عجلون بين الواقع والطموح: مركز صحي الشامل بحاجة إلى حماية لا تهجير // منيب القضاه

 

 

في محافظة عجلون، هناك قلب نابض يخدم آلاف المرضى شهرياً: مركز صحي عجلون الشامل. أكثر من ٧٠٠٠ مراجع شهرياً، عشرات الخدمات التخصصية، أجهزة طبية حساسة، عيادات نفسية وطبية، وفريق طبي متفانٍ. هذا المركز ليس مجرد مبنى، بل شريان حياة لأهالي المحافظة من جميع القرى والبلدات.

ومع ذلك، ثارت مؤخرًا فكرة نقل المركز إلى مبنى مديرية الصحة الحالي، وهو اقتراح يبدو على الورق خطوة إدارية، لكنه عمليًا يحمل مخاطر جسيمة على الخدمات الصحية وعلى حياة المرضى.

الأجهزة الطبية: خطر على التشغيل والسلامة

المركز يضم أجهزة طبية كبيرة وحساسة مثل جهاز الأشعة، كراسي الأسنان، مختبرات الدم. هذه الأجهزة لا يمكن تشغيلها إلا ضمن تجهيزات كهربائية خاصة، مساحات محددة، وأنظمة تهوية دقيقة. المبنى المقترح يفتقر لجميع هذه المعايير الأساسية، ما يعني احتمال تعطل الأجهزة أو تلفها، وبالتالي تعطيل الخدمات الحيوية للمرضى.

العيادات التخصصية: خصوصية وراحة المرضى على المحك

يحتوي المركز على عيادات مثل العيادة النفسية، وعيادات الأمومة والأمراض المزمنة، التي تحتاج إلى خصوصية عالية، عزل صوتي، وبيئة مناسبة تضمن راحة المرضى وسرية المعلومات. المبنى الإداري الحالي غير مجهز لهذه المتطلبات، مما سيؤثر مباشرة على جودة الرعاية وسلامة المرضى النفسية والجسدية.

قسم الحركة واللوجستيات: أزمة المواقف

المركز يعتمد على أسطول سيارات حكومية لنقل المرضى والكوادر الطبية، بالإضافة إلى وجود المراجعين الذين يصلون يومياً بمركباتهم الخاصة. هذا يتطلب:

مواقف آمنة ومجهزة للسيارات الحكومية والمراجعين.

مرافق صيانة وتزويد بالوقود للسيارات الرسمية.

المشكلة أن الشارع المحيط بمبنى المديرية مزدحم بسيارات المواطنين والسياح من داخل الأردن وخارجه، ولا توجد أي مساحات كافية لمواقف آمنة. هذا يعني أن نقل المركز سيؤدي إلى ازدحام إضافي، تعطيل حركة المرور، وصعوبة وصول المرضى والخدمات الطبية في الوقت المناسب.

المرافق والبنية التحتية: سلامة وراحة المرضى

خدمات المركز الصحية تتطلب مرافق داعمة مثل الوصول لذوي الاحتياجات الخاصة، أنظمة صرف صحي مناسبة، مرافق صحية للموظفين والمرضى. المبنى المقترح يفتقر إلى هذه المتطلبات الأساسية، ما سيزيد من صعوبة استقبال المرضى وإدارة الخدمات اليومية بكفاءة.

الأثر على المجتمع: لا مجال للتجربة

مركز صحي عجلون الشامل ليس مخصصًا لأهل المدينة فقط، بل هو شريان رئيسي للمحافظة كلها. أي قرار بنقله إلى مكان غير ملائم سيؤدي إلى:

زيادة فترات الانتظار للمراجعين.

إرهاق الأهالي بالتنقل إلى مراكز بعيدة.

تحميل المراكز الأخرى فوق طاقتها المحدودة.

انخفاض جودة الخدمات الطبية المقدمة، وهو ما يتعارض مع حقوق المواطنين الأساسية في الصحة.

البدائل العملية: حلول واقعية

الحل ليس في النقل، بل في البحث عن موقع بديل مناسب مؤقت أو تجهيز مبانٍ حكومية غير مستخدمة، أو إنشاء مبنى جاهز (Prefab) يستوعب الخدمات الأساسية، إلى أن يتم بناء مركز صحي دائم يواكب احتياجات المحافظة المستقبلية.

الخلاصة: الحق أولاً

أهالي عجلون يستحقون خدمات صحية حديثة وكاملة تليق بهم. مركز صحي الشامل ليس ترفًا، بل ضرورة حياتية. نقل المركز إلى مبنى غير مجهز، وسط شارع مزدحم بالسيارات والمراجعين، هو قرار خاطئ، يعرض حياة المرضى للخطر، ويضعف النظام الصحي في المحافظة. الحل العملي هو حماية المركز، وتأمين بديل مؤقت مناسب، مع التخطيط طويل المدى لإنشاء مبنى دائم يلبي كل الاحتياجات.

المسؤولون أمام مسؤولية واضحة: حماية صحة المواطن ليست خيارًا، بل واجب، وكل تأخير أو تجاهل يعني تحميل المرضى أثقل من طاقتهم. مركز صحي عجلون الشامل لا يحتمل التجربة، ويجب أن يكون مركزاً متكاملاً يليق بمحافظة عجلون وأهاليها.

 

منيب القضاه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة