داء ودواء ضعف الإيمان

تتقلب القلوب بين طاعة ومعصية فقد يزيد الإيمان وينموا ويربوا ويصير القلب قريبا من الملائكية بصفائه ونقائه، وقد ينقص الإيمان في القلب ويخمد ويكون قريبا من الشيطانية بجهله وظلمته. يقول : (إنما القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً لبطنصحيح الجامع. وهو شديد التقلب كما وصفه  (أشد تقلباً من القدر إذا اجتمعت غلياناً) صحيح الجامع

من مظاهر ضعف الإيمان

كثرة المعاصي وارتكاب المحرمات والوقوع في الشبهات وعدم الحفاظ على الطاعات، أو التكاسل في أدائها أو عدم إتقانها فيشرد الذهن ويقل التدبر والخشوع، وتكثر الغفلة، ويقسو القلب فلا تؤثر فيه الموعظة، وتضيع الأوقات سدى، فلا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، ويكثر الجدال والمراء والفزع عند وقوع البلاء، ولا يتمعر وجهه إذا انتهكت محارم الله فلا يهتم بأمور المسلمين فتنفصم عرى الأخوة، ويقل استشعار المسئولية في العمل للدين، فيضيق الصدر ويتغير المزاج ضجرا وتأففا، وتذهب سماحة النفس، وقد يستهين بمحقرات الذنوب التي (تجتمع على الرجل حتى تهلكه) حديث صحيح

وقد يزداد البلاء فيجاهر بالمعصية ويقول ما لا يفعل أو يحتقر ولا يكترث بالحسنات الصغيرة، فيزداد التعلق بالدنيا والشغف بها والحزن الشديد على فوات متاعها ويطول الأمل والأمد.

من أسباب ضعف الإيمان

وما كان ذلك إلا بالابتعاد عن الأجواء الإيمانية، والابتعاد عن القدوة الصالحة، وقلة طلب العلم وعدم مطالعة القرآن والحديث والمواعظ والرقائق وغيرها، ووجود الإنسان في وسط يعج بالمعاصي والآثام ولا يذكر الآخرة فلا يكترث بمواسم الخير ومواطن البركة، والانشغال الزائد بالمال والزوجة والأولاد (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ).

علاج ضعف الإيمان

من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما ينقص منه، ومن فقه المرء أن يعلم نزغات الشيطان أنى تأتيه، ومن أعظم طرق تدارك الغفلة والانتباه للقلوب (معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه والتي هي أسمى عقائد الإسلام والعقيدة أساس العمل، وعمل القلب أهم من عمل الجارحة، وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعاّ وإن اختلفت مرتبتا الطلب).

فأولى خطوات علاج ظاهرة ضعف الإيمان تتمثل في استشعار عظمة الله ومعرفة أسمائه وصفاته التي تتضمن أنواع التوحيد الثلاثة وتوثيق الصلة به سبحانه من خلال التدبر والتعمق فيها ومعرفة معانيها وملامسة القلوب لها تطبيقا على أرض الواقع بإفراد الله تعالى بالولاء والبراء والخوف والرجاء بلا إفراط ولا تفريط وإفراده سبحانه بالمحبة والخشية والتوكل وحسن الظن والثقة واليقين به والرضا بقضائه والشكر له والصدق معه، والتوبة إليه والإخلاص في العبادة والدعاء والركوع والسجود والخشوع والخضوع والإنابة والذل والاستسلام والانقياد والإذعان له وحده لا شريك له  وغيرها من أعمال القلوب.

ثانيا: الالتجاء إلى الله تعالى ومناجاته والانكسار بين يديه بالدعاء والإلحاح عليه سبحانه بتجديد الإيمان في القلوب, وكثرة ذكر الله تعالى بكافة أنواع الذكر والإقبال على الطاعات والعبادات, (أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وتلاوة وتدبر وتمعن آيات القرآن الكريم فهو بكل تأكيد علاج فعال لداء ضعف الإيمان {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} الإسراء/82 

فلا يكفي في عقيدة أهل السنة والجماعة مجرد التصديق بوحدانية الله تعالى وربوبيته دون العمل الصالح الذي يعتبر ركنا من أركان الإيمان ومقياسا دقيقا لمعرفة نسبة زيادة الإيمان من نقصانه .

روى الحاكم في مستدركه والطبراني في معجمه عنه  قال: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم)

ثالثا: اجتناب اقتراف المعاصي وارتكاب الذنوب والوقوع في المحرمات وهي خطوة هامة وضرورية ولازمة في دواء ضعف الإيمان لما لها من تأثير سلبي على القلب و ملامح انتكاسه.

رابعا: محاسبة النفس أولا بأول وتعاهدها وفطامها وترويضها حتى لا تستوحش طريق الإيمان

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد).

 

بقلم /  ماهر جعوان- مصر 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة