراجع بشكل مستمر ومهددة بالمخاطر من كل حدب وصوب، في مشهد غريب وثقافات متشددة عن المجتمع الأردني، ولا تمثلنا ولا تمثل عاداتنا وتقاليدنا.
وأكد العياصرة أن حجم الخسائر كبير وفادح جدا، لا سيما أن غابة وديان الشام تقدر مساحتها بآلاف الدونمات، وهي غابات نادرة على مستوى العالم، وفيها تنوع بيئي نادر، كما تضم ممرات سياحية مميزة.
ومن الجدير ذكره، أن غابات وديان الشام، التي تقع على جبال الحسينيات، تعرضت لحريق مفتعل بداية فصل الصيف عام 2023، واستمر الحريق خمسة أيام متواصلة، وأتى على ما يزيد على 450 دونما من الأشجار الحرجية المعمرة الكبيرة، وقد استخدمت طائرات سلاح الجو في عمليات إطفاء الحريق، وآلاف من كوادر الدفاع المدني والأشغال من محافظات المملكة كافة. وكان من الخسائر آلاف من الأشجار المعمرة الحرجية من القيقب واللزاب والسنديان والصنوبر.
وخلف الحريق ما يزيد على 200 طن من الأحطاب المحترقة، مما استدعى تنفيذ مشروع تحريج فيها هذا العام، وكانت مدة المشروع لا تقل عن ثلاثة أشهر متتالية، إلا أن الأشجار الجديدة تحتاج إلى عشرات السنين حتى تحافظ على الغطاء النباتي في المنطقة.

صابرين الطعيمات-/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة