“جفت الزيتون والفروة”.. ملاذ عائلات للوصول للدفء

غلاء أسعار المحروقات، والحاجة المتزايدة يوماً بعد يوم لمستلزمات التدفئة، وخاصة لمن يستخدمون “مدفئة الحطب” التي تحتاج لكميات كبيرة من مشتقات الإشعال؛ دفع كثيرين إلى إيجاد بدائل آمنة وسهل الحصول عليها، كما في “جفت الزيتون”.
في القرى النائية والمناطق البعيدة، وخاصة في جنوب المملكة، يلجأ كثيرون إلى الاعتماد على التدفئة بالنار من خلال المدافئ التقليدية، ولكن يجد كثيرون صعوبة في إيجاد كميات كافية من “الحطب”، فعملت جمعية مسار الخير على إطلاق حملات خيرية لمساعدة المحتاجين في قرى الجنوب خاصة بـ”فصل الشتاء”.
جفت الزيتون هو عبارة عن مادة تتكون من بقايا عصر الزيتون، وهو الموسم الذي يبدأ في الخريف وينتهي خلال بدايات أشهر الشتاء، إذ بعد الانتهاء من استخراج الزيت من الثمار، يتكون مما تفرزه معاصر الزيتون، من البذور وبقايا الثمرة ذاتها، وتعمد بعض المعاصر إلى عجن تلك البقايا وكبسها وتكوين أحجام محددة منها لاستخدامها في إشعال المدافئ بطريقة آمنة بيئياً واقتصادياً.
وبسبب العديد من الزيارات الدورية لمناطق الجنوب لتنفيذ عدة برامج خيرية مستدامة في المنطقة، تبين وجود نسبة كبيرة من سكان الخيم و البيوت الصغيرة تعاني من عدم وجود وسائل تدفئة كافية، ما دعا القائمين في جمعية مسار الخير على البحث عن وسيلة اقتصادية تمثلت في هذا الجفت، وعدا عن كونه طريقة لإعادة تدوير لمخلفات الزيتون.
من جهته، أكد مؤسس مسار الخير للتنمية المستدامة محمد القرالة أن الأسر المحتاجة المستهدفة هي الأشد معوزة في المناطق، وبخاصة ممن يسكنون “الخربوش” وهو لا يغني ولا يسمن من برد، ويعمل أفرادها في المزارع بأجور متدنية، وعادةً ما تكون تلك المزارع بعيدة عن أماكن سكنهم أو عن مركز المدينة أو القرية، ومنهم “فتيات”.
ويبين القرالة ان الجفت يتم شراؤة من ذات المناطق، أي يتم التعاون مع معاصر الزيتون الموجودة في المحافظة، ومن ثم شراء كميات كبيرة من الجفت، حتى يتكون هناك أيضاً “حراك اقتصادي لذات المنطقة العاملين فيها”، حتى وإن كان سعرها أعلى من المحافظات الأخرى، ويتم توزيعها على العائلات المحتاجة مع صوبات الحطب المناسبة لهم لتكون مصدر الدفء لهم خلال فصل الشتاء، عدا عن الفوائد التي تجنيها الأسرة كذلك من هذه المدافئ وجفت الزيتون المستخدم بها، باستخدامها للطهي، ما يوفر استهلاك الغاز خلال فصل الشتاء.
ومن ضمن مبادرات حملة الشتاء تلك، يقول القرالة إن هناك باب خير آخر لبث الدفء في تلك العائلات، وذلك من خلال توزيع “الفروة” على أفراد الأسرة، المتعارف عليها في البيئة الأردنية وتساعد على تدفئة الجسم خلال الحركة والتنقل، حيث تم توزيع كميات كبيرة على المحتاجين، خاصة وأن منهم من يرتديها خلال تنقله في العمل بالمزارع او الرعي، كما تم توزيع كميات كبيرة من الأغطية الشتوية التي تحتاجها العائلة في هذه الفترة في ظل أجواء باردة في مختلف المناطق في الأردن، وبخاصة الصحراوية منها.
إلى ذلك، قال القرالة ان القائمين على المبادرات التي تنظمها مسار الخير، عمدوا إلى إيجاد وسيلة جديدة للتدفئة تساعد المواطنين الذين يقطنون في تلك المناطق، كما في استخدام “القربة”، وهي التي يتم وضع فيها المياة الساخنة لاستخدامها للتدفئة في بعض الأحيان، وخاصة لكبار السن الذين قد يمنعهم وضعهم الصحي من الحركة ويضطرون إلى البقاء في الفراش، وهي طريقة وجدت قبولاً جيداً بين العائلات.
وتتميز تلك “القرب المائية” بسهولة تسخينها، وكان هذا النوع تحديداً تسخدمه العائلات منذ زمن بعيد، وتمت إعادة استخدامها في هذه الفترة لإيجاد أكثر من طريقة للتدفئة يمكن أن يستخدمها الشخص، وخاصة للفئة التي تعيش في مناطق بعيدة.
وبين القرالة ان الجمعية لم تنس الأطفال كذلك من خلال توزيع ملبوسات شتوية عليهم تساعدهم خلال تنقلهم ما بين مساكنهم والمدارس البعيدة التي يدرسون فيها.
ولوجود عدة أشكال من التبرعات التي تحصل عليها الجمعية، قال القرالة ان أحد فاعلي الخير قام بالتكفل بتقديم تبرعات كافية من “الكاز” للعائلات التي تستخدم مدافئ الكاز التقليدية، وتقديم مبالغ مالية لهم، بحيث يمكنهم توفير الكاز طيلة فترة الشتاء.
تأتي هذه الزيارة ضمن حملة اطلقتها رواد ومسار الخير للوقاية من برد الشتاء ومساندة الأهل في المناطق الاشد برودة وتعاني بعد المسافات، وبعضها يقطن بيوت “الخرابيش” يعملون في المزارع البعيدة عن الخدمات.
هذه الحملات كذلك، جميعها تأتي بالتعاون ما بين جمعية مسار الخير للتنمية المستدامة وجميعة رواد الخير، ومبادرة “فعل الخير يجمعنا”، وبدعم فردي لعدد من المحسنين، وشملت الحملة الاولية العديد من المناطق في عدة محافظات وهي “قرى قضاء المريغة، ورأس النقب وابو اللسن والقاسمية وايل في محافظة معان، ولواء القويرة ودبة حانوت وقرية رم والطويسة والمنيشير في العقبة، وقرية رحمة بوادي عربة ولواء الاغوار الجنوبية غور المزرعة وحديثة، بالاضافة الى لواء الرصيفة ومنطقة الهاشمية بمحافظة الزرقاء.

تغريد السعايدة / الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة