رشا القاضي.. حلمها بامتلاك مزرعة زعفران يتحقق في البادية الشمالية

لم تكن جائحة كورونا خفيفة الظل على المهندسة رشا القاضي كغيرها من الأردنيين الذين تعطلت أعمالهم وتغيرت حياتهم، نتيجة الإغلاقات التي اجتاحت العالم بأكمله.

تغلبت القاضي بأحلامها على قيود الحظر، مطلقة العنان لتلك الأفكار التي كانت تدور بعقلها لتصبح حقيقة على أرض الواقع. “الحاجة أمّ الاختراع”، ربما كانت حاجة القاضي لاستخدام الزعفران الذي توقفت عن استخدامه بعد أن اعتادت عليه لسنوات، هو ما دفعها للتفكير في زراعته وتأمين احتياجها واحتياج عائلتها التي كانت لا تستغني عنه طوال السنوات الماضية.

بدأت القاضي تفكر بتحقيق حلمها بامتلاك مزرعة زعفران في البادية الشمالية، وكان شريك حلمها والدها الذي دعم حلمها وساهم في جعله يرى النور. استغلت القاضي مساحات الأرض الفارغة التي يملكها والدها لتبدأ بمشروع “الزعفران” الخاص بها، لكن حصول القاضي على رسالة ماجستير في الاقتصاد والتعاون الدولي وهندسة الزراعة المائية جعلها تفكر بمشروعها بشكل علمي ومختلف.
وكانت القاضي واحدة من النساء الرياديات اللواتي حظين بمقابلة ودعم جلالة الملك عبدالله الثاني في يوم المرأة عن مشروعها الريادي مزرعة الزعفران، معربا عن فخره بدور المرأة الأردنية وإنجازاتها، مؤكدا جلالته “أنه لا يمكن للأردن التقدم للأمام في مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري دون دور فاعل”.
اللقاء مع جلالة الملك ضمن تكريم مجموعة كبيرة من النساء، كان بمثابة فخر ودعم ووسام لـلقاضي لإقامة المشروعات الريادية وتذليل العقبات أمامها في مختلف المؤسسات الرسمية، بل كان أيضا سبيلا أيضا لها وللنساء مثيلاتها للتعريف بالمشروع والترويج له وحصد الدعم الذي مكنها من الوصول إلى الأسواق العربية والعالمية.
وتشرح القاضي عن بداية مشروعها، “بدأت بمراجعة البحوث والدراسات العلمية حول زراعة الزعفران ومدى ملاءمة مناخ الأردن لهذه الزراعة”، خلال ذلك توصلت لمشروع فردي صغير في جرش يمتلكه أحد سكان المنطقة الذي يستورد أبصال الزعفران من إيطاليا وإسبانيا.
تواصلت القاضي مع صاحب المزرعة الذي ساعدها بدوره في عمل دراسة حالة لزراعة الزعفران ومعرفة الظروف التي تحتاجها خلال الزراعة لتكون بيئة ملاءمة، كما تعرفت على جودة أبصال الزعفران القوية المقاومة للآفات وهو ما جعلها تباشر في تنفيذ مشروعها.
بدأت القاضي حلمها بـ 300 بصلة من أبصال الزعفران، وفي زراعتها داخل أحواض شجر الزيتون كتجربة أولية لفحص جودة التربة ونجاح هذه الزراعة في منطقة البادية الشمالية.
سهّل مهمة القاضي اكتفاء هذه الأبصال بمياه الأمطار وفي حال حدوث فجوة مطرية بالإمكان ريها أثناء ري شجر الزيتون، كما أنها مقاومة للآفات ما يعني عدم تعرضها للتلف، حيث تحرص على تسميدها بالسماد العضوي لضمان جودة الأزهار وعدم تغير طعمها.
استغلت القاضي مساحة 10 دونمات منحها إياها والدها في زراعة الزعفران والاعتناء به بعد أن حصلت على تدريب في حاضنة الأعمال “جوردان ستارت”، استمر لعشرة أيام تمكنت  خلالها من الحصول على دعم من الاتحاد الأوروبي بعد أن حصلوا على عينات من الزعفران المزروع في مزرعتها تمكنت من خلاله إنشاء بئر للمزرعة، فضلا عن تشييكها.
الدعم المادي الذي حصلت عليه القاضي ساعدها في توسيع مساحة الأراضي التي تزرعها، حيث زرعت 8000 بصلة من أبصال الزعفران لتوسيع مشروعها وزيادة منتجها.
حجم المنتج وجودته بحسب القاضي لا يمكن تقييمه إلا بعد ثلاثة إلى أربعة مواسم من الزراعة حتى من إنتاج كميات كبيرة لتصديرها إلى السوق العربي وحتى المحلي وإلى ذلك الحين تقوم بترويج الكميات التي تنتجها عن طريق صفحات التسويق الإلكتروني الخاصة بمشروعها عبر الفيسبوك والإنستغرام تحت عنوان رشة زعفران.
كما تقوم القاضي بعرض وتوزيع منتجاتها داخل حاضنات الأعمال التي اهتمت بشكل كبير بمشروعها ومنتج الزعفران الخاص بها خصوصا وأن مزرعة القاضي هي أول مزرعة للزعفران في البادية الشمالية.
ليس الزعفران وحده ما تنتجه القاضي من خلال هذه الأبصال، فهي تستفيد من كل جزء من أجزاء الزهرة في إنتاج بهار الزعفران، الصابون الطبي والزيوت العطرية وماء الورد أيضا وبذلك لا يقتصر الإنتاج على بهار الزعفران وحده وإنما أيضا مواد تجميلية مختلفة.
وتسعى القاضي من خلال إنتاج الزعفران الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي للسوق المحلي وأن تكون الوجه الأردني لتصدير الزعفران إلى السوق العربي والأجنبي.
يحتاج الزعفران مساحات واسعة لزيادة إنتاجه والحصول على كميات كبيرة من الزعفران، إذ تنتج كل 250 وردة غراما واحدا من الزعفران، في حين ينتج الربع دونم ربع كيلو من الزعفران الأمر الذي يتطلب البحث عن آلية جديدة للزراعة للاستفادة من المساحات المتاحة حاليا.
وتطمح القاضي بالحصول على دعم يمكنها من المباشرة في الزراعة العامودية التي تعتبر من أفضل أنواع الزراعة التي تساهم في كثرة الإنتاج وتقليل المساحات المستغلة.
وتوفر القاضي من خلال مزرعة الزعفران في البادية الشمالية الكثير من فرص العمل لفتيات المنطقة من المهندسات الزراعيات وربات البيوت اللواتي عملن في المزرعة وبذلك يعتبر مشروع القاضي مشروعا نسائيا بامتياز، لافتة إلى أنها تسعى إلى تشغيل أكبر عدد ممكن من نساء المجتمع المحلي.
كما تعكف القاضي حاليا على استئجار دونمات الأراضي المجاورة لها لتوسيع زراعة الزعفران، والتوسع في البادية الشمالية بشكل أكبر.
وتقول القاضي، “أحاول من خلال مشروعي نشر ثقافة زراعة الزعفران في الأردن وبيع الأبصال”، ساعية من خلال ذلك إلى تحويل الأردن إلى بلد مصدر للزعفران ويصبح جزءا مهما من اقتصاد الأردن سيما وأن هناك الكثير من الدول العظمى تعتمد في اقتصادها على إنتاج الزعفران.
طريق القاضي ليس ورديا بحسب وصفها، حيث تواجه عقبة تسجيل مشروعها كشركة منتجة لبهار الزعفران لعدم إدراج هذا النوع من الصناعات في الأردن وتسعى من خلال تواصلها مع وزارة الصناعة والتجارة الوصول إلى ما تطمح إليه.
من جهة أخرى يعتبر توفير مساحات كبيرة لزيادة الإنتاج وتوفير فرص عمل أكبر لنساء المنطقة وكذلك تسجيلهم في الضمان الاجتماعي وتحسين أوضاعهم المعيشية.

 منى أبو حمور/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة