خبراء: “كورونا” أثرت على الصحة العقلية والنفسية لأطفال ومراهقين

في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية انتهاء جائحة كورونا حذرت كل من منظمة الصحة العالمية واليونيسف من أن “فيروس كورونا ترك تأثيرا على الصحة العقلية لدى الأطفال والمراهقين وخاصة الأطفال ذوي الخلفيات الأكثر حرمانا، ممن تم إغلاق مدارسهم لفترات طويلة وافتقروا إلى الدعم في المنزل والمدرسة”.

وأوضحت بيانات صادرة عن المنظمة أن طالبات المدارس الأكبر سنا تأثرن بشكل أكبر في صحتهن العقلية، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة مثل توفير دعم أفضل في المنزل والمدرسة والأنشطة الاجتماعية.

يأتي ذلك وسط تأكيدات خبراء نفسيين وتربويين بأن الجائحة تسببت بمشاكل نفسية للفئات العمرية ككل، وأثرت على الأطفال والمراهقين بشكل خاص فضلا عن حالة من التوتر والإجهاد النفسي بين الأطفال والمراهقين.
ويتفق ذلك مع  نتائج دراسة ألمانية أظهرت أن “جائحة كورونا تسببت في ظهور اضطرابات نفسية لدى الأطفال، وغيرت حياتهم اليومية بشكل اشتد فيه الشعور بالخوف والقلق لديهم”.
وفي السياق أوضح مدير الصحة النفسية في وزارة الصحة الدكتور خالد الحديدي في تصريح لـ “الغد” أن تفشي فيروس كوفيد – 19 تسبب في تعطيل حياة الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم، وفرضت الجائحة شعورا بعدم اليقين والقلق، حيث كان العالم غير قادر على التنبؤ أو الاستعداد لهذه الأزمة.
وأضاف الحديدي من جانبه، أن هذه الجائحة  تسببت بمشاكل نفسية للفئات العمرية ككل، إلا أنها أثرت على الأطفال والمراهقين بشكل خاص حيث أدت إلى حالة من التوتر والإجهاد النفسي بين الأطفال والمراهقين وجميع الطلاب بشكل عام.
وتابع “أن هذا الإجهاد قد يؤدي إلى آثار سلبية غير مرغوب فيها على التعلم والصحة النفسية للطلاب ويعجل الإجهاد الذي يتعرض له الأطفال والمراهقون بسبب إجراءات العزل التي ترافقت مع الجائحة تطور القلق ونوبات الهلع والاكتئاب واضطرابات المزاج والاضطرابات النفسية الأخرى”.
وأشار الحديدي إلى أن الأطفال أصبحوا أكثر عرضة للعنف الأسري خلال الحجر المنزلي، جراء الأحداث المؤلمة مثل الانفصال عن العائلة والأصدقاء في حالات العزل، أو رؤية أو إدراك أن أفرادا من عائلاتهم أو أصدقائهم أو معارفهم مصابون بأمراض خطيرة ناتجة عن فيروس كورونا، أو وفاة أحبائهم، أو حتى التفكير في أنهم هم أنفسهم قد يصابون بالفيروس، ما شكل تأثيرا ضارا على الصحة النفسية لديهم.
ونوه الى أن تعطل الروتين اليومي للأطفال والمراهقين ساهم بشكل كبير في زيادة التوتر وصعوبات النوم التي يواجهها العديد منهم من الأساس.
ولفت الى أن عدم اليقين الذي تشكل لديهم خلال الجائحة فيما يتعلق بمستقبلهم الأكاديمي، وعلاقاتهم الشخصية وقلة نشاطهم الجسدي وزيادة وقت الفراغ لديهم زاد احتمالية انخراطهم في استخدام المؤثرات العقلية والمخدرات.
وتابع “حيث يمكن أن تؤدي إلى معدلات أعلى من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات التكيف، وهذا يسبب الخوف لدى الأطفال لأن الفيروس لا يهددهم فقط بل يهدد أسرهم ومحيطهم أيضا، خاصة وأنهم يرون والديهم يعملون من المنزل، مما يؤدي إلى الخوف والصدمة”.
واستطرد الحديدي قائلا “أنه لا يقتصر أثر الجائحة النفسي على الفيروس نفسه، حيث أن الآثار الاقتصادية الناتجة عنه من فقدان الكثيرين لوظائفهم أو تقليل دخلهم الشهري أثرت على المستويات الاجتماعية والاقتصادية لكثير من الأسر، وهي من أهم العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين قبل الكبار”.
بدوره قال الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة لـ “الغد” “إن أزمة كورونا تركت آثرها الاقتصادي والاجتماعي السلبي فيما يتعلق بالتعليم فظهر لدينا ما نسميه بالفاقد التعليمي.
وأضاف أن هناك جانبا آخر لم يتم التطرق له بشكل كبير وهو مايتعلق بالجانب النفسي والصحة عند الأطفال ولاشك أن الجائحة تركت أثرا كبيرا جدا لدى الكثير ممن فقد ذويهم أو أقربائهم  .
ونوه الى أن الفترة التي قضاها الأطفال داخل محيط الأسرة فترة ليست قصيرة وبالتالي كانوا معتادين على ممارسات تتعلق بالخروج من المنزل واللعب لذلك فقد تركت أثرا نفسيا، وهذا واضح من خلال عمليات الاندماج الاجتماعي الذي نراه داخل الغرف الصفية.
وأشار أن التربويين في الوقت الراهن يلجأون في نظم التربية والتعليم إلى “التعلم الاجتماعي العاطفي” لمعالجة هذه الفجوة التي ظهرت لدى الأطفال”.
وقال النوايسة إن جل النظم التعليمية والخبراء عادوا إلى تقديم رسائل وتوجهات إعلامية وفيديوهات لمعالجة الأثر النفسي الكبير الذي خلفته الجائحة .
وأوضح أن هناك ارتفاعا في حالات العنف والميل الى الانتحار ولكن ليس جميعها سببتها كورونا غير أن الفترة الزمنية التي خلفتها الجائحة تركت آثارها على الجانب التعليمي، حيث نرى الأطفال يجدون صعوبة في التوجه والاندماج الاجتماعي.
ودعا النوايسة المؤسسات التربوية والإعلامية والأسر الى توجيه الأبناء  للتعامل مع الأزمات والكوارث والأوبئة وأن تتم تهيئتهم نفسيا إلى أي تغيرات جديدة قد تحدث.
ومن جانبه قال الخبير التربوي الدكتور صالح بركات إن جائحة كورونا أنتجت تأثيرات مؤلمة على صحة الإنسان بشكل عام وعلى الصحة العقلية بشكل خاص لافتا الى أنه على الصعيد العالمي تشير التقديرات أن أكثر من 1 من كل 7 مراهقين، ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاما، تم تشخيصهم على أنهم مصابون باضطراب عقلي. ويرى أن هناك تأثيرا لجائحة كورونا بتغيير مسار نمو أدمغة الأطفال على المدى البعيد.
وأضاف “أن دراسات توصلت إلى أن الضغط النفسي الناجم عن تفشي وباء كورونا يؤدي إلى هرم أدمغة المراهقين وغيرت من بنية أدمغتهم، وجعلتها تبدو أكبر بعدة سنوات من أدمغة أقرانهم قبل الجائحة.
ولفت بركات الى أن كورونا أثرت سلبا على الصحة العقلية لدى الشباب خلال فترة البلوغ وسنوات المراهقة المبكرة، حيث تشهد أجسام الأطفال نموا متزايدا في كل من الحصين واللوزة الدماغية، وهي مناطق في الدماغ تتحكم في الوصول إلى ذكريات معينة وتساعد على تعديل المشاعر.
وتابع في الوقت نفسه، تصبح أنسجة القشرة الدماغية التي تشارك في وظائف تنفيذية، أرق وقد قورنت فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي لمجموعة مكونة من 163 طفلا ومراهقا تم تصويرها قبل الجائحة وفي أثنائها، وأظهرت أن نمو الدماغ تسارع لدى المراهقين أثناء فترة حظر التجول والإغلاقات التي صاحبت جائحة كورونا.
وأشار الى أن الدراسات أدلت أن المراهقين الذين تم تقييمهم بعد انتهاء الجائحة لم تكن لديهم فقط مشاكل صحية عقلية أكثر حدة، ولكن أيضا قلت سماكة قشرة الدماغ لديهم، وازداد حجم الحصين واللوزة، وأصبح عمر أدمغتهم أكبر من عمرهم الفعلي”.
وكانت منظمة اليونيسف في الأردن وفق ممثلتها تانيا شابويزات، أوضحت أن “جائحة كوفيد-19 كشفت مدى خطورة أزمة الصحة النفسية على الأطفال والشباب الأكثر تهميشا، مطالبة بادماج تدخلات الصحة النفسية والدعم النفسي في قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية لتلبية احتياجات الصحة النفسية المتنوعة والمركبة للأطفال واليافعين في الأردن.

الغد/حنان بشارات

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة