حكومة يمينية إسرائيلية جديدة برئيس متطرف على أعتاب “الكنيست”

تُبصّر النور قريبا حكومة إسرائيلية جديدة تضّم ائتلافاً يمينيا متشددا برئاسة زعيم أكثر الأحزاب الإسرائيلية غلوا وتطرفا وتحيزا نحو الاستيطان، بعد مصادقة “الكنيست” عليها، خلال الأيام القليلة المقبلة.
بموازاة ذلك فشلت مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو لتحريض أعضاء الأحزاب اليمينية المشاركة في تلك الحكومة للانفصال أو حجب الثقة عنها.
ويحظى التيار اليميني المتطرف بثقل راسّخ في الإئتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد، الذي يضم، عند نجاحه بالحصول على ثقة “الكنيست” وأداء اليمين الدستوري، أعضاء من أعتى غلاة المستوطنين والعسكريين والمتدينين “الحريديم”، برئاسة اليميني المتطرف، “نفتالي بينيت”، زعيم حزب “يمينا”، والذي سيكون رئيسا للحكومة لمدة عامين ضمن اتفاق بالتناوب على رئاستها مع زعيم حزب “هناك مستقبل”، يائير لبيد.
ومن المرجح، عند نجاح تلك الحكومة، أن تشهد الحركة الاستيطانية والتهويدية في الأراضي الفلسطينية نشاطا ملحوظا، في ظل رئيسها “بينيت”، بوصفه حامل لواء اليمين الإسرائيلي المتدين، الذي يؤيد بشدة إقامة المستوطنات ومخطط الضم الإسرائيلي لمعظم أراضي الضفة الغربية، وتهويد القدس المحتلة، فضلا عن رفضه المطلق لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لما يشكل ذلك “انتحارا” للكيان الإسرائيلي لأسباب أمنية، بحسبه.
ويحفل مسار “بينيت” بالبصمات الاستيطانية والتهويدية الصارخة للقدس المحتلة، فضلا عن التحريض دوماً لخوض الحرب ضد غزة، بحيث لا يختلف كثيرا عن سلفه نتنياهو، فهو انتقال من أقصى اليمين مع نتنياهو إلى أقصى اليمين بدونه، فقد سبق وأن ترأس “بينيت” حزباً مؤيداً للاستيطان، مثلما كان رئيسا سابقا لمجلس “يشع”، حركة المستوطنين الرئيسة في الضفة الغربية، وجعل من ضم الجزء الأكبر من الأراضي التي استولت عليه سلطات الاحتلال في العام 1967، لاسيما القدس، سمة غالبة لبرنامجه وتحركه السياسي.
غير أن حكومة “بينيت” قد تجد، عند عملها رسميا، عقبات أمام تنفيذ “الضّم”، من الناحية السياسية، في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يتخذ موقفاً منادياً لوقف الاستيطان، وإزاء وجود ما يسمى بالأحزاب اليسارية والوسطية التي تعوّل على دعم الأحزاب العربية في البرلمان الإسرائيلي.
ومع ذلك فإن تولي “بينيت”، الذي يتزعم حزباً يمينياً متطرفاً، للسلطة الإسرائيلية يعدّ ضربة لآمال إحياء عملية السلام والتوصل إلى “حل الدولتين” الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بسبب معارضته لبناء كيان فلسطيني يتمتع بالسيادة والاستقلالية، وانضواء حكومته على أعضاء متطرفين، على شاكلة حزب لبيد، وشريكه في الائتلاف، أفيغدور ليبرمان.
وينقل “بينيت”، أبرز أقطاب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى داخل ائتلافه الجديد، الذي يحمل اسم “التغيير”، نظير اسهاماتهم الجليّة في رفع منسوب العدوان والقتل والقهر ضدّ الشعب الفلسطيني، عبر انضواء أكبر عدد من الضباط السابقين في جيش الاحتلال، وعددهم 11، تحت المظلة الحكومية الجديدة، ومنهم وزير الجيش الحالي، بيني غانتس، و”بينيت” نفسه، الذي خدم في الوحدات الخاصة الإسرائيلية.
وما يزال نتنياهو ينافح حتى آخر لحظة لإفشال الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بالرغم من أن “غالبية أعضاء الليكود أدركوا حقيقة الانتقال إلى خانة المعارضة، في ظل نفاذ الأدوات المساعدة لوقف تشكيل حكومة بينيت – لبيد.
ولكن الليكود قد يراهن، وفق مواقع إسرائيلية، على عدم مقدرة حكومة بينيت – لبيد للاستمرار فترة طويلة، إذا لم تقدم رؤية جوهرية للقضايا الداخلية والخارجية، في ظل التمايز الكبير بين أعضاء ائتلافه، والذي قد يدفع الائتلاف للانهيار، حيث تضّم خليطا غير متجانس من الأحزاب اليسارية والليبرالية واليمينية والدينية، بالإضافة إلى حزب عربي وذلك لأول مرّة في مسار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
ويشهد الداخل الإسرائيلي منذ أيام حالة توتر واحتقان شديدة؛ فبينما تنتظم التظاهرات الحاشدة أمام منزل نتنياهو للمطالبة بمغادرة المشهد الإسرائيلي، فإن كبار حاخامات الصهيونية الدينية يدعونه “للقيام بأي شيء لإحباط انطلاق حكومة بينيت – لبيد.
وجاء في منشور الحاخامات، تحت عنوان “دعوة حاخامات إسرائيل”، أن الحكومة الجديدة “تتناقض بشكل كامل مع رغبة الشعب مثلما تم التعبير عنها بشكل حاسم في الانتخابات الأخيرة”.
وطبقاً للمواقع الإسرائيلي؛ فإن الأجهزة الأمنية تأخذ تهديدات التحريض ضد “بينيت”، “على محمل الجد”، لاسيما في ظل زيادة في الخطاب التحريضي والعنيف على شبكات التواصل الاجتماعي، الذي يتضمن تهديدات صريحة لحياته ولشركاء آخرين في حزبه وائتلاف الحكومة الجديدة.
وتحذر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من احتمال وقوع أعمال عنف خلال واحدة من أكثر الفترات المشحونة سياسيا مع اقتراب الإطاحة بنتنياهو.

الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة