رغم عراقته ووفرة إنتاجه في عجلون: “الزيتون الرومي” يتعرض للاعتداءات

=

– تبقى آلاف أشجار “الزيتون الرومي” المعمر، او ما تسمى بأمهات الزيتون، والقابعة على اكتاف جبال عجلون، شاهدا على اغتنام من سكنوا المنطقة قبل مئات السنين لخصوصية المحافظة الزراعية، ما يستدعي مزيدا من الرعاية لتلك الأشجار، والدعم الحكومي لاستثمار هذه الخصوصية.
ولا يخفى على سكان المحافظة، بل وحتى المواطنين في مناطق أخرى، قيمة تلك الأشجار المعمرة، وأهمية انتاجها من ثمار الزيتون والزيت المميزين، ما دفع بجهات رسمية لاتخاذ تدابير في محاولة لحمايتها، وكذلك فاعليات تطوعية سعت لإبرازها واستثمارها لأغراض السياحة.
وفيما تمنع انظمة وتعليمات وزارة الزراعة، اقتلاع تلك الأشجار الأمهات أو نقلها إلى مواقع أخرى، إلا أن تلك الأفعال ما تزال مستمرة بالخفية، ويتم ضبط حالات بين الحين والآخر.
وسلطت مبادرات وجهود تطوعية، الضوء على تلك الأشجار في أشهر مناطق المحافظة التي تحتضنها، داعية إلى مزيد من الدعم لها للحفاظ عليها، واستثمارها سياحيا عبر عمل “مسار الزيتون الرومي”.
الناشط والباحث محمود الشريدة من بلدة الوهادنة، يؤكد أن عمر اعداد كبيرة من أشجار الزيتون الرومي يمتد لأكثر من 1600 عام، وقد يصل الى 2000 عام، لكنه ورغم هذه العراقة يتعرض لاعتداءات بين الفينة والاخرى.
وأشار الشريدة إلى أن زيتون الوهادنة يشبه كثيرا زيتون منطقة الميسر في الهاشمية، وقد يكون زرع في الفترة التاريخية نفسها التي زرع فيها زيتون الوهادنة، مبينا أن الآباء والأجداد، كانوا يملأون سيقانها بالتراب والحجارة للحفاظ عليها من أشعة الشمس ومن التلف، ما ساهم بالحفاظ على هذه الأشجار التاريخية من التلف لفترات طويلة.
وبين أن تلك الأشجار المعمرة، تنتشر بكثرة في مناطق كفرنجة وعنجرة والوهادنة وحلاوة والهاشمية، وتعتبر مصدر رزق للكثير من الاسر، اذ توفر لهم مؤونتهم من الزيت والزيتون، وبيع الفائض منها لسد احتياجاتهم، ما يستدعي توجيه الدعم لها، بتوفير المبيدات والأسمدة والري للحفاظ عليها من التلف.
ويرى رئيس قسم الحراج في مديرية زراعة المحافظة المهندس حاتم فريحات، أن أشجار الزيتون التاريخية، تمثل قيمة وطنية وتراثا حضاريا يجب المحافظة عليه، لافتا إلى اهتمام وزارة الزراعة وتعاونها مع المزارعين للحفاظ على هذا النوع من الأشجار، ذي القيمة العالية.
ولفت إلى أن قوانين وتعليمات الوزارة، تمنع إزالة مثل هذه الأشجار لأهميتها إلا ضمن ظروف خاصة، كوقوعها وسط شارع عام يراد فتحه، وبترخيص وإشراف من مديرية الزراعة للحفاظ عليها من العبث أو الاعتداء غير المبرر.
وبين أن المديرية تتعاون مع المزارعين والجمعيات التي تعنى بالحفاظ على مثل هذه الأشجار، عبر عقد الندوات والمحاضرات والتدريب لمكافحة الآفات التي تصيب هذه الأشجار، للمحافظة عليها وإدامتها، كونها ارثا تاريخيا عظيما يجب الالتفات إليه والاهتمام به.
وكانت مبادرة “الأردن بعيون مصوري عجلون”، وبهدف تسليط الضوء على هذه الأشجار واستثمارها سياحيا، أطلقت مسارا مقترحا أطلقوا عليه “مسار الزيتون الرومي” في منطقتي الهاشمية والوهادنة، والذي تزيد اعمار اشجار الزيتون فيه وفق خبراء زراعيين على 2000.
وقال منسق المبادرة منذر الزغول، أن الهدف من اطلاق المسار المقترح، هو توثيق هذه الأشجار المعمرة وحمايتها، ووضعها على الخريطة السياحية للمحافظة والاستفاده منها لتنشيط الحركة السياحية، كونها تتعرض للاعتداءات احيانا.
وأكد أن الهدف الآخر من وراء إطلاق مسار الزيتون الرومي المعمر، جاء لتشجيع أصحاب مزارع هذه الأشجار، للاحتفاظ والعناية بها وتشجيع الوزارة لتقديم الدعم لأصحابها، كونها تشكل ثروة وطنية وتراثية، مبينا أنه جرى التقاط صور ولقطات فيديو وتوثيقها.
ولفت مدير سياحة المحافظة محمد الديك، الى أن المديرية ترحب بأي افكار ومبادرات تدعم القطاع السياحي في المحافظة، مشيدا بهذه الفكرة التي من شأنها استثمار الزيتون الرومي في الترويج السياحي، ودعم المبادرة.
وقال المهندسان من قسم الارشاد الزراعي يزيد القضاة وحمزة الشواشرة، إن أشجار الزيتون الرومي وعموم أشجار الزيتون، تعتبر من أهم الاشجار الاقتصادية المزروعة في المحافظة، إذ تشكل أكثر من 75 % من مجموع مساحات الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة في عموم المحافظة.
وأكدا أن الدخل الناتج من أشجار الزيتون، يشكل دخلا رئيسا للكثير من العائلات الأردنية، ودخلا اضافيا وتكميليا لعائلات أخرى.
وأوضحا طرق مكافحة الأمراض التي تصيب أشجار الزيتون، مبينين أهمية مراقبة ذبابة ثمار الزيتون، ومكافحتها بتعليق المصائد، سواء الألواح الصفراء اللاصقة أو المصائد الغذائية.
يذكر أن مزارعي الزيتون في المحافظة، عانوا في الموسمين الماضيين من حالة كساد لبيع زيت الزيتون، ما تسبب بوجود فائض كبير ما يزال لدى أغلبهم، وكبدهم خسائر فادحة، وتتسبب بانخفاض الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، وسط مخاوفهم من أن تلاحقهم الموسم الحالي.
ويتوقع خبراء ومزارعون أن يتم الموسم الحالي انتاج زهاء ألف طن زيتون في المحافظة، بحيث يتم تحويل 39 ألف طن منها إلى مادة الزيت وبكمية تقدر بـ8 آلاف طن، فيما يتم استغلال ألفي طن منها للكبيس.
وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون في المحافظة تقدر بـ86 ألف دونم.
ويؤكد مدير زراعة المحافظة المهندس حسين الخالدي، أنه فيما يتعلق بأشجار الزيتون الرومي”الأمهات”، فإن المديرية ملتزمة بحمايتها، بحيث لا تسمح بالمتاجرة بها، ولا اقتلاعها إلا بعد الحصول على التصاريح من المديرية، وفي حالات نادرة كفتح الطرق وتراخيص البناء، مؤكدا استعداد المديرية لتقديم النصائح الإرشادية لرعايتها، وتوفير الأدوية المخصصة لمكافحة الأمراض التي قد تصيبها.
في الأثناء، بدأ مزارعو الزيتون في المحافظة بحزم أمتعتهم للبدء بقطف ثمار أشجارهم، مبتدئين هذه الأيام بالثمار المخصصة لـ”الكبيس”، وقطف الثمار المخصصة للزيت مطلع الشهر المقبل.
واكدوا أنهم يعولون على الموسم الحالي، لتوفير سلعة غذائية رئيسة لأسرهم، وإيجاد مصدر دخل لقضاء احتياجاتهم، وتعويض خسائرهم للموسمين الماضيين.
كما بدأ أصحاب 15 معصرة منتشرة في مناطق المحافظة بتحضير معاصرهم، خصوصا مع توقع استقبال كميات جيدة من الثمار الموسم الحالي، فيما بدأت مديرية الزراعة والجهات الرقابية المختلفة بمتابعة تلك المعاصر، والتأكد من جاهزيتها بما يضمن السلامة والصحة العامة وعدم مخالفة الاشتراطات البيئية للتراخيص.

عامر خطاطبة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة