“سبيل معان” ملاذ الفقراء وتعزيز قيم التكافل الاجتماعي

معان- “سبيل مدينة معان”، بادرة رمضانية حرصت وطوال 21 عاما، على تقديم وجبات الإفطار لمئات الفقراء وأبناء الأسر المعوزة والمحتاجين وعائلات اللجوء السوري و”عابري الطريق”، في المدينة.
وعلى مدى عشرات السنين، ما يزال شبان في مدينة معان يعترضون حافلات الركاب على الطريق الدولي ويوقفون الحركة، بكل وسيلة ممكنة حتى وإن اضطروا للوقوف في منتصف الشارع والتلويح بأذرعتهم حتى تقف المركبات، معرضين أنفسهم للخطر، لا لشيء سوى لدعوة ركابها إلى تناول الإفطار مع قرب غروب الشمس طيلة أيام شهر رمضان المبارك، عبر إقامة موائد الرحمن التي تعرف بالإفطارات الجماعية لـ”عابري السبيل” وطلبة الجامعة، تجسيدا لموروث اجتماعي في المدينة.
ويستقبل “سبيل معان” الذي أقامه سكان المدينة على الطريق الدولي بالقرب من ميدان “سليمان عرار” الذي يربط المملكة العربية السعودية ومحافظة العقبة والعاصمة عمان، قوافل من المعتمرين وعابري السبيل والضيوف بصدره الواسع الرحب لتقديم ما يلزم من وجبات إفطار وسحور طيلة شهر رمضان المبارك، بعد عناء ومشقة السفر الطويل، حيث يحافظ أبناء المدينة على هذا التقليد الاجتماعي ويتوارثونه جيلا بعد آخر، غايتهم إكرام عابري السبيل ليكونوا ضيوفا على مائدة إفطارهم الرمضانية أملا في الثواب وأجر إفطار صائم.
ويلاحظ تناغم الحركة الدائبة التي يقوم بها الشباب المتطوعون القائمون على “سبيل معان”، فهذا يجهز الطعام والشراب، وآخر يقوم بالتوزيع، وذاك يستقبل ويتسابق لإيقاف قوافل المعتمرين والمارة، ولسان حالهم يقول إنهم يشعرون في عملهم هذا بـ”المتعة”.
ويهدف “سبيل معان”، بحسب القائمين عليه، إلى تعميق قيم التكافل والتضامن الاجتماعي خلال الشهر الكريم والتذكير بفضائل هذا الشهر، وحث الخيرين والمقتدرين للمبادرة بمد يد العون والمساعدة للمحتاجين والفقراء تحقيقا للمعاني الكبيرة التي تنطوي عليها فضائل الشهر الكريم، إلى جانب أنه يعد من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي والتواد والتراحم في هذا الشهر الفضيل، التي اعتاد عليها أبناء معان منذ سنوات طويلة وارتبطت تاريخيا بالمدينة وأهلها، وهي تقليد للمعاني التاريخية في تقديم وجبات للمعوزين.
ويؤكد رئيس لجنة “سبيل معان” محمود أبو صالح، أن اللجنة تقدم أكثر من 700 وجبة إفطار عائلية يوميا بكلفة تبلغ 2000 دينار، تكفي نحو 3 آلاف فرد من الأسر الفقيرة والمحتاجة، إضافة إلى بعض عائلات اللاجئين السوريين والعمالة الوافدة المتواجدين داخل المدينة، تهون عليهم تكاليف الشهر الفضيل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.
وأشار أبو صالح، إلى أن اللجنة تقوم بإيصال وجبات الإفطار، التي يتم إعدادها على أيدي أمهر الطهاة المتمرسين لإطعام فقراء ومحتاجي المدينة، نحو إعداد الطعام وتجهيزه كوجبات إفطار، بهدف توزيعها وإيصالها إلى منازل الأسر المحتاجة والعائلات التي توقفت أعمال عدد كبير من معيليها عبر مركبات خاصة، لافتا إلى أنه تم تقسيم المدينة إلى 19 حيا سكنيا، تقوم فرق شبابية متطوعة بإيصال وجبة الإفطار عبر مندوب لكل منطقة حسب القوائم والكشوفات التي بحوزتهم بأسماء الأسر المستفيدة، مبينا أن عدد العاملين في “سبيل معان” يصل إلى نحو 50 شخصا.
وقال، إن تمويل “سبيل معان”، يعتمد بشكل رئيس على التبرعات العينية والمالية من التجار والمحسنين من أهالي المدينة، والتي تستمر طيلة أيام الشهر الفضيل، موضحا أن العمل يبدأ بإعداد وتجهيز وجبات الإفطار منذ ساعات الصباح، ويستمر حتى الساعة الخامسة مساء.
وأضاف أبو صالح، أن “سبيل معان” ومنذ تأسيسه وللعام 21 على التوالي، لم يتوقف عن تقديم الوجبات الساخنة يوميا على مدار الشهر المبارك لكل من يدخله، وتحضر العائلات المحتاجة إلى موقع السبيل لتسلم حصصها من الوجبات، وتتناول طعام الفطور في منازلها.

حسين كريشان/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة