حياة النبي ﷺ في رمضان

بقلم/ ماهر جعوان


الاستقبال والتهيئة:

يُعَدّ شهر رمضان من أفضل مواسم الخير التي تمكّنُ المسلم من التّزود فيها من الأجور؛ فيصوم النهار، ويقوم الليل، ويُعلِّم، ويتعلّم، ويُفطّر الصائمين، وحسن استغلال واجتهاد في العبادة منذ اللحظة الأولى.
كان  يفرح ويحتفل ويحتفي ويبشر بشهر رمضان، ويحفز ويحث على اغتنامه والاجتهاد فيه فيقول «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم» صحيح سنن ابن ماجة.
ويقول :)إذا كان أول ليلة من رمضان صُفِّدَت الشياطين ومردة الجن، وغُلِّقَت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) البخاري.

الغداء المبارك:

كان  ينوي الصيام كل يوم، وكان شديد الحرص على السحور، قال العرباض بن سارية: دعاني رسول الله  إلى السحور في رمضان، قال: (هلم إلى الغداء المبارك) صحيح.

وقال : (إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين) البخاري ومسلم.

فيقول : (تسحروا فإن في السحور بركة( البخاري ومسلم.

وقبل الغروب يردد  أذكار المساء
و(كان  يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ) صحيح.

وقال : “لا يزال الناس بخيرٍ ما عجلوا الفطر” البخاري.

وكان  يقول: “ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى” حسن.

وكان لا يعيب طعاما قط، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه وسكت، ويكتفي بالقليل من الطعام .
الاجتهاد في العبادة:

كان  يجلس في مصلاه بعد الفجر (مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ، وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ) حسن.

وكان  يحث الصائم على كثرة الدعاء (ثلاثةُ لا تردّ دعوتهم الإمام العادل والصّائم حين يفطر ودعوة المظلوم) الترمذي.

وكان  يشغل نفسه بقراءة القرآن والصلاة والذكر، ويوجه الناس إلى خيرَي الدُّنيا والآخرة، ويحث على استغلال رمضان، والأوقات المباركة فيه، كليلة القَدْر؛ وذلك لشدّة رحمته، وإشفاقه، ومَحبّته لأمّته، وإرادة الخير لهم؛ بحَثّهم وتشجيعهم على فِعل الخيرات، والإكثار من الطاعات.

وكان  يصب الماء على رأسه وهو صائم، ويتمضمض ويستنشق وهو صائم، وينهى الصائم عن المبالغة في الاستنشاق، وكان  “يتسوّك وهو صائم” الترمذي.
كان  “يلقى جبريل عليه السلام فى كلّ ليلةٍ من رمضان فيدارسه القرآن” البخاري.

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)

ولمدارسة القرآن آثارها العظيمة على النفوس والقلوب والأرواح فكان رسول الله  أجود الناس، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (كان رسول الله  أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله  أجود بالخير من الريح المرسلة) البخاري

وفي ذلك حَثٌّ على استغلال رمضان بتلاوة القُرآن حق تلاوته، ووعيه وتدبره وتطبيقه، والتحذير من الغفلة عنه.

وكان يأمر بإخراج زكاة الفطر قبل الخروج إلى المصلى، وكان يخرج إلى العيد ماشيًا ويصلي بالناس ركعتين، ثم يخطب في مصلى العيد، وما صلاها في المسجد قط .
قيام الليل:

قال : (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) البخاري

وقد صلى  التراويح أياما بأصحابه، ثم لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم، فكان يرجع إلى بيته، ويصلي من الليل ما شاء الله له، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة رسول الله  في رمضان؟ فقالت:مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا) البخاري ومسلم

وقد رغب  في صلاة التراويح (القيام) مع الإمام حتى ينهي صلاته، فقال (إنَّهُ من قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ فإنَّهُ يعدلُ قيامَ ليلةٍ) صحيح ابن ماجه

الاعتكـاف وليلة القدر :

كان النبي  يجتهد في العبادة والطاعة في رمضان كله، إلّا أنّه كان يجتهد في العشر الأواخر أكثر من غيرها، فكان  “يعتكف العشر الأواخر من رمضان ويقول: تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان” البخاري.

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)

فكان  “إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله” البخاري.

قال : (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) البخاري .
أخلاق النبي في رمضان:
كان رسول الله  أحسن الناس خلقا (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وقد حذر من سوء الأخلاق بوجه عام، و نهى عن كُلّ ما يُنقص من أجر الصيام فقال : (الصيام جُنَّة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث، ولا يجهل, فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم، إني صائم) أبو داود.
وقال : (منْ لَمْ يَدَعْ -يترك- قَوْلَ الزُّور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) البخاري .

هذا بعض هديه وسنته  في رمضان، فحري بنا أن نعرف لشهر رمضان حقه, وأن نقدره حق قدره، وأن نغتنم أيامه ولياليه، ولنسدد ونقارب، عسى أن نفوز برضوان الله، ويكتب لنا سعادة الدنيا ونعيم الآخرة.

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة