ساحل العاج.. أغرب رحلة للأبطال في تاريخ كأس الأمم الأفريقية

عبر مهاجم منتخب ساحل العاج سيباستيان هالر، عن سعادته بقيادة فريق “الأفيال”، للتتويج بلقب كأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة في تاريخه.
وفازت ساحل العاج على نيجيريا بنتيجة 2-1 أول من أمس، في اللقاء النهائي للنسخة المقامة على أرضها.

وقال هالر في تصريحات تليفزيونية عقب اللقاء: “ما حدث كان استثنائيا.. بذلنا كل ما لدينا وتحلينا بالصبر ولعبنا بكل قوة والجميع كان استثنائيا والمدرب فعل ما عليه وهكذا كانت المكافأة للعمل الجماعي الدؤوب”.
وبسؤاله عن الصعوبات التي واجهها بعد مرضه بالسرطان العام 2022، رد هالر باكيا: “تلقيت أعظم مكافأة.. هذا شيء رائع ولا بد أن نؤمن بقدراتنا وهذا ما حدث معي”.
وكان التعادل 1-1 يسيطر على المباراة النهائية، حتى نجح هالر مهاجم بوروسيا دورتموند في خطف هدف الانتصار للأفيال في الدقيقة 81.
يشار إلى أن منتخب ساحل العاج كان قاب قوسين أو أدنى من توديع البطولة من دور المجموعات، لكنه صعد بشق الأنفس ضمن أفضل منتخبات حصدت المركز الثالث، ليكمل مشواره نحو التتويج باللقب.
في الجانب الآخر، أوضح البرتغالي جوزيه بيسيرو المدير الفني لمنتخب نيجيريا، سبب عدم تغيير خطته في المباراة النهائية.
وقال بيسيرو في تصريحات للصحفيين عقب اللقاء، إن أي مدرب يملك نظاما ثابتا للعب، ويحقق به نتائج جيدة، لا يريد تغييره.
وأضاف: “بالفعل احتفظت بنفس طريقة اللعب في المباراة حتى أصبحت النتيجة 1-2 لصالح ساحل العاج، ثم قمت بتغيير الخطة. استقبلنا الهدفين من أخطاء دفاعية، وللأسف سقطنا في هذه الأخطاء في مواجهة المنتخب العاجي القوي”.
ووجه بيسيرو، الشكر إلى لاعبي نيجيريا على ما قدموه في البطولة رغم خسارة اللقب في المباراة النهائية.
ولم يفز منتخب نيجيريا بلقب كأس الأمم الأفريقية منذ نسخة 2013، كما أن “النسور” خسر النهائي الخامس في تاريخ مشاركاته بالبطولة بعد نسخ 1984 و1988 و1990 و2000.
واحتفلت ساحل العاج أمس بالانتصار الذي حققته على أراضيها، في يوم أعلنه الرئيس العاجي الحسن واتارا، عطلة رسمية في البلاد.
ونشر واتارا على حسابه بمنصة “x” في الساعات الأخيرة أول من أمس قائلاً: “نحن أبطال أفريقيا. يا لها من سعادة. برافو برافو برافو لأفيالنا”.
وأضاف الرئيس الذي قام بتسليم الكأس للأبطال على الملعب الذي يحمل اسمه: “”شكرا لكم على هذه النجمة الثالثة التي قدمتموها للأمة. نحن فخورون بكم”.
وفي وقت لاحق، وخلال إعلان عبر قناة (RTI 1) بالتليفزيون العاجي، أعلن واتارا أن هذا اليوم هو عطلة رسمية للبلاد بمناسبة انتصار المنتخب الوطني بالكأس.
من جانبها، صرّحت الحكومة عبر حسابها الرسمي بمنصة “إكس”: “في سماء الكرة الأفريقية يمكننا الآن رؤية النجوم الثلاث التي تسطع في ساحل العاج”.
كما احتفى الاتحاد الأفريقي، الذي يقع مقره في أديس أبابا، بفوز الأفيال على منتخب نيجيريا قائلا “شكرا ساحل العاج. تهانينا”.
ورفعت ساحل العاج الكأس الثالثة في تاريخها بعد نسختي 1992 في السنغال، و2015 في غينيا الإستوائية، لتعادل بذلك عدد ألقاب نيجيريا (1980 و1994 و2013).
وتعد هذه هي المرة الخامسة التي تكتفي فيها نيجيريا بدور الوصيف بعد أعوام 1984 و1988 و1990 و2000.
ولم يكن تتويج منتخب ساحل العاج بلقب النسخة 34 مفاجأة، بل صدفة ومعجزة كروية لاعتبارات عديدة في مشوار الفريق بالبطولة.
فالفريق العاجي منظم البطولة للمرة الثانية في تاريخه بعد استضافة أولى في العام 1984 ويعد أيضا من أقوى منتخبات القارة السمراء، وسبق له التتويج باللقب مرتين في العامين 1992 و2015 بخلاف خسارته في مناسبتين بنهائي نسختي 2006 و2012.
وكانت الترشيحات تصب في صالح “الأفيال” قبل انطلاق البطولة وترشحه للقب بجانب قوى كروية أخرى مثل السنغال حامل اللقب والمغرب رابع كأس العالم الأخيرة في 2022 ومصر صاحب الرقم القياسي في الفوز بالبطولة برصيد 7 مرات والكاميرون ونيجيريا وغيرها.
وقع أصحاب الأرض في مجموعة تبدو سهلة نظريا لكنه افتتح مشواره بانتصار غير مقنع أمام غينيا بيساو بهدفين، ثم سقط في أول اختبار قوي أمام نيجيريا بهدف قبل أن ينهار برباعية نظيفة أمام غينيا الإستوائية في كبرى مفاجآت المونديال الأفريقي.
وفجأة بات منتخب ساحل العاج، على وشك الخروج المبكر وتمت الإطاحة بمديره الفني الفرنسي جان لوي جاسيه قبل أن يمنحه القدر هدية من السماء بالحصول على آخر بطاقة لأفضل أربعة منتخبات تحتل المركز الثالث، بعد فوز المغرب على زامبيا في المجموعة السادسة بخلاف صدفة كروية أخرى بتعادل غانا مع موزمبيق بنتيجة 2-2 نتيجة ركلة ركنية بعد خطأ ساذج من الحارس الغاني في اللحظات الأخيرة.
استمر منتخب ساحل العاج في البطولة وبقى بلا مدرب، وفشلت محاولة جدية في الاستعانة بالفرنسي هيرفي رينارد الذي قاد الأفيال للتتويج بلقب البطولة في 2015، بسبب رفض اتحاد الكرة الفرنسي فكرة إعارة رينارد خلال كأس أمم أفريقيا لتعارضه مع عمله كمدير فني لمنتخب فرنسا للسيدات الذي يستعد للمشاركة في أولمبياد باريس.
وهنا كتب الفصل الثاني في قصة الصدفة بإسناد المهمة إلى المدرب المساعد إيمرس فايي، نجم خط وسط الأفيال السابق البالغ من العمر 40 عاما.
وجد فايي نفسه في مقعد الرجل الأول ويتحمل مسؤولية تحقيق حلم أمة كاملة، رغم أن سيرته الذاتية التدريبية لم تتجاوز سوى أن يكون عمله مدربا لفريق الشباب بنادي نيس الفرنسي، ثم مديرا فنيا لرديف كليرمون فوت الفرنسي ومدربا لمنتخب ساحل العاج الأولمبي.
ولكن فايي تجاوز أول اختبار بنجاح بإقصاء السنغال حامل اللقب من دور الـ16، ثم أسقط مالي والكونغو الديمقراطية ونيجيريا تباعا حتى وصل إلى منصة التتويج.
وترك المدرب العاجي الشاب بصمة فنية أيضا، حيث وضع يده على مواطن الخلل واستعان تدريجيا بأصحاب الخبرات بإعادتهم مجددا للتشكيل الأساسي مثل ماكس جراديل قائد الفريق وجان ميشيل سيري لاعب الوسط، وسيرج أورييه الظهير الأيمن مع منح ثقة أكبر للجناح الشاب سيمون أدينجرا الفائز بجائزة رجل المباراة النهائية، وأيضا سباستيان هالر الذي صنع معجزة أخرى.
ففي كأس أمم أفريقيا، كتب هالر فصلا جديدا في معجزات كرة القدم بعدما قهر مرض السرطان اللعين الذي كاد أن ينهي رحلته مع كرة القدم لابتعاده عن الملاعب ما يزيد عن 9 أشهر، ما أفسد فرحته بالانتقال من أياكس أمستردام الهولندي إلى بوروسيا دورتموند الألماني في صيف 2022.
بدأ هالر المونديال الأفريقي على مقاعد البدلاء وهو يسابق الزمن للتعافي من إصابة في الكاحل أبعدته عن الدور الأول بالكامل، ثم بدأ المشاركة تدريجيا في الأدوار الإقصائية بالنزول بديلا في مباراتي السنغال ومالي.
وفي لحظات الحسم استعاد سباستيان هالر مكانه في التشكيلة الأساسية للأفيال ليسجل هدف الفوز على الكونغو الديمقراطية، ثم هدف التتويج أمام نيجيريا ليكتب نجم بوروسيا دورتموند معجزة أخرى بعدما كان يواجه المرض في الفترة نفسها من العام الماضي. -(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة