جهود تمديد الهدنة متواصلة.. الاحتلال يلوح بالحرب والمقاومة تؤكد جهوزيتها

ما بين مخاوف استمرار الحرب وتمديد الهدنة الإنسانية؛ تنتهي صباح اليوم الجمعة في قطاع غزة الهدنة التي جرى تمديدها ليوم واحد، وسط جهود دبلوماسية دولية لتمديدها لأيام أكثر، في ظل تهديد الاحتلال باستئناف عدوانه، مقابل تأكيد “حماس” والمقاومة الفلسطينية جهوزيتها العالية للرد، بما يجعل المشهد قاتما.

وعلى وقع عملية فلسطينية جديدة في القدس المحتلة، تبنتها “حماس”، وأدت لمقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة آخرين بجروح، بالتزامن مع شهيد فلسطيني خلال مواجهات مع الاحتلال في الضفة الغربية، فإن تجاهل رئيس حكومة الاحتلال، “بنيامين نتنياهو”، “لنصائح” الإدارة الأميركية التي أكد عليها وزير خارجيتها، “توني بلينكن”، خلال زيارته أمس لفلسطين المحتلة، لتمديد الهدنة المؤقتة و”بضبط النفس” وعدم تكرار ما فعلته في شمال القطاع بجنوبه، بما يؤدي لكارثة إنسانية أكثر عنفا وأكبر حجما.

ومع دخول هدنة الأمس حيز التنفيذ لتبادل المزيد من الأسرى وعبور شاحنات المساعدات الإنسانية؛ فإن سماء غزة ملبدة بمحاذير إقدام الاحتلال لحرب إبادة جماعية من جديد، لاستهداف جنوب القطاع، المكتظ بالسكان ضمن مساحة ضيقة، تضم، أيضا، الفلسطينيين الذين نزحوا من جرائم الاحتلال شمالا، في ظل تهديد المؤسسة الأمنية والعسكرية للاحتلال باستمرار عدوانه ضد قطاع غزة.
غير أن الاحتلال يدرك جيدا أن أي عدوان جديد على جنوب القطاع، سيؤدي إلى تصاعد الانتقادات الدولية، ومنها غربية، ويؤدي إلى مزيد من المجازر الوحشية التي تؤجج الرأي العام العربي الإسلامي والعالمي بشكل أكبر، وتغير من الموقف الدولي، أسوة بفرنسا وبلجيكا وغيرهما، كما يعرقل إطلاق سراح المزيد من الأسرى، ويوقف تدفق المساعدات الإنسانية لغزة.
وقد يربط الاحتلال، وفق مراقبين، بين مشهد استمرارية الهدنة وتمديدها ومحاولة الضغط على المقاومة الفلسطينية لأي تنازلات في ملف الأسرى، لا سيما عند الانتفال إلى الملف الشائك منه الخاص بالأسرى العسكريين الذين بيد “حماس” وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وقد عرقلت قائمة الأسرى التي قدمتها حركة “حماس” ورفضتها سلطات الاحتلال تمديد الهدنة حتى وقت متأخر أمس، ما قد يتكرر حدوثه عند الانتقال إلى أسماء قياديين في الحركة النضالية الفلسطينية ويرفض الاحتلال الإفراج عنهم.
وفي هذا السياق، أكد القيادي في “حماس”، باسم نعيم، أن الحركة مستعدة للإفراج عن جميع الجنود الصهاينة الذين تحتجزهم في قطاع غزة مقابل إطلاق الاحتلال سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في سجونه، وذلك مع استمرار المفاوضات لتمديد الهدنة الموقتة قبل ساعات من انتهائها.
بينما طلبت “كتائب القسام”، أمس، من قواتها العاملة البقاء على جاهزية قتالية عالية في الساعات الأخيرة من التهدئة تحسبا لتجدد القتال.
فيما قالت حركة “حماس”، بخصوص تمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، إن “الاحتلال الصهيوني رفض تسلم سبعة من المحتجزين من النساء والأطفال وجثامين ثلاثة من ذات الفئة من المحتجزين ممن قتلوا بسبب القصف الصهيوني على غزة؛ في مقابل تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة أمس الخميس بنفس متطلبات الأيام الستة الماضية”.
وأضافت: وذلك رغم التأكيد عبر الوسطاء أن هذا العدد هو كل ما توصلت له الحركة من المحتجزين من نفس الفئة التي جرى حولها الاتفاق.
وفي الأثناء؛ حول الاحتلال مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية مغلقة ونشر عناصره بكثافة في أحيائها وبمحيطها، عقب العملية الفلسطينية التي استشهد منفذاها فورا، وهما الشقيقان مراد نمر (38 عاما) وإبراهيم نمر (30 عاما) من صور باهر، وهما أسيران محرران وينتميان لحركة “حماس”، وأدت إلى مقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة سبعة آخرين بجراح متفاوتة، منهم 5 في حالة الخطر الشديد.
وأشارت الأنباء الفلسطينية إلى أن “الشابين وصلا بمركبتهما من “صور باهر” إلى مكان العملية عند المدخل الشمالي الغربي للقدس المحتلة، ونفذا عملية إطلاق النار؛ قبل أن يستشهدا برصاص جيش الاحتلال.
كما استشهد، أمس، شاب فلسطيني وأصيب عدد آخر برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال مواجهات أمام سجن عوفر العسكري، في بلدة بيتونيا غربي رام الله، بالضفة الغربية.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد الشاب فادي ربحي بدران، في العشرينيات من عمره، من سكان قرية بيت عور التحتا غرب رام الله، متأثرا بإصابته بالرصاص الحي في الصدر، كما أصيب 4 بالرصاص الحي بالأطراف، وإصابتين بعد السقوط أمام سجن عوفر العسكري من قبل الاحتلال”.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت الأحياء القريبة من سجن “عوفر” العسكري الإسرائيلي المقام على أراضي الفلسطينيين في بلدة بيتونيا، وصولا إلى وسط البلدة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع الشبان الفلسطينيين الذي تصدوا لعدوانهم.
من جانبه، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدورة فارس، إن سلطات الاحتلال صعدت جرائمها المتواصلة بحق الأسرى المعتقلين في سجونها، عبر الوقف وتعليق العمل بالحقوق والضمانات الممنوحة لهم بمقتضى القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
وأشار، إلى أن حملات الاعتقال الممنهجة تصاعدت حتى طالت كل فئات الشعب الفلسطيني، لإرهابه والتأثير في تحركاته السلمية والنضالية في التعبير عن رفضه لما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من جرائم حرب، ورفضه لعمليات القمع والتنكيل التي تتعرض له مختلف مدن الضفة الغربية، التي باتت “كونتونات” ومعازل تظهر حقيقة الوجه القبيح لدولة الاحتلال.
ولفت قدورة إلى أن المؤسسات المعنية بالأسرى والمعتقلين، وثقت (3200) حالة اعتقال في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، بعد تاريخ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي حتى منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، من بينهم أكثر من (100) من النساء، و(145) طفلا، فيما لم تتوفر معطيات دقيقة حول المعتقلين من غزة، إذ رفض الاحتلال تزويد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأي معطيات واضحة عن أعدادهم، وهوياتهم، وأماكن احتجازهم، ووضعهم الصحي، إضافة إلى أن الاحتلال أصدر (1464) أمر اعتقال إداري منذ بدء العدوان على قطاع غزة.
وبين أن عدد المعتقلين في سجون الاحتلال بلغ حتى منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أكثر من (7000) معتقل، بينهم نحو (80) معتقلة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال ما يزيد على الـ250 طفلا، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى اليوم (2200)، وبلغ عدد المعتقلين من غزة (105).

نادية سعد الدين/  الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة