صدور كتاب “رباعيات عمر الخيام” للباحث يوسف بكار

– صدر للاكاديمي والباحث وأستاذ الأدب العربي في جامعة اليرموك سابقًا، د.يوسف بكار، كتاب بعنوان “رباعيات عمر الخيام”، ترجمها عن اللغة الفارسية، وافتتحها بتصدير عن حقيقة الرباعيات.
يشير بكار في كلمة على غلاف الكتاب إلى أن هذه الترجمة ، التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر هي الأحدث عربيًا لرباعيّات الخيام، وأقلّها عددًا، إذ بلغ عددها 75 رباعية، وهي التي يرجح الأديب والباحث الإيراني علي دشتي أصالتها، بعد أن تتبعها تتبعًا تاريخيًا نقديًا في مصادرها المختلفة، بعد قرن من وفاة الخيام حتى العام 740م، وبعد أن درس الخيّام من خلال ما خلّف من آثار في موضوعات شتى، ومن خلال نظر معاصريه فيه، دراسةً علميةً عميقة جادة، في شخصه ومسلكه وفكره وعقيدته، تختلف كثيرًا عن جلّ ما هو متداول توهمًا، وهي مصدرة بضوء ساطع عن الترجمة ذاتها وطبيعتها، وعن حقيقة رباعيّات الخيام.
وينوه بكار إلى أنه ترجم عشرين رباعية التي أدرجها في كتابه “الترجمات الأردنية لرباعيات الخيام: دراسة نقدية”، وكانت الترجمة الأردنية السابعة بعد ترجمات كل من الشاعر مصطفي وهبي التل، في العام 1922، ومحمد الظاهر في العام 1967، وتيسير سبول في العام 1973، ومحمود شلباية في عام 2013.
وحول اختياره الرباعيات الفارسية يقول بكار: “من أجل إثبات الأصول الفارسية لها، من أجل تسهيلها على القارئ، وترجمها ترجمة نثرية اتصالية ضمنية دقيقة غير خفية، تفي بالغرض نفسه في اللغة العربية، مثلما يفعل الغرض الأصل في اللغة الفارسية، بحيث يحسب القارئ أنه يقرأ عمالًا مؤلفًا لا مترجمًا”، وهذا ما حرص عليه المترجم، لافتًا إلى أنه حافظ على فكرة كل رباعية، وبؤرتها المركزية التي هي عماد “فن الرباعية” الفارسي الذي يهدف إلى إيصال فكرة واحدة دقيقة تامة، لافتًا إلى أنه راعى في الترجمة المصطلحات بمفاهيمها الدقيقة في اللغة الفارسية وآدابها.
ويوضح بكار أن هذه الرباعيات ساعدته في الاطلاع على حقيقة رباعيات الخيام التي ما زالت غامضة ومشوشة، اذ لم يكن في آداب الأمم كافة شخصية جدلية كعمر الخيام، سواءً أكان ذلك في سيرته أم في رباعياته؛ فنحن ما زلنا لا نعرف تاريخ ميلاده ووفاته الدقيقين، ولا تفصيلات حياته العامة والخاصة، ولا حقيقة رباعياته الأصيلة، ولكن لا جدال في أن منشأ شهرة الخيام في العصر الحديث هو الرباعيات التي لا يُعرف على وجه التحقيق عددها، وما هو ثابت النسبة منها إليه، وقد طارت شهرته في الغرب، ثم انتقلت إلى الشرق، فصار معروفًا في الخافقين، في حين أنه لم يكن معروفًا بها قديمًا، بل تأتت شهرته من جهوده العلمية البحتة، وما عُرف عنه من مكنة في العلوم الشرعية والإنسانية.
ويشير بكار إلى أن مصدر المشكلات التي يتعرض لها الباحثون الخياميون هو عدم وجود “ديوان” أو “مجموعة” أصيلة موثقة بعنوان “رباعيات الخيام”، مكتوبة بخطه، أو مدونة في عصره، أو في مدة قريبة منه. وقد غدا استخراج رباعياته الأصيلة والاهتداء إليها واحدة من أكبر مشكلات الأدبي الفارسي إلى اليوم، لافتًا إلى أن المجموعات التي أخذت تصل إلينا بكثرة، بعد حوالي أربعة قرون من وفاة الخيام لا يمكن الركون إليها والاعتماد عليها، لما يُعتقد فيها من دس ووضع وتداخل.
ويتحدث بكار عن جهد بعض الباحثين العرب المعاصرين الذين حاولوا أن يفسروا اختلاط الرباعيات، اعتمادًا على مؤلفات الغزالي الذي كان معاصرًا للخيام، بإرجاعها إلى طوائف الإباحية التي كانت تنتشر في عصره، ووصفها وصفًا دقيقًا، وذكر الشُبه التي أوقعتهم في الإباحية، وردها.
ويوضح بكار أن مشكلة الرباعيات المنسوبة إلى الخيام لم تنتهِ بعد، ولم يُحسم أمرها، والمسألة “أن الخيام نظم رباعيات أولًا لأنه من غير المعقول افتراض أن عددًا كبيرًا من أهل الفكر والأدب والتاريخ اتفقوا أو تواطئوا – على مدى قرنين – أن ينسبوا إليه هذه الرباعيات. كذلك مسألة عدد الرباعيات التي تصح نسبتها إليه، أي العثور على رباعيات يكون ظن الأصالة فيها أكثر، لذلك أخذ عدد الرباعيات يزداد كلما ابتعدنا عن تاريخ وفاة الخيام، ولا سيما بعد النصف الأول من القرن الثامن الهجري، وعُثر منذ ذلك التاريخ على مجموعات منها يتراوح عددها بين 158 و500 رباعية”.
ويقول بكار إن الأديب والباحث الإيراني علي دشتي اعتنى عناية شاملة بالخيام والرباعيات، إذ درس شخصية الخيام وأخلاقيات العصية علميًا وأدبيًا ومسلكًا وعقيدة، مستعينًا بأدوات علمية ومصادر عدة، ومهتديًا بقرائن اخضعها جميعًا لمنهج علمي دقيق صارم، بحثًا عن عمر الخيام من خلال ما خلّف من آثار علمية وأدبية وفلسفية، ومن آراء معاصريه ومن بعدهم فيه، ومن مسلكه الحذر المحتاط، ونمط خطابه، وفكره، وسوءات عصره الكثيرة التي كانت تستوجب ذلك، كما أنه استطاع أن يزيل القناع، إلى حد كبير، عن شخصية الخيام، فخلص إلى أنه كان: “مفكرًا حرًا في مضطرب متلاطم الأمواج، دون أن ينتمي إلى أي مذهب أو فرقة، وإن كان أقرب إلى الصوفية التي تجمع بين الشريعة والفلسفة. أما الرباعيات، فقد تقصاها تقصيًا علميًا جادًا، تفحصها بدقة وعناية من خلال المصادر الموثوقة الأقرب إلى عصر الخيام، فاستقر اختياره على خمس سبعين رباعية، رآها الأقرب إلى خطاب الخيام وفكره وفق ما تقدم”.

عزيزة علي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة