ساحة السلام.. واجهة ثقافية تحتضن تاريخ وتراث الأجداد في مادبا

تعد “ساحة السلام” في مدينة مادبا، واجهة سياحية، ثقافية، اجتماعية، إذ تمتلك ذاكرة تاريخية تعطي انطباعا جميلا  لزوار المدينة لما تحتويه من مواقع أثرية وسياحية وتراثية.

وتختزن ساحة السلام الكثير من الصور والذكريات والأحداث التي ارتبطت بتاريخ مادبا وكان لها الأثر الكبير من خلال إقامة الفعاليات والنشاطات التي مرت على المدينة منذ إنشائها، ضمن مشروع تطوير وسط مدينة مادبا السياحي والتراثي التي بدأت مراحله في أوائل العام 2008 واستمرت لغاية العام 2010.

تمتد “ساحة السلام” من محيط مبنى بلدية مادبا الكبرى الذي يقع ضمن حدود وسط المدينة وصولاً إلى شارع فلسطين الموصل إلى كنيسة القديس جاورجيوس “الخارطة” والتي تعد أهم وأقدم كنائس المدينة، حيث تم تأسيسها في العام 1896، وتزهو الساحة بمسجد المغفور له الملك الحسين بن طلال، وقد تبرع بقطعة الأرض التي بني عليها المسجد في أربعينيات القرن الماضي، أحد أبناء العشائر المسيحية من عائلة “المرار”، ما يؤسس حالة أخرى من الوئام والتفاهم بين ساكني المدينة من مسلمين ومسيحيين، كما أنه يعطي مثالاً رائعاً على قيم الحياة المشتركة بين الأديان.
ويتميز المسجد بطرازه المعماري العثماني في محاولة لمحاكاة مسجد السلطان أحمد في إسطنبول بتركيا، ويرتبط اسم المسجد بالملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، لأنه هو الذي أمر بإعادة بنائه بمكرمة ملكية في زيارته لمادبا العام 1998، وفق مدير أوقاف مادبا هاني الشوابكة.
كما يحيط بـ”ساحة السلام” التي تبلغ مساحتها (425) متراً مربعاً العديد من مبانٍ قديمة مثيرة للاهتمام، وبخاصة السوق القديم الذي ما يزال يحتفظ بالعديد من المتاجر القديمة التي بنيت في العقود العشرين الأولى.
وأكد رئيس بلدية مادبا الكبرى عارف محمود الرواجيح، أنه تمت تهيئة الساحة من خلال تبليطها وعمل ممرات  للمشاة بأشكال فنية متعددة، وتوفير البنية التحتية من توصيل التيار الكهربائي وإضاءة المكان وتوصيل شبكة المياه، حيث أضحت الساحة متنفساً لأبناء المدينة وزائريها يلمسون فيها التآلف والتحاور التاريخي، وخاصة بوجود أنماط عمارة الأبنية يتناوب عليها القدم والحداثة.
وأضاف الرواجيح، أن للساحة روحاً وإيقاعاً خاصا، ما يجعل البلدية توليها جل الاهتمام والرعاية من خلال بناء نصب تذكارية لمجسم حمامة السلام المطلية باللون الأبيض ونافورة، مشيراً إلى أن هناك خطة تنوي البلدية تنفيذها في القريب العاجل لتطوير هذا الموقع المهم الذي يحتضن العديد من الفعاليات والنشاطات الثقافية والاجتماعية والدينية، مشيراً إلى أن النية تتجه نحو بناء نصب يخص مادبا عاصمة السياحة العربية للعام 2022.
وأشار الرواجيح إلى أن ساحة السلام تستقبل خلال فترة الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد أعدادا كبيرة من الزوار والمصلين احتفالا بالعيد وزيارة شجرة الميلاد والتقاط الصور التذكارية والعائلية للأطفال والأهالي هناك بمناسبة الأعياد المجيدة، وهذا يؤكد ما يميز مادبا أنها مدينة الحياة المشتركة بين الأديان السماوية الإسلامية والمسيحية، مبيناً أن الساحة في مضمونها تجمع بين العناصر التاريخية والثقافية من خلال إقامة الفعاليات الاحتفالية الثقافية والاجتماعية والتطوعية والدينية، ما يجذب العديد من المواطنين والسياح للحضور والمشاركة في الأجواء الاحتفالية المقامة في فضاءات الساحة.
ووضع الفنان التشكيلي خالد الجفيرات بصمته في المجسمات المنصوبة في ساحة السلام، إذ استطاع أن يقدم في منحوتاته الحديدية والإسمنتية ورسوماته مفردات جمالية، تحاكي الواقع وتاريخ الأردن وجماليات مناطقه والحضارات التي مرت عليها عبر العصور والأزمنة. وفق ما ذكر.
ويطوع الجفيرات، الحديد بصلابته لينفذ مواضيعه وأفكاره بمهارة وحرفية وتقنية عالية مكنته من الإبداع الحسي والبصري لينشأ ثقافة بصرية وحسية عالية، بإثبات قدرته على تطويع المعدن والحجر والرخام والخشب والإسمنت بين يديه، إذ يطويها وينشرها ويتحكم بها، ليستخرج منها الأشكال التي يريدها لتكون أعماله في غاية الدهشة والتعبير عن كل ما هو جميل وشفاف في الطبيعة.

 أحمد الشوابكة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة