عجلون: “الزيتون” بلا ثمار بموسم غير مسبوق

=

عجلون- في موسم غير مسبوق من حيث التراجع بكميات الثمار المتوفرة على كروم الزيتون في محافظة عجلون، يؤكد مزارعون أنهم لا يجدون هذا الموسم ما يقطفونه في أغلب مناطق المحافظة، إلى حد أنهم قد لا يؤمنون احتياجاتهم من مادة الزيت “المونة” التي تحتاجها أسرهم أو لتخليل كميات أخرى.

وقالوا إن تراجع كميات الزيتون على الأشجار خاصتهم هذا الموسم كان لافتا، بحيث تجد مساحات شاسعة ومئات الأشجار لا تحمل شيئا من الثمار، ما جعلهم يتركونها ويلزمون بيوتهم لعدم جدوى قطافها.
ويقول المزارع محمد يوسف إن منطقة الشطورة بلواء كفرنجة تراجعت فيها كميات ثمار الزيتون بشكل لافت هذا الموسم، بحيث تجد مئات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون لا تنتج سوى بضع مئات من الثمار مقارنة بمئات الأطنان في الموسم الفائت، ما دفع أصحابها إلى تركها من دون قطاف أو الاكتفاء بجمع كميات قليلة استطاعوا جمعها لغايات التخليل.
ويقول جميل أبو وسام إن بعض المعاصر لم تعمل بعد لأنها لم تستقبل أي كميات من الزيتون المخصص للعصر حتى هذا الوقت، في حين كانت مليئة بأطنان الزيتون الموسم الفائت، مؤكدا أن كثيرا من المناطق والأشجار تخلو من الثمار بنسبة كبيرة، بحيث لن يتمكن أصحابها من توفير احتياجاتهم من مادة الزيت، في حين أشار إلى أن بعض المزارعين يفضلون ترك هذه الكميات القليلة على الأشجار لتتساقط لوحدها، تخوفا من إلحاق الأضرار بالأشجار والتسبب بتساقط أوراقها وتكسر أغصانها بفعل جني الثمار، ما يؤثر على إنتاج الموسم المقبل.
ويتوقع المزارع محمد الخطاطبة أن ينتهي موسم الزيتون الحالي سريعا لعدم توفر الكميات، متوقعا أن تغلق المعاصر أبوابها قبل نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، في حين كانت تمتد إلى نهاية شهر كانون الأول (يناير) في مواسم سابقة، مؤكدا أن هذا التراجع في كميات الثمار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الزيت والثمار المخصصة للتخليل لضعف الكميات المعروضة وارتفاع الطلب على مادة الزيت، خصوصا أن كثيرا من المواطنين من محافظات أخرى اعتادوا التسوق من الزيت العجلوني لجودته.
ارتفاع أسعار الزيت
ويرى المزارع حمزة العنانبة أن كميات إنتاج ثمار الزيتون ستنخفض أكثر بكثير مما أعلنت عنه مديرية زراعة المحافظة من تقديرات، مؤكدا أن أسعار الزيت بدأت بالارتفاع هذا الموسم بحيث يتراوح سعر الصفيحة بين 120 إلى 130 دينارا مقارنة بـ100 و110 العام الماضي، وكذلك ارتفاع أسعار الثمار المخصصة للكبيس لتتراوح بين 135 و150 قرشا للكيلو.
يشار إلى أن تقديرات مديرية زراعة المحافظة توقعت أن تبلغ كمية الإنتاج من ثمار الزيتون للعام الحالي نحو 32 ألف طن، موزعة على لواء قصبة عجلون بواقع 17 ألف طن، ولواء كفرنجة بواقع 15 ألف طن، بحيث يذهب منها نحو 28 ألف طن للعصر، و4 آلاف طن للكبيس، وذلك مقارنة بإنتاج 44 ألف طن في المحافظة الموسم الماضي.
ويجمع مزارعو الزيتون على أن موسم الزيتون يعد لهم من أهم المواسم نظرا لانتشار آلاف الأشجار في المحافظة، وهي توفر للأهالي احتياجاتهم من سلعة غذائية أساسية يسمونها “المونة”، ويبنون آمالا على الفائض منها لبيعها وسداد احتياجات أسرهم، مشيرين إلى أن المحافظة تتميز بأشجار الزيتون المعمرة “الرومي” التي تتفرد بجودة زيتها وثمارها، كما أن كثيرا من الأراضي الزراعية تم استصلاحها وزراعتها بأشجار الزيتون.
وطالبوا وزارة الزراعة بدعم مزارعي الزيتون من خلال حماية المنتج والحفاظ على سعر مناسب له، وعدم استيراد مادة الزيت خلال الموسم، وكذلك تشديد الرقابة من الجهات المعنية لمنع بعض التجار الجشعين من تسويق الزيت المغشوش والإساءة إلى سمعة زيت المحافظة ذي الجودة العالية.
ويقول عبدالمجيد الخطاطبة إن إنتاج ثمار الزيتون لهذا العام واضح أنه سينخفض بنسبة كبيرة، كما أن الثمار في أغلبها ضعيفة، وذلك لتراجع الموسم المطري الفائت، وبسبب موجات الحرارة التي شهدتها المحافظة خلال أشهر الصيف مع بدء نضوج الثمار، وقلة الحصص المائية المخصصة للأراضي المصنفة بالمروية، ما انعكس سلبا على كميات إنتاج الثمار والزيت.
وأكد أن مئات أشجار الزيتون خاصته تبدو هذا الموسم وكأنها من دون ثمار، إلا بعض الأشجار التي تعاني ثمارها من الضعف، لافتا إلى أن قطف ثمار الزيتون المبكر هذا العام سيساهم أيضا في انخفاض نسبة إنتاج الزيت، بينما أوضح أن الوقت الأنسب للقطاف هذا الموسم ينبغي تأخيره حتى نهاية الشهر الحالي، بحيث تكون ثمار الزيتون قد ظهرت عليها علامات النضوج بشكل جيد، وبذلك تزيد كمية الزيت المستخرج.
ويؤكد المهندس الزراعي سامي فريحات أن أشجار الزيتون البعلية تأثرت كثيرا هذا الموسم بسبب تراجع المعدلات المطرية إلى أقل من النصف، كما أن الأشجار المروية تأثرت هي الأخرى بسبب تراجع الحصص المائية جراء جفاف العيون والأودية وعدم تمكن أصحابها من ريها أثناء أشهر الصيف، داعيا المزارعين إلى ضرورة تأخير قطف ثمار الزيتون إلى حين ظهور علامات النضوج الكاملة، ومبينا أنه كلما تأخر القطف زاد إنتاج الزيت.
الجفاف والآفات الزراعية
وبين أن شجرة الزيتون أصبحت تعاني من تراجع الإنتاج لأسباب أخرى تتعلق بالآفات الزراعية والأمراض واليباس في الأغصان والجفاف نتيجة قلة الأمطار، والانعكاسات السلبية للانحباس الحراري والتغيرات المناخية على إنتاج الزيتون، داعيا الجهات المعنية إلى إعطاء هذه الشجرة أهمية خاصة من خلال تكثيف عمليات الإرشاد الزراعي للتعرف على ما تتعرض له الشجرة لأنها تحتاج إلى عناية كبيرة، وزيادة مخصصات مشاريع الحصاد المائي كالآبار والبرك لاستغلالها في ري الأشجار من خلال المشاريع التي تمنحها وزارة الزراعة.
يذكر أن مساحة الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون في المحافظة تقدر بنحو 87 ألف دونم، منها 63 ألف دونم في لواء القصبة و24 ألف دونم في لواء كفرنجة.
من جهته، قال مدير زراعة محافظة عجلون المهندس رامي العدوان إن اللجنة المشكلة برئاسة مديرية الزراعة للكشف على معاصر الزيتون في المحافظة وعددها 15 معصرة انتهت من عملها، وتم الكشف على معاصر الزيتون من خلال لجنة متخصصة برئاسة محافظ عجلون وعضوية كل من مديرية الزراعة ووزارة الصحة والسلامة العامة والإدارة الملكية لحماية البيئة والغذاء والدواء، وذلك للتأكد من جاهزيتها والتزامها بمعايير السلامة والجودة اللازمة، لافتا إلى أن الكشف الميداني شمل التحقق من استيفاء المعاصر لشروط الترخيص.
الكشف على المعاصر
وأضاف أن أهداف الكشف على المعاصر تأتي لضمان السلامة العامة، والتأكد من مطابقة المعاصر للاشتراطات الصحية والمهنية وتوفر بيئة عمل آمنة للعاملين وضمان جودة المنتج، ولحماية المستهلك وضمان حصول المزارعين والمستهلكين على زيت الزيتون.
وأشار العدوان إلى أنه يتوقع إنتاج نحو 28,820 طنا من ثمار الزيتون، منها 15,600 طن من لواء كفرنجة التابع لمحافظة عجلون، ومن المتوقع إنتاج 6,720 طنا من زيت الزيتون، منها 3,408 أطنان من لواء كفرنجة، مبينا أن المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في محافظة عجلون تقدر بـ87,000 دونم، منها 24,000 دونم في لواء كفرنجة.
وأكد أن المديرية وفريقا من البيئة والصحة والإدارة الملكية لحماية البيئة ستواصل جولاتها التفتيشية على معاصر الزيتون في المحافظة، وذلك بهدف الاطلاع على واقعها واستعدادها للموسم من حيث صيانة وتنظيف الماكينات والساحات الخارجية ومدى توفر حفر الزيبار الصماء بهدف الحفاظ على البيئة والسلامة العامة.
وأشار العدوان إلى أهم العمليات الضرورية لتحسين إنتاج شجرة الزيتون مثل مواعيد القطاف والتقليم وإضافة السماد الطبيعي وحراثة الأرض، وضرورة استخدام الطرق الجيدة والأساليب التقنية الحديثة في عمليات القطاف والعصر للمحافظة على جودة الزيتون وزيت الزيتون، لافتا إلى وجود عدة طرق لتجديد أشجار الزيتون عبر عمليات التقليم والتطعيم على الجذور والجذوع، وتجري هذه العمليات للأشجار الهرمة والمصابة بالآفات.
وأكد أن ما فاقم المشكلة هذا العام هو انخفاض المعدل المطري لموسم الشتاء الماضي الذي لم يتعد 300 ملم، وجفاف الينابيع على الأودية التي أصبحت شبه جافة، بحيث باتت لا يمكنها أن تزود الأقنية المنتشرة عليها بالحصص المائية لري أشجارهم المروية، التي تزداد المشكلة فيها بسبب اعتيادها على فترات ري خلال أشهر الصيف.

عامر  خطاطبه/  الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة