حجا مبرورا// الدكتور فخري بني نصر

بسم الله الرحمن الرحيم
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27].
الحج شعيرة دينية موجودة من قبل الإسلام، فرضها الله على أمم سابقة مثل أتباع ملة النبي إبراهيم الذين كانوا على الحنفية، حيث جاء في القرآن: “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق”، (سورة الحج) فكان الناس يؤدونها أيام النبي إبراهيم عليه السلام ومن بعده، لكنهم خالفوا بعض مناسك الحج وابتدعوا فيها، وذلك حين ظهرت الوثنية وعبادة الأصنام في الجزيرة العربية..
دل الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة فأما الكتاب فقوله سبحانه {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً } (آل عمران:97), وأما السنة فقد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة منها حديث ابن عمر رضي الله عنه : ( بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) متفق عليه.
وتعتبر فريضة الحج من أفضل العبادات وأجل القربات، شرعها سبحانه إتمامًا لدينه، وشرع معها العمرة، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم إلى جانب فريضة الحج، في قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} (البقرة:196).) , وأما العمرة فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمها، فمن قائل بأنها واجبة على من يجب عليه الحج لعدد من الأدلة منها حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ” قلت يا رسول الله: على النساء جهاد؟ قال: ( نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة ) رواه أحمد .
فرض الله الحج على المسلمين في السنة التاسعة للهجرة، وتعود المناسك الحالية إلى الحجة الوحيدة التي قام بها النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وهي ما تعرف بحجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، وفيها قام النبي بعمل مناسك الحج الصحيحة، وقال “خذوا عني مناسككم”، كما ألقى النبي خطبته الشهيرة التي أتم فيها قواعد وأساسات الدين الإسلامي..
شروط وجوب الحج
اذا توفرت هذه الشروط على المسلم بكون الحج واجبًا عليه وهذه الشروط هي :
1- الإسلام : فغير المسلم لا يجب عليه الحج، ولو أتى به لم يصح منه لقوله تعالى : {وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله } (التوبة 54) ، فالإسلام شرط لصحة كل عبادة ، وشرط لوجوبها .
2- التكليف : وهو أن يكون المسلم بالغًا عاقلاً، فالصغير لا يجب عليه الحج لأنه غير مكلف ، لكن لو حج صح منه لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – للمرأة التي رفعت إليه صبيًا ، وقالت: ألهذا حج ؟، قال : ( نعم، ولكِ أجر ) رواه مسلم ، لكن لا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام ، فيلزمه أن يحج مرة أخرى بعد بلوغه ؛ أما المجنون فلا يجب عليه الحج ولا يصح منه ، لأن الحج لا بد فيه من نية وقصد ، ولا يمكن وجود ذلك من المجنون .
3- الحرية : فلا يجب الحج على العبد المملوك لأنه غير مستطيع ، لكن لو حج صح منه ، ويلزمه أن يحج حجة الإسلام بعد حريته .
4- الاستطاعة : والاستطاعة تكون في المال والبدن ، بأن يكونَ عنده مال يتمكن به من الحج ، ويكون أيضاً صحيح البدن غير عاجز عن أداء المناسك ، فإن كان المكلف غير قادرٍ لا ببدنه ولا بماله ففي هذه الحال لا يجب الحج عليه ، لعدم تحقق شرط الاستطاعة , وإن كان قادرًا بماله غير قادر ببدنه فيلزمه أن ينيب من يحج عنه لحديث الخثعمية التي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدْرَكت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ ، قال : (نعم) رواه البخاري .
5- القدرة المالية للحج , ةوالمعتبرة لوجوب الحج، هي ما يكفيه في ذهابه ، وإقامته ، ورجوعه ، وأن يكون ذلك فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء ديونه ، والنفقات الواجبة عليه ، وفاضلاً عن الحوائج الأصلية التي يحتاجها من مطعم ومشرب وملبس ومسكن وما إليه ، فمن كان في ذمته دين حالٌّ لشخص ، فلا يلزمه الحج إلا بعد وفاء ما في ذمته .
6- وجود المحرم للمرأة : ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة مَحْرَم يسافر معها ، فمن لم تجد المَحْرم فالحج غير واجب عليها، وذلك لمنع الشرع لها من السفر من غير محرم ففي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرم ) متفق عليه ، والمحرم زوج المرأة ، وكل ذكر تحرم عليه تحريماً مؤبداً بقرابة أو رضاع أو مصاهرة .
أهم ما ينبغي للحاج الإلمام به من أحكام هذه الشعيرة العظيمة.
1- مواقيت الحج : المواقيت جمع ميقات، وهو ظرف العبادة من زمان أو مكان، والمقصود به هنا ما حددته أحكام الشرع للإحرام بالحج من زمان أو مكان تتعلق بهما صحته وهي نوعان::
• المواقيت الزمانية: أهم موعد زمني في الحج هو توقيت أداء ركنه الأعظم، وهو الوقوف في صعيد عرفة (يوم التاسع من ذي الحجة) لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “الحج عرفة”. واتفق الفقهاء على جواز بداية الإحرام للحج من أول شهر شوال إلى يوم التاسع من ذي الحجة.
• المواقيت المكانية: وهي الأماكن التي عينها النبي صلى الله عليه وسلم ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة حسب الجهة التي يقدم منها إلى مكة وهي 5 أماكن: :
1. ذو الحليفة: وهو ميقات أهل المدينة ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 450 كيلومترا، وهو المكان المعروف الآن بـ”آبار علي” قرب المدينة في الطريق إلى مكة.
2. الجحفة: يبعد عن مكة 204 كيلومترات، وهو ميقات أهل الشام ومن مر به من غيرهم، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الجحفة، وهي قرية في الشمال الغربي لمكة.
3. يلملم: وهو ميقات أهل اليمن ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 54 كيلومترا، وسمي بهذا الاسم نسبة لجبل يلملم.
4. قرن المنازل: وهو جبل شرقي مكة يطل على عرفات، ويعد ميقات أهل نجد ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 94 كيلومترا.
5. ذات عرق: وهي ميقات أهل العراق ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 94 كيلومترا.
يتم الإحرام في هذه المواقيت عند السفر برا، أما في حال السفر جوا فيمكن لبس الإحرام قبل ركوب الطائرة أو على متنها والتلبية عند المرور فوق الميقات أو بمحاذاته., ومن كان أقرب إلى مكة المكرمة من هذه المواقيت فميقاته محل سكنه، وكذلك أهل مكة يحرمون منها.
2- الإحرام وأنواعه
6.
والإحرام أن ينوي المرء الحج أو العمرة أو كليهما، وأن يتخلص من كل مظاهر اللباس والزينة، ويكتفي بلبس إزار يلفه على وسط جسمه ويستر به عورته، ورداء يضعه على كتفه وظهره، كما يجوز له لبس نعل يظهر منه القدم والكعبان. وهذا للرجل، أما المرأة فتنوي الإحرام وتلبس لباسها المعتاد الساتر لجسمها، وتكشف وجهها وكفّيها. , ويستحب لمن أراد الإحرام أن يغتسل ويقص شعره ويقلم أظافره ويتطيب، ثم يلبس ثياب الإحرام، وإن كان الوقت ليس وقت نهي صلى ركعتين. وبالإحرام يمتنع على المحرم ما كان مباحا له قبله من محظورات الحج أو العمرة., ثم يلبي بما لبى النبي صلى الله عليه وسلم به وهو: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ويرفع الرجل صوته بذلك، وأما المرأة فتقول بقدر ما يسمع من بجنبها، إلا أن يكون بجانبها رجل ليس من محارمها فإنها تلبي سراً.
إذا كان من يريد الإحرام خائفا من عائق يعوقه عن إتمام نسكه (كمرض أو عدو أو حبس أو غير ذلك) فإنه ينبغي أن يشترط عند الإحرام فيقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني – أي منعني مانع عن إتمام نسكي من مرض أو تأخر أو غيرهما فإني أحل من إحرامي – لأن النبي صلى الله عليه وسلم ” أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط وقال: إن لك على ربك ما استثنيت رواه البخاري ومسلم, فمتى اشترط وحصل له ما يمنعه من إتمام نسكه فإنه يحل من إحرامه ولا شيء عليه, وللشخص المحرم أن يختار بين 3 أنواع من النسك لينوي أحدها عند إحرامه وهي::
• التمتع: وهو أن يحرم الشخص بالعمرة وحدها في اشهر الحج ( شوال وذو القعدة وذو الحجة ) فيقول عند إحرامه: لبيك عمرة، ويؤخر الإحرام بالحج إلى يوم التروية (الثامن من ذي الحجة) وحتى غروب شمس يوم عرفة، وعلى المتمتع الهدي. أما من أحرم بالعمرة قبل شوال فإنه يسمى معتمرا لا متمتعا..
• الإفراد: وهو أن يحرم الشخص بالحج وحده فيقول: لبيك حجا، فإذا وصل مكة طاف للقدوم ثم سعى للحج، ويبقى على إحرامه حتى يتحلل منه بعد رمي جمرة العقبة وحتى يحلق يوم العيد، وليس عليه هدي..
• القِران: وهو أن يحرم الشخص بالعمرة والحج جميعا فيقول: لبيك عمرة وحجا، أو يحرم بالعمرة أولا ثم يُدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها. وعمل القارن كعمل المفرد إلا أن القارن يلبي بالعمرة والحج معا وعليه الهدي..وعمل القارن كعمل المفرد سواء إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه.
وينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصا عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن يعلو مرتفعا أو ينزل منخفضا أو يقبل الليل أو النهار وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة ويستعيذ برحمته من النار, والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبدأ في الطواف. وفي الحج من الإحرام إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم العيد.
يحظر على الحاج بمجرد الإحرام ما يلي: :
1. إزالة شعر الرأس وسائر الجسم بحلقه أو نتفه وكذلك تقليم الأظافر وقصها.
2. استعمال الطيب.
3. الجماع أو عقد النكاح أو خطبة النساء.
4. قتل الصيد أو ترويعه أو الدلالة عليه.
5. من المحظورات الخاصة بالرجال لبس المخيط من الثياب المفصل على هيئة البدن أو جزء منه.
6. من المحظورات الخاصة بالرجال تغطية الرأس بملاصق له كالطاقية ونحوها.
7. ومن المحظورات الخاصة بالمرأة البرقع والنقاب الذي يغطي الوجه، ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك.
ومن فعل شيئا من هذه المحظورات ناسيا أو جاهلا أو مضطرا فلا شيء عليه، ومن فعلها لحاجة ماسة فلا إثم عليه وعليه الفدية، ومن ارتكبها متعمدا بلا عذر فعليه الفدية، إلا الجماع فإن تعمده يفسد به الحج إذا كان قبل التحلل الأكبر .
اذا دخل الحاج المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف… ثم بعد الطواف وصلاة
2- أركان الحج
وللحج في الإسلام 4 أركان من ترك أحدها حتى فات وقته فقد بطل حجه:
1. الإحرام، وهو نية الدخول في النسك مقرونا بعمل من أعمال الحج كالتلبية أو التجرد.
2. الوقوف في صعيد عرفة، ووقته من طلوع فجر يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر اليوم التالي.
3. طواف الإفاضة، ويبدأ وقته من فجر يوم العيد، والأفضل أن يعمل يوم العيد ومن لم يتمكن من ذلك ففي أيام التشريق.
4. السعي بين الصفا والمروة، ويقع بعد طواف الإفاضة أو أي طواف آخر، وللمفرد والقارن أن يقدماه مع طواف القدوم.
3- واجبات الحج
1. التلبية، وصيغتها: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، ووقتها يبدأ من الإحرام بالحج للقارن والمفرد إلى أن يرمي جمرة العقبة.
2. طواف القدوم واجب عند المالكية، أما عند الجمهور فسنة.
3. طواف الوداع واجب عند الجمهور وعند المالكية سنة، وقد رُخِّص فيه للحائض والنفساء وأهل مكة. وليس على الحاج طواف سوى هذه الثلاثة إلا أن يتنفل.
4. المبيت بمزدلفة، وقد رُخِّص في التحرك منه بعد منتصف الليل لمن كان له عمل متعلق بالحج وللعجزة والضعفاء.
5. رمي جمرة العقبة بـ7 حصيات من شروق شمس يوم العيد إلى الزوال، ومن لم يتمكن من رميها قبله فله أن يرميها إلى ما قبل الغروب، ومن لم يتمكن من رميها قبل الغروب رماها في أول أيام التشريق.
6. المبيت في مِنى أيام التشريق، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، والتأخير أفضل من التقديم لأهل مكة ولغيرهم، ومن تعجل وجب عليه الخروج من مكة قبل الغروب وإلا وجب عليه التأخير.
7. رمي الجمار مُرتَّبة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى وهي العقبة، كل واحدة 7 حصيات، ويبدأ الرمي من الزوال إلى الغروب.
8. صلاة ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم أو في أي مكان من الحرم.
9. حلق الشعر أو تقصيره بالنسبة للرجل، وللمرأة أن تقص شيئا قليلا من شعرها فقط.
ومن ترك واجبا من هذه الواجبات فعليه فدية (ذبح شاة ونحوها)، لا يأكل منه ولا يهدي ولكن يتصدق به.
4- مستحبات الحج
1. أن يحرم الرجل في إزار ورداء أبيضين، أما المرأة فلها أن تحرم في أي لون شاءت، والأفضل لها غير البياض.
2. أن يغتسل لإحرامه ولو كانت المرأة حائضا أو نفساء.
3. أن يحرم عقب صلاة مكتوبة، فإن لم يتمكن أحرم عقب ركعتين.
4. أن يغتسل لدخول مكة المكرمة وكذلك ليوم عرفة.
5. في الطواف يستلم الركنين: الحَجَر الأسود والركن اليماني إن تمكن، وإلا أشار إليهما.
6. يقول عند بداية كل شوط: “بسم الله والله أكبر”.
7. يدعو بين الركنين بـ”اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
8. أفضل الحج الثجّ وهو كثرة الذبح للهدي، والعجّ وهو رفع الصوت بالتلبية للرجال.
9. الإكثار من الذكر وتلاوة القرآن والتصدق.
10. أن يتضلع من ماء زمزم، ومعناه أن يكثر من شربه حتى يصل إلى أقصى درجات الارتواء وتمتلئ بطنه إلى أن تضغط على أضلاعه.
11. أن يلتقط 7 حصيات من مزدلفة ليرمي بها جمرة العقبة يوم النحر.
12. أن يكثر من الذكر والدعاء وقول لا إله إلا الله يوم عرفة.
13. أن يدعو طويلا بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريق. , ومن ترك شيئا من السنن والمستحبات فحجه صحيح ولا شيء عليه.
5- مناسك العمرة
يؤدي المُحرم بالحج مفردا أو متمتعا عمرة لدى وصوله مكة المكرمة، يبدؤها بالطواف حول الكعبة المشرفة 7 أشواط يستلم خلالها -في كل شوط- الحجرَ الأسود إما تقبيلا إن استطاع، أو إشارة كي لا يزاحم غيره، ويقول حين مقابلته إياه: “بسم الله والله أكبر”، ويدعو بما شاء من الدعاء. , وعند الانتهاء من الطواف يصلي المعتمر ركعتين خلف مقام إبراهيم إن أمكنه ذلك أو في أي مكان آخر داخل الحرم، ثم يتجه بعد ذلك إلى الصفا والمروة للسعي بينهما 7 أشواط بادئا بالصفا وخاتما بالمروة., وحين ينتهي من أشواط السعي يذهب إلى الحلاقين لحلق شعر رأسه أو تقصيره (والمرأة يكفي أن تأخذ شيئا من شعرها)، وبذلك يتم المرء عمرته ويتحلل من إحرامه..
6- يوم التروية والذهاب الى منى
في اليوم الثامن من ذي الحجة، الذي يسمى “يوم التروية”، يغتسل الحاج ويحرم (إذا كان متمتعا، أما المفرد والقارن فيبقيان على إحرامهما الأول ولا يتحللان منه) ويخرج إلى منى ويبيت بها ويكثر فيها من التلبية، ويصلي فيها الصلوات الخمس، ويصلي الرباعية منها ركعتين فقط (الظهر والعصر والعشاء).) ,لأن النبي صلى الله عليه وسلم “كان يقصر بمنى ولا يجمع” والقصر: جعل الصلاة الرباعية ركعتين , ويقصر أهل مكة وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في حجة الوداع ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام ولو كان واجباً عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح.
7- الوقوف بعرفة
الوقوف بعرفة يعد الركن الأعظم ولا يصح الحج من دونه، يبدأ من فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، ويمتد إلى طلوع الفجر الصادق لليوم العاشر، ويكثر فيه الحاج من الذكر والدعاء., والمراد بالوقوف هنا هو الحضور والشهود والمكوث في هذا المكان لمدة من الزمن، وليس بالضرورة الوقوف على القدمين. , ويصلي الحجاج في عرفة الظهر والعصر قصرا (ركعتين فقط لكل صلاة منهما) وجمع تقديم، ويكثرون الدعاء والذكر إلى وقت غروب الشمس., و يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل ويدعو بما أحب رافعا يديه مستقبل القبلة ولو كان جبل عرفات خلفه لأن السنة استقبال القبلة لا الجبل وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال: “وقفت ههنا وعرفة كلها موقف” , وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
8- -المبيت بمزدلفة
مزدلفة مكان يصلي فيه الحاج المغرب والعشاء جمعا يوم التاسع من ذي الحجة كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، ويبيت هناك أو يبقى فيه مدة قدّرها بعض العلماء إلى منتصف الليل. ,فإذا تبين الفجر صلى الفجر مبكرا بأذان وإقامة ثم قصد المشعر الحرام (وهو موضع المسجد الموجود بمزدلفة) فوحد الله وكبره ودعا بما أحب حتى يسفر جدا (والإسفار هو ظهور ضوء النهار قبل طلوع الشمس) وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقفت ههنا وجمعٌ (أي مزدلفة) كلها موقف. ويكون حال الذكر والدعاء مستقبل القبلة رافعا يديه.
ويستحب أن يلتقط الحاج من مزدلفة 7 حصيات لرمي جمرة العقبة فجر اليوم العاشر من ذي الحجة. وتجوز الإنابة في الرمي لمن لم يستطع من النساء أو المرضى والعجزة. , وبالنسبة لتوقيت الرمي فهو من طلوع الشمس إلى الزوال من يوم العيد، ومن زوال الشمس إلى الغروب في أيام التشريق. 1:50
9- أعمال يوم النحر والذهاب إلى منى
يتوجه الحجاج إلى منى يوم العيد، ويرمون جمرة العقبة 7 حصيات، ومع بداية الرمي تنقطع التلبية ويبدأ التكبير. فإذا رمى يحلق أو يقصر شعره، وعندئذ يحصل التحلل الأول فيجوز له كل شيء من محظورات الإحرام عدا الجماع. , ومن أعمال يوم النحر أيضا أن ينحر الحاج هديه (وأكثر ما يجري به العمل الآن تيسيرا على الحجاج هو أن يدفعوا ثمن الهدي لإحدى المؤسسات المعتمدة من قبل السلطات السعودية وهي تنفقه على المحتاجين)، ويطوف حول الكعبة طواف الإفاضة ويسعى بين الصفا والمروة. وسمي طواف الإفاضة لأنه يكون بعد الإفاضة من عرفة، ويسمى كذلك طواف الفرض., ولا يشترط ترتيب هذه الأعمال على هذا النحو، بل يجوز فيها التقديم والتأخير.
والسنة عند رمي جمرة العقبة أن يستقبل الجمرة ويجعل مكة عن يساره، ومنى عن يمينه) فإذا فرغ من الرمي ذبح هديه ثم حلق رأسه أو قَصَّر إن كان ذكرا , وأما المرأة فتقصر من شعرها بمقدار أنملة (وبهذا يتحل المُحْرِم التحلل الأول، فيحل له كل شيء إلا جماع زوجته) ثم ينزل إلى مكة فيطوف ويسعى للحج (ثم يتحلل التحلل الثاني فيحل له كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام).
ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى منى فيبيت بها ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر ويرمي الجمرات الثلاث في اليومين إذا زالت الشمس , والأفضل أن يذهب للرمي ماشيا وإن ركب فلا بأس فيرمي الجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى ويكبر بعد كل حصاة ثم يتقدم قليلا ويدعو دعاء طويلا بما أحب فإن شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلا ليحصل السنة.
ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه ويدعو دعاء طويلا إن تيسر له وإلا وقف بقدر ما يتيسر ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنه سنة وكثير من الناس يهمله إما جهلا أو تهاونا وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس أوكد لئلا تترك وتموت.
ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدعو بعدها, فإذا أتم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر فإن شاء تعجل وخرج من منى , وإن شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق، والتأخر أفضل، ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى، فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال من الغد، لكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب ولكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه فإنه لا يلزمه التأخر لأن تأخره إلى الغروب بغير اختياره.
10-
7.
10- أيام التشريق
سميت أيام التشريق بهذه التسمية لأن اللحم فيها يشرّق ويوزع على الفقراء والمساكين. ويقصد بها ليالي 11 و12 و13 ذي الحجة. , ويجب على الحاج المبيت بمنى في هذه الليالي الثلاث (أو ليلتي 11 و12 إن كان متعجلا)، ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال كل يوم إلى غروبه، بدءا بالصغرى فالوسطى فالكبرى.
12-طواف الوداع
بعد أن يتم الحاج المناسك المطلوبة منه في أيام التشريق (أو في يومين إن كان متعجلا)، يطوف طواف الوداع ثم يغادر مكة. ويسقط هذا الطواف عن الحائض والنفساء.
المصدر : الجزيرة , فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفر أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت رواه مسلم ، وفي رواية: أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن الحائض رواه البخاري ومسلم .
فالحائض والنفساء ليس عليهما طواف وداع، ولا ينبغي لهما أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم , ويجعل طواف الوداع آخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة أو تحميل رحله أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه ولا يعيد الطواف إلا أن ينوي تأجيل سفره مثل أن يريد السفر أول النهار فيطوف للوداع ثم يؤجل السفر إلى آخر النهار مثلا فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت.
يجب على المحرم بحج أو عمرة ما يلي:
– أن يكون ملتزما بما أوجب الله عليه من شرائع دينه كالصلاة في أوقاتها مع الجماعة.
– أن يتجنب ما نهى الله عنه من الرفث والفسوق والعصيان لقوله تعالى فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج البقرة / 197.
– أن يتجنب أذية المسلمين بالقول أو الفعل عند المشاعر أو غيرها.
– أن يتجنب جميع محظورات الإحرام.
– فلا يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره، فأما نقش الشوكة ونحوه فلا بأس به وإن خرج دم.
– ولا يتطيب بعد إحرامه في بدنه أو ثوبه أو مأكله أو مشربه ولا يتنظف بصابون مطيب فأما ما بقي من أثر الطيب الذي تطيب به قبل إحرامه فلا يضر.
– ولا يقتل الصيد.
– ولا يجامع امرأته.
– ولا يباشر لشهوة بلمس أو تقبيل أو غيرهما.
– ولا يعقد النكاح لنفسه ولا غيره ولا يخطب امرأة لنفسه ولا لغيره.
– ولا يلبس القفازين. فأما لف اليدين بخرقة فلا بأس به.
– وهذه المحظورات السبعة محظورات على الذكر والأنثى.
ويختص الرجل بما يلي:
• لا يغطي رأسه بملاصق فأما تظليله بالشمسية وسقف السيارة والخيمة وحمل العفش عليه فلا بأس به.
• ولا يلبس القميص ولا العمائم ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف إلا إذا لم يجد إزاراً فيلبس السراويل أو لم يجد نعلين فيلبس الخفاف.
• ولا يلبس ما كان بمعنى ما سبق فلا يلبس العباءة ولا القباء ولا الطاقية ولا الفنيلة ونحوهما.
• ويجوز أن يلبس النعلين والخاتم ونظارة العين وسماعة الأذن وأن يلبس الساعة في يده أو يتقلدها في عنقه ويلبس الحزام ليجعل فيه النفقة.
• ويجوز أن يتنظف بغير ما فيه طيب وأن يغسل ويحك رأسه وبدنه وإن سقط بذلك شعر بدون قصد فلا شيء عليه.
• والمرأة لا تلبس النقاب وهو ما تستر به وجهها منقوباً لعينيها فيه، ولا تلبس البرقع أيضاً , والسنة أن تكشف وجهها إلا أن يراها رجال غير محارم لها فيجب عليها ستره في حال الإحرام وغيرها….”
الدكتور فخري بني نصر