حكاية طفل شهيد // علاء بني نصر

=

أنا الطفل الشهيد أحدثكم من أعالي الجنان وبين أنوار السماء لأنقل لكم قصتي وكيف غادرت عالمكم الأسود المريض لانتقل إلى الجنة الغنّاء.

كنت ألعب أنا وإخوتي وأصدقائي وكنا نتكلم عن أحلامنا وكان حلمي أن أتمكن من الدفاع عن أمتي وأحرر أرضي ، ومن بين الضحكات تسلل صوت مرعب هز الأرض من حولنا رافعا ألسنة اللهب لنجد أنفسنا نحلق في الهواء ولم تمض سوى دقائق حتى انقشعت غيمة الغبار والدمار وما زال طنين الانفجار في أذني وعيناي تومضان بخوف وقلق، ومن بين الركام مدت لي يد العون لتحملني  وتركض بي لتنقذ جسدي الرقيق والأصوات في الخلف تنادِ قم يا هذا انهض يا ذاكأرجوك تكلم أتوسل إليك تبسم، ومع ابتعاديأسمع كلماتتتصاعد رحمهم الله أنهم طيور الجنة- بإذن الله-.

استيقظت وأنا في المستشفى والكل يراقب حالتي وبجانبي أبي المصاب وأمي المرهقة من مراقبتنا، التفت أبحث عن إخوتي وأصدقائي وأبناء قريتي ولم أجد أحدا!! سالت والدتي أين هم فلم تقل شيئا واكتفت برفع أعينها للسماء وحينا فهمت من نظراتها ومن حزنها أنهم أصبحوا شهداء وكانت هذه أول مرة أموت بها وأنا على سرير الشفاء أعالج جروحي وأضمد أحزاني مت من داخلي حينما فقدت ذكرياتي وأصدقائي وسعادتي وخسرت براءتي.

بعد مرور الأيام اقتربت إقامتي بالمشفى على الانتهاء وأصبحت حالي أفضل وتماثلت للشفاء لم يتبق إلا القليل حتى أخرج إلى ما تبقى من بيتي ومن ذكرياتي وطفولتي ولكن باغتني صاروخ غادر من أعالي السماء ليلحقني برفاقي الشهداء الذين أحسنوا استقبالي فرحين مشتاقين لي ومهللين لرؤيتي…

مت مرتان في المرة الأولى سرق مني الموت عائلتي وأصدقائي وذكرياتي وفي الثانية أعاد لي ما سرق مني في المرة الأولى، آه كم كان عادلا معي.

وأما ثالث مشاهد الموت فقد رأيتها وأنا أنظر لعالمكم وأنتم تفرطون بحقوقي وتتنازلون عن كرامتي ولم تداروا عورتي وأغمضتم عيونكم عن قساوة رحلتي.

هذه قصتي أنا الطفل الشهيد ولا تحزنون لفراقي فأنا في نعيم الجنة أطير وأما أنتم يأمن خذلتم طفولتي وهانت عليكم قطرات دمي أنا وأصدقائي فنحن لكم ممتنين لكم لأننا فرحون بما أتانا الله من نعيم، لنترككم تجرون ذيول الخيبة والندم لتكملوا الحياة بكل الألم.

التوقيع علاء بني نصر

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة