رئاسة امرأة أردنية لجاهة صلح عشائري/ د . رياض خليف الشديفات

الخبر: تناقلت وسائل إعلام أردنية خبر رئاسة نائب أردنية لجاهة صلح عشائري بين عائلتين في الأردن.التعليق الموجز: هل هذا الأمر مألوف في عرفنا الاجتماعي؟ وهل هذا السلوك تكريم للمرأة أم ماذا؟ وهل فيه انتقاص لدور الرجل؟ وهل له علاقة بالجندر وحقوق المرأة؟ وهل لهذا التصرف علاقة بإضعاف دور شيوخ ووجهاء المجتمع من الرجال؟ وما الغريب في الأمر إذا وضع فنجان كبير الجاهة أمام أنثى إذا تم بموافقة أطراف الصلح؟ وهل هذا التصرف عفوي أم مقصود؟ وما دلالاته الاجتماعية في مجتمعنا؟مناقشة الخبر بتفصيل: لا يمكن مناقشة هذا الأمر بمعزل عن الأبعاد الدينية والأعراف الاجتماعية المتعارف عليها في مجتمعنا، ولا بمعزل عن الأدوار التقليدية للرجل والمرأة؟ ولا عن تأثير وسائل الإعلام المعاصر التي تنقل بعض الأخبار بطريقة الإثارة والاستفزاز لقياس ردود الأفعال المجتمعية، كما لا يمكن مناقشته بعيداً عن أنماط التفكير السائدة في المجتمع، وعلى أية حال فقد خاض أناس كثيرون بحسب المرجعيات الثقافية لديهم أو من باب الخوف على بعض الأدوار الاجتماعية التي تراجعت في المجتمع، وبعض التعليقات لم تكن بدرجة كافية من الوعي والحذر في حقل الألغام المزروعة في وعينا وثقافتنا الهشة.ولإيضاح الموضوع وتجليته بعيداً عن ردود الأفعال العاطفية وكيفية التعامل مع الخبر أقول والله المستعان:– من الناحية الدينية : تمنع المرأة من إمامة الرجال في الصلاة، ولا تمتع من إمامة النساء ، وأما الإمامة العامة فهي محل خلاف ونظر لست بصدد بيانه ، ولا تمنع المرأة من العمل في مجالات الحياة المختلفة إذا كانت من اهل الكفاءة والحكمة والدراية ، وعلى مدار التاريخ الإنساني والإسلامي والعربي برزت نساء كثيرات في مجالات العلم والقيادة وبعضهن تفوق على كثير من الرجال علماً وجراءة وشكيمة وهمة وغيرها ، ولشهادة التاريخ فإن غالب المشهد الاجتماعي برمته بتفاصيله المتعددة تديره النساء من وراء الكواليس ، وإذا كان الإسلام منع المرأة من بعض الأدوار فهذا من باب التكريم والحرص عليها ، وليس من باب الإهانة والانتقاص كما يحلو لبعض دعاة حقوق المرأة أن يسميه .– أما من حيث العرف الاجتماعي والعشائري في مجتمعنا : فقد جرى هذا العرف على أن يتولى الرجال ترأس الجاهات والصلحات ، وأن يوضع فنجان القهوة أمام كبير الجاهة برمزية القهوة في هذه الجوانب والمكانة الاجتماعية لكبير الجاهة بسلطته الأدبية والمعنوية التي من خلالها تحل كثير من المعضلات والمشكلات الاجتماعية حتى في اعقد القضايا ، وبرز في المجتمع الأردني أسماء كثيرة لمعت في القضاء العشائري والبعد الاجتماعي يقصدها الناس عند نشوب الخلافات والمشكلات ، ويعد من النوادر في المجتمع الأردني وجود جاهات عشائرية برئاسة نساء مع كل التقدير لكل الكريمات ، وقد يكون لبعضهن أدوار تتعلق بالرأي والمشورة والحكمة دون أن يبرز هذا الدور إلى العلن بشكل مباشر معلن .– أما من حيث الواقع الحياتي والوظيفي : فلا يوجد ما يمنع من تولى المرأة للمواقع القيادية والإدارية ما دامت تطبق القوانين التي تضبط عملها مع توفر الضوابط الأخلاقية والاجتماعية مع تحفظي على توليها لبعض المواقع لكونه يتم على حساب دورها الأساسي في تنشئة الجيل ورعايته الذي يعد من وجهة نظري أهم من كل الأدوار الأخرى ، فالمرأة الراشدة هي صانعة الرجال الكبار ، ولولا دورها لما نجح هؤلاء ، فخلف كل الناجحين من الرجال نساء لهن الحظ الأوفر منه ، أما الضجيج الإعلامي والبحث عن النجومية فلا طائل اجتماعي من وراءه ، وإذا تنازل الرجال عن أدوارهم التقليدية وافلحت بعض النسوة في ذلك فلا ضير ، فالعبرة بالنتائج بأبعادها المختلفة لا بغيرها فنحن نريد عنباً في مجتمعنا ولا نريد أن نقاتل الناطور ، والله المستعان .

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة