خربة المخيط في مادبا .. شواهد أثرية عتيقة تحاكي عبق التاريخ

مادبا – في الجهة الغربية من مادبا، وعلى بعد ثلاثة كيلومترات فقط عن جبل نيبو، تقع خربة المخيط، تلك البقعة التي تجمع بين سحر الطبيعة وغنى التاريخ، حيث تتعانق الغابات الكثيفة مع شواهد أثرية عتيقة تحمل ذكريات أكثر من خمسة عشر قرنا.
في بلدية الفيصلية، تتنفس الأرض عبق الزمن المسيحي، إذ تتواجد كنيسة رومانية أرضيتها مزدانة بالفسيفساء، بناها القديسان “لوط وبروكوبيوس” عام 562، لتكون شاهدة على حضارة ما تزال حاضرة في تفاصيل المكان.
لكن المخيط اليوم تقف على مفترق طرق بين الاهتمام والإهمال. السكان من بلدة الفيصلية يرفعون أصواتهم مطالبين بحماية المنطقة، وإدماجها ضمن المسارات السياحية، والاستثمار في إمكاناتها المتميزة، لاسيما في مجال الفنادق والمطاعم والمرافق الترويحية.
تمتد الغابة على جنبات الطريق المؤدي إلى خربة المخيط، فتحتضن الزائر في فسحة خضراء. تمتزج رائحة التراب الرطب بأريج الزهور البرية، ويصطف طول الطريق نباتات متنوعة وأشجار معمرة، ما يجعل الرحلة إلى الخربة تجربة متكاملة، لا يقتصر جمالها على الموقع الأثري فقط، بل يشمل كل لحظة يقضيها الزائر في الطبيعة المحيطة.
وفي الوقت نفسه، يشهد المكان، كما يؤكد السكان، تراكمًا للنفايات بعد كل رحلة تنزه، ما يشوه الطبيعة ويهدد الصحة العامة. المواطن عدي العواد يشير إلى أهمية متابعة بلدية مادبا للحفاظ على نظافة الغابة، وإقامة مرافق صحية تضمن راحة الزائرين، بينما المواطن حبيب طلال عيد يطالب بوضع حاويات كبيرة وتنظيم حملات تنظيف رسمية وتطوعية على مدار العام.
الزوار الأجانب أيضًا يبدون إعجابهم بالمخطط الطبيعي والتاريخي للمنطقة. السائح البريطاني فيليب وزوجته ليزا أعربا عن تمنيهما أن تُدرج خربة المخيط ضمن المسارات السياحية الرسمية لجبل نيبو، وتُروَّج ضمن المنشورات التي تصدرها وزارة السياحة، لما لها من قيمة حضارية وتاريخية.
من جهتها، تؤكد بلدية مادبا، حرصها على الحفاظ على المواقع الأثرية والسياحية، وتعمل على تنظيم حملات توعوية وتنفيذ حملات نظافة مستمرة، مع فتح باب الاستثمار وتسهيل التراخيص للمستثمرين لتطوير المشاريع السياحية، رغم محدودية الإمكانات والآليات.
كما يشدد وائل الجعنيني، مدير سياحة مادبا، على أن خربة المخيط موضوعة ضمن المسار السياحي القريب من جبل نيبو وعيون موسى، وتستفيد من جهود الترويج الرسمية.
خربة المخيط، ليست مجرد غابة أو موقع أثري، بل هي لوحة تمتد فيها الطبيعة والتاريخ جنبًا إلى جنب، وإرثًا يمكن للأجيال القادمة أن تتنفس فيه عبق الماضي وروعة الحاضر.

أحمد الشوابكة/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة