ضريبة ومفاسد المقارنات الحياتية والاجتماعية ….فلا تقارن نفسك بغيرك // د.رياض خليف الشديفات

الناظر إلى حال الناس يلاحظ الانشغال كثيراً بما يسمى عملية " المشابهة " وعمليات المقارنة التي تتم بين الناس بطريقة تسبب المتاعب لحياتهم، وتفسد عليهم صفاء البال وسلامة الخاطر، فالرضا بعد الأخذ بالأسباب من دواعي القناعة والعيش حسب الإمكانيات المتاحة، لهذا كانت توجيهات الإسلام كما جاء في الحديث النبوي الشريف:" لا تنظر إلى من هو فوقك لئلا تزدري نعمة الله عليك؛ ولكن أنظر إلى من دونك لتعرف فضل الله عليك “.
فواقع الناس أنهم ينظرون إلى غيرهم من باب المقارنة في المنزل " بيت فلان أريد أن يكون لي مثله أو أحسن منه " سيارة فلان أريد سيارة مثلها أو أفضل منها " منصب ومركز فلان أريد أن أكون مثله أو أعلى منه " شهادة ومؤهل فلان أريد أن مثله " وتخصص فلان وعلان ، زوجة فلان ، دراسة وذكاء أولاد فلان ، مزرعة فلان الفخمة ، وحفله زواج فلان وفلانة نريد مثلها واحسن منها ، المناسبة الفلانية كلفت كذا زينة وبهرجة لن تكون مناسبتي أقل منها ، أثاث فلان وفلانة ، ملابس فلان وفلانة ، رحلة فلان وفلانة ، وتشمل عملية المقارنة والمشابهة كل تفاصيل حياتنا بما يتنافى مع التفاوت في الإمكانيات والقدرات والدخل والمهارات والظروف وغيرها .
ولهذه المقارنات مفاسد لا حصر لها أرهقت دخل الناس، وبعض المناسبات وكلفتها الباهظة كانت سبباً في الدخول في ذل الديون وربما في السجن والملاحقة، وأفسدت المقارنات بهجة المناسبات وبساطة العيش، فليس كل الناس يملكون نفس الإمكانيات، فقد قيل: على قدر رجليك مد لحافك، ومجاراة الناس في المظاهر والشكليات لا تجلب الراحة والسعادة، وليس بالضرورة أن أكون مثل فلان وعلان.
وفي المنظور الديني والأخلاقي " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " والقناعة كنز لا يفتى ، والرضا من أسباب راحة البال ، ومهما حاولت أن تظهر بمظهر الباحث عن رضا الناس لن تسلم من نقدهم ولن تصل إلى رضاهم ، وليت الناس يتنافسون في الخلق والدين والحشمة والستر والعلم وتعلًم القرآن الكريم ، وليت الناس يتنافسون في خدمة مجتمعهم في الخدمة العامة بما يعود عليهم بالنفع ، ولو أدرك الناس مفاسد وخطر المقارنات في دينهم ودنياهم لعزفوا عنها ، وليت الناس يتنافسون في سن السن الحسنة ، ودرهم تنفقه في الخير خيرٌ من ألف درهم تنفقه في الرياء والسمعة ، ونحن جميعاً ندفع ضريبة اللهث المستمر وراء ثانويات لا تنتهي ، نسأل السلامة وحسن العاقبة ، والله المستعان .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة