صدور كتاب “دليل الحيران في الشفعة وحق الرجحان” للمحامي أحمد قنديل

– يذهب المحامي أحمد قنديل في كتابه “دليل الحيران في الشفعة وحق الرجحان.. دراسة مقارنة بين مجلة الأحكام العدلية وقوانين الأراضي”، لأهمية الحديث عن الأراضي والصراع الدائر على الأرض الفلسطينية منذ أكثر من قرن من الزمان.
ويؤكد قنديل أن المحاكم واللجان العسكرية الإسرائيلية والمستشارين في إسرائيل “تتلاعب بالألفاظ والمفردات من أجل الاستيلاء على معظم الأراضي الفلسطينية، استناداً إلى أوامر عسكرية ملفقة، ظاهرها تطبيق القانون وباطنها النية المبيتة لسلب الأراضي تحت مظلة القانون”، ورغم هذا لم يكن هنالك باحثون أو دارسون يتصدون لهذا الموضوع لتفنيد زيف الادعاءات الصهيونية.
ويشير المؤلف، في مقدمة كتابه الصادر عن دار الشروق للنشر والتوزيع (الأردن-رام الله-فلسطين)، وقدمته الدكتورة ميس قنديل، إلى غياب الجامعات والمؤسسات البحثية عن هذا الموضوع، فترك جانبا، واهتمت هذه المؤسسات والجامعات بأمور جانبية هي أقرب ما تكون إلى الترف الفكري بعيداً عن معالجة المسائل الحساسة، والأمور اليومية التي يطمح لها المواطن العادي، بل والمثقف والدارس إلى شرح وتوضيح لما يدور حوله من أمور تنتهي بالنتيجة إلى حرمانه من أرضه أو مساومته عليها تحت ذريعة مفهوم الأراضي الحكومية.
ويبن قنديل أن المحاكم النظامية توقفت عن إصدار القرارات المتعلقة بمصادرة الأراضي واستباحتها بالشوارع الالتفافية والمستوطنات غير الشرعية، عندما سلبت السلطات العسكرية الإسرائيلية صلاحياتها بموجب أوامر عسكرية ظالمة ومضللة.
جاء الكتاب في ثلاثة أجزاء مفصلة كما يلي: الأول يتكون من أربعة أبوب، يقدم الباب الأول تمهيداً مختصراً لتقسيمات الأراضي المعمول بها في فلسطين وفقاً للمواد (7-1) من قانون الأراضي العثماني الصادر سنة 274 هـ، فيما يناقش الباب الثاني كل ما يتعلق بمبادئ الشفعة وأحكامها، كما يسلط الفصل الأول الضوء على مفهوم الشفعة وتعريفها، ويوضح الأسباب والشروط المطلوبة للأخذ بالشفعة.
فيما يناقش الفصل الثاني إجراءات طلب الشفعة (دعوى الشفعة) من حيث طلب الخصومة في دعوى الشفعة والخصم أو المدعى ضده في الدعوى والمحكمة المختصة للنظر في دعوى الشفعة وكيفية تقديم دعوى الشفعة والشروط الواجب توافرها في صحيفة الدعوى، ويشرح أيضاً الأسباب المسقطة لحق الشفعة وفي البيوع التي لا تمارس فيها الشفعة.
كما يعالج الفصل الثالث من الباب الثاني موضوع العقارات التي لا تجوز فيها الشفعة، ويتناول الفصل الرابع حالات تزاحم الشفعاء في العقار المشفوع به، وعالج الفصل الخامس قاعدة عدم جواز تجزئة حق الأخذ بالشفعة، بينما ناقش الفصل السادس المدعى عليه في دعوى الشفعة، وعالجت الفصول السابع والثامن والتاسع بالتناوب كلا من آثار الأخذ بالشفعة وأحكام الزيادة الحاصلة على المبيع قبل أو بعد رفع الدعوى أو أثناء إجراءاتها وموضوع عدم نفاذ تصرفات المشتري بحق الشفيع.
كما خصص المؤلف الباب الثالث لمعالجة الأحكام القانونية المتعلقة بحق الأولوية (الرجحان)، بحيث يقدم الفصل العاشر لمحة تاريخية مختصرة فيما يتعلق بحق الأولوية والوصف الدقيق للأراضي الأميرية والتي تحمل معها حق الأخذ بالأولوية، بينما يقدم الفصل الحادي عشر تعريفا لحق الأولوية ويناقش بالتفصيل الشروط الواجب توافرها في أصحاب حق الأولوية وماهية منع تجزئة هذا الحق وحالات سقوط الأخذ به وبدل المثل والرسوم والنفقات في دعوى الأولوية.
ويناقش الباب الرابع في الجزء الأول منه الفصل الثاني عشر (الفصل الأخير من الجزء الأول) التحديات القائمة في ظل الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بالأرض في فلسطين، لا سيما الأراضي الأميرية، ويقدم الجزء الثاني قائمة بالنصوص القانونية التي تعالج موضوع الشفعة، وذلك يشمل مجلة الأحكام العدلية وقانون الأراضي العثماني والقانون المعدل للأحكام رقم (51) لسنة 58 والقانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 والقانون المدني المصري رقم131 لسنة 1948 ومشروع القانون المدني الفلسطيني.
ويضع الجزء الثالث ما يتجاوز الـ(400) من القرارات والسوابق القضائية في دعاوى الشفعة والأولوية الصادرة عن محكمة التمييز الأردنية والهيئة العامة بمحكمة التمييز الأردنية ومحكمة التمييز اللبنانية ومحكمة النقض المصرية، يشير المؤلف إلى أن الأجزاء الثلاثة الكاملة، تقدم شرحاً لكل ما يتعلق بحقي الشفعة والأولوية ويمكن القارئ من الوقوف عند أدق التفاصيل المتعلقة بالإجراءات المتبعة في المحاكم الفلسطينية، مزوداً عدداً من القرارات والأحكام للاستدلال على ماهية وأهمية هذا الموضوع في فلسطين.
فيما ترى الدكتورة ميس قنديل في تقديمها للكتاب أنه يشكل امتداداً لقائمة البحوث القانونية التي قام بها المؤلف، لا سيما كتابه الذي حمل عنوان “شرح قانون تسوية الأراضي والمياه والقوانين الأخرى المكملة” في سنة 2013، والذي قدم فيه شرحاً مفصلاً عن عدة أمور متعلقة بقوانين تسوية الأراضي والعقارات والمياه السارية والمعمول بها في فلسطين.
وتشير قنديل إلى أن موضوع الشفعة والأولوية من المواضيع المعقدة والشائكة ويصعب تطبيق أحكامها على أرض مقسمة لخمسة أقسام وكل قسم يأخذ حكماً مختلفاً، ومن هنا تبرز أهمية هذا الكتاب بحيث يشمل النواحي العملية المرتبطة بدعاوى الشفعة والأولوية في المحاكم الفلسطينية، فالمؤلف يضع خبرة تزيد على أربعين عاماً من العمل في مجال قضايا الأراضي، مؤكداً أن هذا النص مستمد من الفهم القانوني والخبرة العملية للكاتب.
وتعتبر قنديل أن المؤلف كرس حياته للدفاع عن الحقوق المتعلقة بالأراضي، فهذا الموضوع من أعقد المواضيع فهماً وأكثرها خطراً في ظل الصراع على هذه الأرض وفي ظل وجود سياسة إسرائيلية استعمارية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية من خلال أوامر عسكرية وتحايل على القوانين السارية وتحميلها ما لا تحتمل، والأخطر من هذا كله هو قرارات المحاكم واللجان العسكرية للاستيلاء على هذه الأراضي، مبينة أن الكتاب يحاكي حاجة المجتمع الفلسطيني عامة والمحامين والقضاة والعاملين في مجال الأراضي في فلسطين خاصة لمعرفة كل ما يتعلق بالحقوق المترتبة على الشفعة والأولوية.

عزيزة علي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة