رغم وحشية العدوان.. لهذه الأسباب خسر الاحتلال وانتصرت حماس

واشنطن- تنتهي نقاشات كثيرة في العاصمة الأميركية بشأن العدوان على قطاع غزة إلى أن تأكيد وتكرار خبراء الى حقيقة تفوق الاحتلال الساحق على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ماديا وعسكريا، سواء من حيث أعداد القوات أو الإمكانيات التسليحية من طائرات وصواريخ ومدرعات ودبابات ومدافع، الا انهم يقرون بانتصار حماس في هجومها الذي شنته في 7 تشرين الاول( اكتوبر) وصمودها في الحرب الحالية رغم مرور 45 يوما من القصف العنيف.

ويشير عدد متزايد من المعلقين إلى إمكانية انتصار حركة حماس أو هزيمة إسرائيل، بل يذهب البعض إلى تأكيد أن حماس قد انتصرت بالفعل.

وأسفرت عملية “طوفان الأقصى” -التي بدأت بهجوم مفاجئ شنته الحركة في 7 تشرين الاول(اكتوبر) الماضي على الاحتلال- عن مقتل أكثر من 1200 صهيوني وإصابة ألفين آخرين واحتجاز أكثر من 240 شخصا لدى حماس.
“حماس انتصرت بالفعل”
ورد الاحتلال بهجمات غير مسبوقة على قطاع غزة نتج عنها استشهاد أكثر من 13300 ألف شخص وإصابة قرابة 30 ألفا آخرين حتى الآن، مع تدمير البنية التحتية في القطاع، بما فيها من محطات مياه وكهرباء ومدارس ومستشفيات.
وكان أكد ضابط الاستخبارات العسكرية الأميركي السابق سكوت رايتر اكد أن حركة حماس أصبحت أكثر من منظمة أو جماعة في صورتها المادية التقليدية.
وقال رايتر إن “حماس أصبحت مفهوما أوسع لمعنى المقاومة، وعلينا أن نتذكر أنها قامت بعمل لم يقم به من قبل إلا الجيش المصري الذي استطاع هزيمة قوات الاحتلال في ساحة القتال، حماس انتصرت بالفعل في 7 تشرين الأول(اكتوبر)، ولا يمكن تغيير ذلك”.
وأشار إلى أنه “عندما عبرت القوات المصرية قناة السويس يوم 6 تشرين الأول(اكتوبر) 1973 انتصرت مصر، بعد ذلك قام الاحتلال بهجمات مضادة وقوية، لكن ذلك لم يغير أن القاهرة انتصرت، والشيء نفسه مع حماس اليوم، لقد انتصرت حتى لو قام الاحتلال بالعمل على تدمير الحركة”.
بدوره، يرى البروفيسور أفراهام شاما من جامعة نورث ويسترن أنه بغض النظر عن الكيفية التي تتكشف بها حرب غزة وما جرى وما يجري الآن فقد خسر الاحتلال بالفعل وانتصرت حماس.
واستشهد شاما بمغادرة مئات آلاف المستوطنين منازلهم في الشمال والجنوب، وانتقالهم إلى ملاجئ أو مراكز آمنة نسبيا في وسط البلاد، وإغلاق مدارس وجامعات كثيرة أبوابها، وتدهور الوضع الاقتصادي بصفة عامة.
خسارة عميقة وطويلة الأمد
وقال شاما إن “الإسرائيليين عانوا من نوع آخر من الخسارة، وهو شعور بخسارة عميقة وطويلة الأمد، وهذه الخسارة مست نفسياتهم بالأساس وإحساسهم بالذات الجماعية والرفاهية، ويمكنك سماع ذلك في أصواتهم وتدويناتهم واختيارهم للكلمات، ويمكن رؤيتها على وجوههم”.
كما أشار إلى أنه قبل هجوم حماس كان المستوطنون يتمتعون بالثقة، واعتقدوا أن حربا مفاجئة مثل حرب تشرين الأول( أكتوبر) 1973 لا يمكن أن تحدث مرة أخرى، وأنه إذا حدث ذلك فإن جيشهم سيقضي عليها في مهدها، ثم جاء هجوم حماس بعد 50 عاما تقريبا، وهو ما مثل لهم صدمة عميقة.
واعتبر الأكاديمي أنه رغم “خسارة أكثر من 13 ألف فلسطيني فإن حركة حماس تمكنت من مهاجمة بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 9 ملايين نسمة ولديه جيش قوي، وهو ما نجح في تحطيم النفسية الإسرائيلية ودفع تجديد الكفاح الفلسطيني من أجل إقامة دولة مستقلة إلى الواجهة العالمية”.
من جانبه، قال البروفيسور ستيفن والت من جامعة هارفارد إنه “وكما هو متوقع يلوم كل جانب الآخر”.
ويضيف “يلوم الفلسطينيون ومؤيدوهم الاحتلال على فرض نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين وتعريضهم للعنف المنهجي وغير المتناسب على مدى عقود عديدة، كما يشيرون إلى أن القانون الدولي يسمح للشعوب المضطهدة بمقاومة الاحتلال غير القانوني حتى لو كانت الأساليب التي اختارتها حماس غير نظامية”.
واعتبر والت أن السمة الجديدة لهذه الجولة الأخيرة من القتال هي أن حماس حققت مفاجأة شبه كاملة مثلما فعلت مصر وسورية قبل 50 عاما خلال حرب تشرين الأول 1973 وأظهرت قدرات قتالية غير متوقعة، وقد ألحق الهجوم أضرارا بالاحتلال أكثر من أي من حروبها السابقة.
وأضاف أنه من الواضح أن الهجوم صدم المجتمع الصهيوني، وأن الحرب الجارية قد تكشف أيضا عن حدود القوة “والحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، والدول القوية تفوز أحيانا في ساحة المعركة وما تزال تخسر سياسيا، انتصرت الولايات المتحدة في جميع المعارك الكبيرة في فيتنام وأفغانستان، لكنها خسرت في النهاية كلتا الحربين”.
وبرأيه، فإن هجوم حماس تذكير مأساوي بأن الاحتلال ليس محصن من الهزيمة ولا يمكن تجاهل الرغبة الفلسطينية في تقرير المصير.
ويتابع “كما أنه يبين أن اتفاقيات أبراهام والجهود الأخيرة لتطبيع العلاقات بين اسرائيل والسعودية ليست ضمانا للسلام، في الواقع ربما جعلوا هذا الصراع الأخير أكثر احتمالا”.
عقود من النضال
من جهته، اعتبر جون ألترمان رئيس وحدة الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن أن تجنب جيش الاحتلال الأخطاء الأميركية قد انتهى.
وقال ألترمان في تقرير نشره المركز إن “الجيش الإسرائيلي تجنب إلى حد كبير التاريخ المتقلب الذي ابتليت به الولايات المتحدة عسكريا منذ بدء حرب فيتنام، فقد أنهى الجيش الأميركي الاشتباكات في لبنان والصومال وهاييتي دون انتصارات واضحة”.
وأضاف “كما انتهت حروب ما بعد هجمات 11 أيلول(سبتمبر) في العراق وأفغانستان ومنطقة الحدود السورية العراقية رغم الموارد الضخمة وسنوات من القتال ومليارات الدولارات وآلاف القتلى الأميركيين بالفشل في تأمين النصر”.
وأشار ألترمان إلى أن مفهوم حماس للنصر العسكري يدور حول “تحقيق نتائج سياسية طويلة الأجل، لا ترى حماس النصر في عام واحد أو 5، ولكن من خلال الانخراط في عقود من النضال الذي يزيد التضامن الفلسطيني ويزيد عزلة إسرائيل”.
ويضيف “في هذا السيناريو تحشد حماس السكان المحاصرين في غزة حولها بغضب وتساعد على انهيار حكومة السلطة الفلسطينية عبر ضمان أن ينظر إليها الفلسطينيون أكثر على أنها مساعد عاجز للسلطة العسكرية الإسرائيلية”.
ويتابع ألترمان “وفي الوقت نفسه تبتعد الدول العربية بقوة عن التطبيع، وينحاز الجنوب العالمي بقوة إلى القضية الفلسطينية، وتتراجع أوروبا عن تجاهل تجاوزات جيش الاحتلال، ويندلع نقاش أميركي بشأن إسرائيل، مما يدمر الدعم من الحزبين، والذي تتمتع به إسرائيل في واشنطن منذ أوائل سبعينيات القرن الـ20”.
واعتبر أن “النجاحات غير المتوقعة التي حققتها حركة حماس ستلهم الأجيال القادمة من الفلسطينيين الذين يعتزون حتى بالانتصارات الصغيرة رغم الصعاب المستحيلة”.-(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة