طريق “المدورة السعودية”.. حوادث مميتة والحل مكانك قف

جدد سائقون يسلكون طريق “المدورة السعودية” الدولي بنحو يومي، شكواهم لتعثر وصولهم الى مقاصدهم، جراء خطورتها بعد تهاوي بنيتها التحتية، وعدم صلاحيتها، وانعدام ملاءمة بينتها وهندستها لحجم حركة السير الكبيرة عليها.
وبينوا في أحاديث منفصلة، انه وبرغم مرور نحو 70 عاما على تأسيسها، لكن عملية صيانتها ومتابعة تأهيلها، ظلت تراوح مكانها، وبدت كأنها عمليات ترقيعية، تجري بين فترات زمنية طويلة، مؤكدين ذلك، بما أصبح عليه حالها من ترد.
وأشاروا الى ان خطورتها، تتبلور في أكثر من جانب، أبرزها ضيقها وتردي بنيتها التي أضحت مهترئة لعدم صيانتها وتأهيلها، وتفاقم تشققاتها، وحفرها الكثيرة، بخاصة عند المنعطفات والانحدارات التي أضحت خطرا فعليا على عابريها من السائقين.
كما أنهم لفتوا الى افتقارها للوحات الإرشادية والشواخص المرورية، مشيرا في هذا الجانب الى أن غياب هذه العلامات، تسبب بوقوع كثير من الحوادث الأليمة التي راح ضحيتها مواطنون، الى جانب ما تؤدي به الى إتلاف للسيارات والشاحنات.
وفي هذا الوضع المتردي للطريق، بينوا أن الأحوال الجوية السيئة في تلك المنطقة، بخاصة عند حدوث العواصف الرملية والغبار، وهطول الأمطار، تضيف الى واقع الطريق المهملة، الكثير من المشاكل، اذ تتسبب هذه العوامل بحدوث انزلاقات في التربة وتجريف لأطرافها المهترئة اساسا والمتآكلة، بحيث باتت فاقدة لمعالمها.
وأجمعوا على ان هذه الطريق التي تشهد حركة سير كثيفة لعدم وجود بدائل لها، ولكونها جزءا من طريق دولي يربط الأردن بالسعودية، والوحيدة التي يسلكها آلاف الحجاج والمعتمرين والمغتربين في رحلتهم إلى الديار المقدسة، الى جانب عبور ناقلات وشاحنات الفوسفات وصهاريج الفوسفوريك القادمة من مناجم فوسفات الشيدية والمتجهة الى العقبة، ومركبات وحافلات العاملين في مجمع الشيدية، أصبحت تشكل هاجسا مقلقا لهم على نحو مستمر.
وما تزال قضية إعادة تأهيلها، تراوح مكانها، دون أن توليها الجهات المعنية أي اهتمام، وما يزال عابروها يأملون في أن يتحقق حلمهم بتنفيذ صيانة لها أو تأهيلها، بخاصة وأن الوعود التي زعم مطلقوها فيها بأنهم سيعيدون تأهيلها، لم يحدث منها أي شيء، ولم ينفذ أي منها على أرض الواقع، لتبقى مصدر قلق وخوف لهم، لما تشكله من خطورة على حياتهم.
ويشير اهال في محافظة معان الى أن طريق “المدورة السعودية” الدولي، تستنزف الى جانب ممتلكاتهم من المركبات والارواح، وقد سجلت عشرات الحوادث المميتة عليه، ما خلف مآسي وكوارث انسانية مؤلمة، في وقت يتحدث فيه مسؤولون بوزارة الاشغال العامة عند كل زياره للمحافظة، عن محاولات لتأمين تمويل، يساعد على إيجاد حل لواقع هذه الطريق التي لم تجد حلا لليوم.
ولا يكاد يمر أسبوع، إلا ويشهد حادثا مروريا، يؤدي الى إصابات في الارواح أو وقوع وفيات، ما أصبح يشكل كابوسا لعابريه، برغم محاولات وزارة الأشغال ترقيعه، لكن هذه الاعمال الترقيعية لا تقدم ولا تؤخر في طريق مضى عليه عدة عقود دون أن يحصل على صيانة شاملة أو إعادة بلورة تخطيطه بما يتناسب وواقع الحاجة الماسة اليه، ولحجم استخدامه الكبير.
وبحسب مصادر في دفاع مدني المحافظة، تسببت الطريق بوفاة 40 شخصا وإصابة 110 آخرين بجروح وكسور بين متوسطة وخطرة في الأعوام الثلاثة الأخيرة فقط، في وقت أشارت فيه مصادر طبية عاملة في مستشفى معان الحكومي، الى أن معظم الحوادث التي استقبلت في قسم الإسعاف والطوارئ في الفترة القليلة الماضية، وقعت على هذه الطريق، بخاصة في منطقة تقاطع الشيدية، وأن غالبية الحالات التي وصلت الى المستشفى كانت قاتلة، أو أن إصابات أصحابها حرجة.
وأشار السائق وليد ابو صالح، الى ان المواطن اصبح يفكر أكثر من مرة قبل ركوب سيارته بعبور هذه الطريق أو لا، فهي ما تزال على حالها، وعبورها يعتبر مغامرة غير محسوبة النتائج، فقد يداهم كل من يعبرها في أي لحظة بحادث، اذ أن سيرتها لدى السائقين وأهالي المحافظة، تقر بأنها طرق موت لما وقع عليها من حوادث أليمة في السنوات الماضية.
وبين أنها تسببت بالقضاء على حياة أسر من المملكة وخارجها، ما عرض الجهات المعنية بالمرور والسير والنقل الى انتقادات شديدة، لأنها لم تتخذ قرارا واضحا حتى اليوم بإنهاء هذه المجزرة، وما تتسبب به من مماطلات وتسويف لعملية اعادة تأهيلها.
ويرى عبدالله ابو هلالة، إنه ومنذ إنشاء الطريق قبل سبعة عقود، الا انه ما يزال دون تأهيل أو معالجة حقيقية، وهذا ضاعف خطورته التي يعرف بها كل المعنيين، لكن أحدا لم يقدم أي حل ينهي هذه المشكلة.
وقال محمود البزايعة، إن خطورة الطريق تزداد في الأجواء المناخية السيئة، اذ تسود منطقته العواصف الرملية والأغبرة، وغزارة الأمطار، ما يحدث انزلاقات في التربة وتجريف لأطراف الطريق المتآكلة، ويفقدها معالمها ويجعل مرتاديها معرضين في أي لحظة لخطر الحوادث القاتلة، إذا لم تتحرك الجهات الرسمية المعنية لاتخاذ خطوات سريعة لمعالجتها وإعادة تأهيلها للحد من حوادثها القاتلة.
وطالب سليمان الفناطسة، الجهات المعنية بإجراء حل سريع لهذه الطريق، حتى لا تخطف منا مزيدا من الارواح، وذلك بتوسعتها لتغدو بـ4 مسارب، وبساحات جانبية كمهارب للسائقين للتوقف خارج حدودها، أو عند حدوث حالات طارئة للحد من خطورته.
وكان وزير الأشغال المهندس يحيى الكسبي، أكد خلال زيارته التفقدية لهذه الطريق في العشرين من أيار (مايو) العام الماضي، أن الوزارة تبحث الآن وبكل الوسائل، عن تمويل لهذا المشروع الحيوي والمهم، بعد إعدادها المخططات الهندسية له، ليبدأ تنفيذه وإزالة الخطورة عنه، اذ يصنف بأنه الأخطر على مستوى المملكة، لارتفاع معدلات وفيات الحوادث عليه، مبينا أن الوزارة تسعى دوماً لتشجيع المانحين على دعم مثل هذه المشاريع لأهميتها.
وأشار الكسبي في حينه، إلى أن الوزارة حريصة على الاهتمام بالطريق لأهميته في الربط بين الأردن والسعودية، لذا يعتبر أولوية قصوى للوزارة، نظرا لما يعانيه من مشكلات، تدعو بإلحاح لإعادة تأهيله، ليصبح بـ4 مسارب وجزيرة وسطية.
من جهته، اشار مصدر رسمي بمديرية أشغال محافظة معان، الى أن الوزارة ما تزال تنتظر توافر المخصصات المالية، والحصول على الدعم، عن طريق المنح الخارجية لإعادة تأهيل الطريق، والذي يسبب عدم توافرها بإعاقة العمل فيه، بخاصة وأن كلفة تنفيذه تقدر بنحو 270 مليون دينار، في حين يتوقع بأن يوفر المشروع مئات من فرص العمل في شتى المجالات الإنشائية.
وأوضح المصدر، أن الوزارة ترصد له مخصصات مالية سنوية، تقدر بـ200 ألف دينار، ويشهد سنويا تنفيذ أعمال صيانة وتأهيل وتوسعة وإقامة الأكتاف على جانبيه، لأهميته كطريق دولي، يمثل أولوية ضمن اهتمامات الوزارة.
ولفت الى أهمية وحاجة الطريق لأن تكون بـ4 مسارب وباتجاهين وبمواصفات دولية عالية تناسب مكانته، اذ يشهد حركة سير كثيفة بخاصة في مواسم الحج والعمرة، بعد ارتفاع معدلات الوفيات جراء الحوادث عليه في السنوات القليلة الماضية.
حسين كريشان/ الغد
التعليقات مغلقة.