رمضان يجمعنا // فدوى الخصاونة

يأتي شهر رمضان ضيفا خفيفا يكرمنا ببركاته، يهدينا أيامًا وليالي خيرا من ألف شهر، تهب علينا من ثناياه نسائم الرحمة وعطر التسامح، ومن عظيم نعم الله تعالى أن اختص هذا الشهر لمضاعفة الأجر وتقبل الدعاء؛ فيجتمع المسلمون على مائدة الله العامرة بكل صنوف الرحمة والمغفرة ليتهيأ لهم فرصة الاغتراف من نبع عطائه الكريم.

يجتمع العالم الإسلامي يراقبون الهلال وما إن تلوح بشائره حتى تستقيم أحوالنا وتنضبط سلوكاتنا حتى نكاد نصل للكمال.

والصيام عبادة تتفرع عنها أغلب العبادات، فبه نتعلم الصبر ونصل الرحم ونصون ألسنتنا عن القول المنكر والكلام البذيء.

بالوقت الذي تفرقنا الظروف والمسافات فنعيش طقوس الحياة كما يتاح لنا، يأتي رمضان ويجمعنا على أجواء ذات نسمات عليلة بالإيمان والخير

وإن ما يميز شهر رمضان أنه وقت يتساوى به الجميع أمام هيبة الله وجلاله؛ يتشاركون في تحملهم للجوع والعطش فلا فرق بين وزير وفقير ولا فرق بين رجل وامرأة، يتم فيه التركيز على الطاعات بشتى أنواعها صلاة وقيام وأذكار وتلاوة القرآن كل ذلك يجمعنا على موعد القمر فيتجلى شعار «رمضان يجمعنا».

تعد العائلة وهي المجتمع الأضيق ركيزة ودعامة أساسية من دعامات المجتمع ومنها تنطلق طقوس الشهر الفضيل ولما كان من الصعوبة بمكان أن تجتمع على مائدة واحدة؛ بسبب ظروف الحياة ومتطلباتها ومشاغلها الكثيرة فلا أحد لديه الوقت لينتظر أخاه أو أخته أو أباه على مائدة الغداء أو العشاء فيأتي رمضان ليمنح الجميع فرصة لتلتم العائلة وتجتمع على ذات الطبق بذات الزمان والمكان يجتمعون على سجادة صلاة واحدة ودعاء واحد؛يجددون علاقاتهم يغذونها بالصلة والتواصل، يلتمون على فنجان قهوة وقطايف مغمورة بالسكر؛ فتنتشي النفوس وتتزين بالورع فيعتبر هذا الشهر بمثابة توثيق حالة من حالات الألفة والوئام، ومشهد من مشاهد الكرم والعطف على الفقراء والمحتاجين.

عند الغروب تبدو الشوارع خالية والمحال مغلقة والبيوت عامرة والأضواء تتلألأ على النوافذ والجدران، وأصوات القرآن تجعل الطمأنينة تسري، وتهب رائحة الجنة وتغلق أبواب النار فهل ثمة فضل وخير أشمل وأعم؟

ومما خصه الله تعالى وميز به هذا الشهر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :

إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب.

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة