شارع الجامعة في إربد.. هل يستعيد نبضه التجاري بعد الركود غير المسبوق؟

إربد- رغم الإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية لتنشيط الحركة التجارية في شارع الجامعة بمدينة إربد، فإن الواقع على الأرض يشير إلى أن تلك الخطوات لم تتجاوز كونها حلولا شكلية لم تمس جوهر المشكلة، ولم تتطرق إلى الأسباب الحقيقية لتراجع هذا الشارع الأشهر في المدينة.
فالمحال التجارية الممتدة على طول شارع الجامعة، والتي كانت في السابق تعج بالطلبة والمتسوقين، باتت اليوم تعاني ركودا غير مسبوق.
وأكد أصحاب محال “أن جوهر المشكلة لا يكمن في الأرصفة أو الإنارة أو اللوحات الإعلانية الجديدة، بل في غياب الفئة الأساسية التي كانت تحرك اقتصاد الشارع، وهم طلبة جامعة العلوم والتكنولوجيا، الذين يشكلون نحو 60 % من شاغري المساكن في المنطقة، إضافة إلى تراجع عناصر الجذب الترفيهي بعد إغلاق نادي الطفل والملاهي التي كانت تستقطب العائلات والزبائن من خارج المنطقة”.
وأوضح المهندس معتز الحسن، صاحب سكن جامعي في المنطقة “أن محاله كانت تعتمد بنسبة كبيرة على الطلبة، لا سيما غير الأردنيين منهم، الذين كانوا يستأجرون الشقق والمساكن القريبة لسهولة الوصول إلى الجامعة”.
وأضاف “أن المشكلة بدأت فعليا حين جرى منع باصات الجامعة من المرور بشارع الجامعة قبل سنوات عدة، ما دفع الطلبة إلى البحث عن سكن في مناطق أقرب لمسارات الباصات الجديدة، فضلا عن انخفاض أعداد الزبائن العائليين بعد إغلاق النوادي والملاهي”.
وأشار الحسن إلى “أن السكن الذي يملكه كان يؤوي عشرات الطالبات، لكن بعد انقطاع خطوط النقل غادرت معظمهن إلى مناطق أخرى في المدينة، خصوصا القريبة من مسارات باصات النقل العام”.
وقال “إن ما يحدث اليوم هو تجميل لواجهة ميتة، وإن المشكلة ليست في الشارع ذاته، بل في غياب الناس عنه، وإن إعادة الطلبة ونوادي الترفيه وحدها كفيلة بإنعاش المنطقة اقتصاديا”.
فقدان الزبائن من الطلبة
وأكد أصحاب محال متضررون من الركود، من بينهم أيمن الغزاوي وساهر الإدريسي وحسان المقابلة “أن غياب الطلبة أثر بشكل مباشر على دخلهم اليومي، إذ كان الطلبة يشكلون أكثر من 70 % من زبائنهم، فيما أسهم غياب النوادي والملاهي في تقليص أعداد الزبائن العائليين والعابرين”.
وأوضحوا أن مشاريع التجميل والتنظيم المروري لم تنجح في إنعاش الشارع، حيث اضطرت بعض المحال إلى الإغلاق أو تقليص أعداد العاملين بسبب ضعف الحركة.
وبحسب الغزواي وهو أيضا عضو غرفة تجارة إربد، فإن شارع الجامعة كان لا ينام حتى ساعات متأخرة من الليل، أما اليوم فتتوقف الحركة فيه بعد المغيب، وكأن الحياة انسحبت تدريجيا مع مغادرة الطلبة وإغلاق النوادي والملاهي.
وأشار إلى أن إحياء الشارع لا يتطلب ميزانيات ضخمة أو مشاريع بنية تحتية معقدة، بل إعادة النظر في خطوط النقل العام، لأن عودة الطلبة تعيد معها الحركة التجارية والسكنية والخدمات المصاحبة من مطاعم ومكتبات وقرطاسية ومواصلات داخلية، إضافة إلى ضرورة إعادة فتح عناصر الجذب الترفيهي لتعزيز النشاط العائلي والزائرين.
وطالب الغزاوي، بإجراء دراسة مرورية عاجلة لإعادة إدراج شارع الجامعة ضمن خطوط باصات الجامعة، ولو بشكل جزئي أو عبر رحلات صباحية ومسائية، لإعادة التوازن إلى المنطقة.
كما أشار إلى أن شارع الجامعة يتمتع بخصوصية فريدة على مستوى العالم، إذ دخل موسوعة “غينيس” كأقصر شارع يضم مقاهي إنترنت، وهو إنجاز كان يمكن أن يشكّل نقطة جذب سياحي وتجاري مهمة للمدينة، إلا أن الركود الحالي قلل من الاستفادة الاقتصادية من هذا الإنجاز، خصوصا مع خروج الطلبة الذين يشكلون نحو 60 % من شاغري السكنات في المنطقة، وتراجع حركة المارة، وإغلاق النوادي والملاهي، ما أدى إلى تقليص أعداد العاملين في العديد من المحال أو إغلاقها مؤقتا.
وأكد الغزاوي، أن المشاريع التجميلية وحدها، مثل تحسين الأرصفة والإنارة وتنظيم المواقف، لم تكن كافية لإعادة الحياة إلى الشارع، موضحا أن الحل الحقيقي يكمن في إعادة الطلبة عبر استعادة خطوط الباصات المباشرة إلى الجامعة، إلى جانب إعادة فتح عناصر الجذب الترفيهي مثل نوادي الأطفال والملاهي، وهو ما سيعيد النشاط للعائلات والزوار، ويحوّل الرقم القياسي في “غينيس” إلى قيمة اقتصادية ملموسة على أرض الواقع.
وشدد كذلك، على أن شارع الجامعة يمتلك جميع المقومات ليكون مركزا نابضا بالحياة والتجارة، وما يحتاجه اليوم هو قرار إداري شجاع لتنشيط الحركة الطلابية والاجتماعية، إذ إن عودة الطلبة والنشاط الترفيهي ستعيد للشارع رونقه السابق، مستفيدا من الإنجاز العالمي الذي حققه.
صعوبة الوصول للجامعة
من جانبهم، قال طلبة في جامعة العلوم والتكنولوجيا، إن المشكلة لا تكمن في ارتفاع الإيجارات أو صعوبة السكن، بل في صعوبة الوصول إلى الجامعة.
وأكدت الطالبة سارة، من كلية الطب، أنها اضطرت إلى الانتقال إلى منطقة أخرى بعد أن أصبح الذهاب إلى الجامعة يتطلب تبديل أكثر من وسيلة نقل، ما يزيد الوقت والكلفة.
وأشارت إلى أن عودة خط باصات يمر بشارع الجامعة كفيلة بإعادة الحياة إليه، مؤكدة أن الطلبة هم نبض الشارع، وإذا عادوا ستعود الحركة التجارية والإشغال فورا.
وأضافت أن الحل بسيط، لكنه يحتاج إلى قرار إداري لإعادة تسيير الباصات، ولو بعدد محدود من الرحلات التجريبية.
أما الطالب محمد الزعبي، من كلية الصيدلة، فأوضح أنه فضل الانتقال إلى منطقة مجمع عمان الجديد لقربه من خطوط المواصلات المنتظمة.
بدوره، أكد رئيس غرفة تجارة إربد محمد الشوحة، أن شارع الجامعة يعاني ركودا ملحوظا أثر على النشاط التجاري في المنطقة، مشيرا إلى أن الطلبة كانوا يشكلون النسبة الأكبر من زبائن المحال التجارية، وأن خروجهم أدى إلى تراجع المبيعات بشكل كبير.
وأوضح الشوحة، أن الشارع يمتلك إمكانيات اقتصادية كبيرة، خصوصا بعد دخوله موسوعة “غينيس” كأقصر شارع يضم مقاهي إنترنت، لكن غياب الطلبة وإغلاق النوادي والملاهي قللا من الاستفادة الفعلية من هذا الإنجاز.
وأكد، أن إعادة الطلبة إلى المنطقة، إلى جانب إعادة فتح عناصر الجذب الترفيهي، تعد الخطوة الأساسية لإحياء الحركة التجارية، مشددا على ضرورة اتخاذ قرارات إدارية جريئة لإعادة النشاط الاقتصادي والاجتماعي إلى الشارع.
كما دعا الشوحة، إلى إعادة فتح البوابة القريبة من المسجد الجامعي، التي كانت تخدم الطلبة والمواطنين سابقا، ضمن جهود دعم أصحاب المحال التجارية وتحفيز الحركة الاقتصادية.
دراسات مرورية شاملة
ووفق مصدر في هيئة تنظيم قطاع النقل، فإن خطوط النقل تخضع لدراسات مرورية شاملة، وأن الهيئة تتابع مطالب المواطنين، وتعمل على إعادة تقييم خطوط المواصلات في المناطق الحيوية بمدينة إربد، بما فيها شارع الجامعة.
وأضاف أن إعادة مرور الباصات ممكنة في حال أظهرت الدراسات جدوى تشغيلية واقتصادية، مشيرا إلى ضرورة التنسيق مع مشغلي الباصات والجهات المحلية.
من جهتها، أوضحت بلدية إربد الكبرى، أن مشاريع تحسين الشارع شملت الأرصفة والإنارة وتنظيم المواقف، لكنها لا تختص بخطوط النقل العام المباشرة، مؤكدة ترحيبها بأي مبادرة لإعادة النشاط للشارع، لا سيما إذا كانت مرتبطة بعودة الطلبة والعائلات.
وقال رئيس لجنة بلدية إربد الكبرى عماد العزام، خلال اجتماع عقد مؤخرا بحضور تجار الشارع ورئيس وأعضاء مجلس إدارة الغرفة، إن البلدية ستعمل على عدة مسارات لتحسين الحركة التجارية وتنشيط الأسواق في المناطق التي تراجع فيها النشاط الاقتصادي نتيجة توسع مدينة إربد.
وبين العزام، أن البلدية ستعمل على إزالة الحاجز الحديدي كاملا من الجزيرة الوسطية في شارع الجامعة لتسهيل تنقل المواطنين بين المحال التجارية والمطاعم، لافتا إلى أن النفق الواقع أمام بوابة كلية الاقتصاد القديمة في جامعة اليرموك لم يعد يؤدي الغرض المطلوب.
وأشار إلى السماح لأصحاب المحال باستغلال الارتداد ضمن الرصيف بما ينعكس إيجابا على نشاطهم التجاري، إضافة إلى تخصيص مسرب خاص لحافلات النقل العام عند البوابة الشمالية لجامعة اليرموك بالتنسيق مع قسم السير، من خلال تقليص مساحة الرصيف بما يتيح اصطفاف الحافلات التي تنقل الطلبة.
وأكد العزام، أن هذا الإجراء يهدف إلى حل الأزمة المرورية أمام البوابة الشمالية، عبر إيجاد موقع مخصص لاصطفاف الباصات وإنهاء ظاهرة وجودها في الطريق العام، مشيرا إلى أن البلدية ستعمل أيضا على تعزيز وتحسين إنارة الشارع وتجويد خدمات النظافة، فيما يشهد الشارع الذي كان من أهم الشوارع التجارية في المدينة سابقا، تحسنا ملحوظا في مستوى النظافة بفضل تعزيز جهود الكوادر العاملة.
وقال مصدر في جامعة العلوم والتكنولوجيا، إن خطوط النقل تنظم بناء على دراسات ميدانية لتغطية أكبر عدد ممكن من المناطق، مشيرا إلى أن خط شارع الجامعة ألغي بسبب ضعف الإقبال، وأن إعادة تقييم الخطوط تتم كل فصل دراسي.
وأكدت الجامعة انفتاحها على تشغيل الخط بشكل تجريبي في حال ثبت وجود طلب متزايد من الطلبة، مشددة على حرصها الدائم على تسهيل حركة طلبتها وتحسين شبكة النقل الجامعي بما يتناسب مع احتياجاتهم.
من جانبه، أوضح رئيس جامعة اليرموك الدكتور مالك شرايرة أن فتح البوابة القريبة من المسجد سيتم بعد التأكد من فائدتها الاقتصادية لأصحاب المحال، مشيرا إلى أهمية مواكبة التجار لاحتياجات الطلبة.
كما لفت إلى أن شارع الجامعة أصبح اليوم في وسط المدينة بعد التوسع العمراني، ما يستدعي إعادة النظر في احتياجاته لضمان عودة الحيوية إليه.
وأضاف شرايرة، أن الجامعة تعمل على زيادة أعداد الطلبة الدوليين ضمن خطة إعلامية متكاملة لتعزيز التسويق العالمي للجامعة، بما ينعكس إيجابيا على الحركة الاقتصادية المحلية.

