عجلون.. قصص نجاح في ترشيد المياه واستخدام القطع الموفرة

فيما يعد الأردن واحدا من أفقر أربع دول في العالم مائياً، وتبلغ فيه حصة الفرد السنوية من المياه أقل من 150 مترا مكعبا، علماً أن خط الفقر المائي المطلق للفرد هو 500 متر مكعب سنوياً بحسب وزارة المياه والري.. ما زال سكان في عجلون يشكون من تأخر وصول المياه لمنازلهم لمدة تزيد على أسبوعين أحيانا.

ويؤكد يزيد بني إسماعيل، الانقطاع التام للمياه لمدة 4 أشهر، في منطقة صنعار (حي بير الدالية) حيث جرى ضخ المياه لمنازل السكان في الحي نهاية الشهر الرابع وبقدرة «معدومة وضئيلة».

في حين لفت عبدالرحمن القضاة من منطقة عين جنة (حي الكترة) إلى تأخر وصول المياه للمنازل لمدة تتراوح أحيانا الـ 21 يوما، بينما يشير محمد الشايب إلى انخفاض قدرة المياه من الوصول لمنازلهم بشكل كبير ما يشكل عبئا كبيرا عليهم في محاولة تلبية الاحتياجات الأساسية لهم من المياه وبالتالي عدم توافرها لحين وصولها مرة أخرى للمنازل.

ورغم هذه الشكاوى، يؤكد مدير إدارة مياه عجلون المهندس سالم شلول، أن ادوار توزيع المياه منتظمة لمناطق عجلون، وبحسب الدور المعلن عنه خلال 14 يوما، وهو المتعارف عليه منذ سنوات حيث يزود الخط الناقل للمياه محافظتي عجلون وجرش بالتناوب أسبوعياً.

حلول مجدية

في موازاة ذلك، يؤكد مدير تطوير الأعمال لشركة الأمان المهندس أنس العلاونة، وفي إطار عرضه لبعض الحلول ذات الصلة بتغيير سلوكات الناس للمساهمة في إدارة الطلب على المياه، أن قطع توفير المياه توفر نسبة مياه ما لا يقل عن 30% وحتى 70% بشكل عام، مبينا أن مستخدمي هذه القطع التوفيرية «يلمسون أثرا ماديا من خلال تقليل نسبة فاقد المياه وبالتالي تقليل قيمة الفاتورة والشعور بالراحة أي زيادة الوقت المتاح للمياه من خلال توفيرها لفترة أطول من المعتاد.

ولفت إلى وجود وعي من قبل المجتمع في مسألة شح المياه في الأردن، لكن الناس لا يحاولون المساهمة في توفير المياه، حيث لا تتوافر رغبة لدى المواطنين في اقتناء هذه القطع نظراً لانخفاض سعر المياه، وعدم وجود توجيه حكومي مجبر لاقتناء هذه القطع التوفيرية بالإضافة إلى انخفاض مستوى المنافسة بين الشركات المصنعة لهذه القطع وعدم اعفائها من الجمارك والضريبة أو تخفيضهما.

وتابع العلاونة، أن المؤسسة المصنعة لهذه القطع وكقطاع خاص تعاني من تحديات عدة أبرزها قلة الطلب على هذه القطع وانقطاع الدعم الحكومي سواء بالتوعية أو بتخفيض الضرائب.

وأضاف انه لتصبح عادة تركيب القطع التوفيرية للمياه ثقافة للمجتمع، نحتاج إلى وقت طويل نسبياً وتكاتف الجهود الحكومية للتوعية بأهمية هذه القطع بالإضافة إلى توسيع دائرة المنافسة لتحفيز التجار لشراء هذه القطع وبيعها.

قصص نجاح

ورغم تدني الوعي بالحلول الابتكارية التي تعتمد على الانسان، إلا أن المجتمع في عجلون يقدم قصص نجاح في هذا الاطار، ومنها ما فعلته سمية المومني التي أسست جمعية سيدات أم اللولو والتي تهدف لحل قضايا عدة من أهمها قضايا نقص المياه وحفر الآبار، عن طريق توفير قروض ميسرة (دون فوائد) للمواطنين والتي تتراوح ما بين 1000-2500 دينار، بالاعتماد على حجم البئر والمواصفات الخاصة به، فعملت الجمعية على مساعدة المواطنين على عملية التصنيع الزراعي وحفر الآبار لحل تأخر وصول المياه لمنازل المواطنين، فضلا عن الاستفادة من عملية الحصاد المائي المنزلي، فكانت الحصة الكبرى من الاستفادة للمواطنين الذين لا تصلهم المياه للمنازل بسبب البعد المكاني عن المناطق المأهولة للسكان ومراكز توزيع الخدمات، فكان الاعتماد بشكل أساس على مياه البئر في حين تم ترميم الآبار المتصدعة والقديمة للاستفادة منها في منازل المواطنين.

وقالت المومني إن الجمعية تعمل -أيضا- على تزويد المواطنين بقطع توفير المياه كعينة مجانية تجريبية أولية والتوعية بأهمية استخدام هذه القطع ودورها الكبير في تقليل الفاقد من المياه.

ولفتت الى انه ومنذ تأسيس الجمعية حتى وقتنا الحالي تم إنشاء 25 بئر ماء في منازل المواطنين وتوزيع 70 قطعة توفير للمياه بالإضافة إلى ترميم 20 خزانا مائيا.

ويشير قاسم المومني، من منطقة صخرة، إلى استفادته من قبل الجمعية بحفر بئر بسعة 70 مترا مكعبا لتجميع مياه الأمطار بالإضافة إلى استصلاح بئر قديم ومتهالك يتسع لـ 40 – 50 مترا مكعبا من المياه حيث يعتمد وعائلته اعتمادا كليا على مياه الأمطار نظراً للبعد عن مركز البلدة، وأيضاً قام بتركيب القطع الموفرة للمياه في المنزل، مؤكدا أن هذه الخطوة قللت العبء الاقتصادي المترتب جرّاء شراء صهاريج المياه بشكل دوري قبيل إنشاء البئر والذي يقدر بمبلغ 45 دينارا شهرياً وعلى فترة 6 أشهر بعد انتهاء فصل الربيع.

وتابع أنه قام بتركيب فلتر يقوم بإعادة تدوير المياه الرمادية الناتجة عن النشاط المنزلي كغسل الملابس والاستحمام، حيث يتم استصلاحها وتنقيتها بحيث تصبح أنقى لتستخدم في ري الأشجار في حديقة المنزل.

أما فاضل المومني، من سكان بلدة صخرة، فأشار إلى استفادته الكبيرة من جمعية سيدات ام اللولو، حيث تصل المياه لمنزله ولكن بقوة ضخ خفيفة بسبب ارتفاع المنطقة التي يقطن بها، حيث يتواجد بئر ماء ولكن لا تكفي حاجيات الأسرة الأساسية من المياه، فكان لا بد من إنشاء بئر ماء إضافية بسعة 60 – 65 مترا مكعبا.

يقول المومني إن شراء صهاريج المياه شكل عبئاً اقتصادياً على العائلة بمقدار 40 دينارا كل شهرين قبل حفر بئر الماء الإضافية، مشيدا بإيجابيات حفر بئر الماء لتحل له الأزمة المائية خاصة في فصل الصيف.

حلول إستراتيجية

من جهتها، تؤكد الدكتورة منى هندية، الخبيرة في قضايا المياه والبيئة، أن تغير المناخ وشح المياه وازدياد النمو السكاني والتغيرات الديموغرافية والتوسع الحضري شكلت تحديات أمام التزويد المائي، اذ يؤكد الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة (2030) ضرورة ’’ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع‘‘.

وتشتمل مقاصد هذا الهدف على جميع جوانب النظم الصحية واستخدامات المياه، بحسب الدكتورة هندية، وأهم المعالم التي أحرزت هو إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بحق الإنسان في الحصول على: كفايته من المياه للاستخدام الشخصي والمنزلي (ما بين 50 و100 لتر لكل فرد يوميا)، وتكاليف المياه والصرف الصحي في المتناول ماديا على أن تكون تلك المياه مأمونة وبأثمان معقولة (لا ينبغي أن تزيد كلفة المياه على 3% من مجمل الدخل الأسري)، وأن تكون متاحة مكانا (ألا تبعد أكثر من 1000 متر من المنزل)، وزمانا (ألا يستغرق الحصول عليها أكثر من 30 دقيقة).

وفي ضوء زيادة الطلب على المياه، تم التفكير من قبل الحكومة والتوصل الى حلول ومشاريع استراتيجية، تأخذ بالاعتبار الحاجة للتحول المستقبلي للتحديات المائية، وزيادة الاعتماد على المصادر المائية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة المتوازنة التي تلبي الحاجات الحالية دون المساس بحقوق واحتياجات الأجيال المقبلة، ومنها الان مشروع تحلية مياه البحر الأحمر والذي سيوفر 250 مليون متر مكعب في السنة، ومشروع محطة معالجة سد الوالة، وبناء السدود (سد وادي رحمة) ومشاريع الحصاد المائي وتحلية المياه المالحة (الأزرق ومشروع شرق العاقب)، ومشروع حفر آبار جديدة في خان الزبيب؛ واستخدام الطاقة المتجددة، واستخدام العدادات الذكية لتقليص الفاقد من المياه في الشبكات، وتعزيز مفهوم دبلوماسية المياه والعمل لاستمرار التعاون الإقليمي مع سوريا والسعودية، وتوسيعه باتجاه شمول دول المشرق العربي؛ وأيضا هنالك حلول عديدة قدمت سابقا منها التزود بالمياه من تركيا.

أما بالنسبة الى الحلول على المدى القريب الواجب اتباعها ومنها جر مياه الديسي الى محافظات الشمال، وتنقية مياه الابار الجوفية المغلقة المتواجدة في الشمال، والإسراع بإنشاء السدود على جانبي الأودية وكذلك عمل الحفائر الترابية بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على حصاد مياه الأمطار لجمع أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار التي ستعمل على زيادة المخزون المائي والحفاظ على المياه الجوفية من الاستنزاف.

الفيراء العباسي/ الدستور 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة