“عمان للكتاب” يجمع الكبار والصغار.. ثقافة وقراءة وترفيه

“كانت تجربة استثنائية أن أكون في مكان مليء بهذا الكم من الكتب.. السنة الجاي رح أحوش مبلغا أكبر لأشتري كتبا أكثر”، هذا ما قالته جود (22 عاما) بعد حضورها لأول مرة المعرض الدولي للكتاب بصحبة أختها الكبرى، حيث قامت جود بادخار مبلغ من المال اقتطعته من مصروفها الخاص قبل مدة من بدء المعرض، خصصته لشراء كتاب من هناك.

وبعد تصفحها لعدد من القصص والكتب التفاعلية والتعلمية وقع اختيارها على قصة بعنوان “رحلة إلى عالم الفضاء” اختارتها لأنها تحب العلوم.

قراء يحملون في جعبتهم قائمة الكتب التي يرغبون في شرائها وآخرون يغوصون بينها لينتقوا النفيس منها والمميز، وآباء يصطحبون أبناءهم وأطفالهم في رحلة ثقافية تبقي القراءة عالقة في أذهانهم في رائحة الكتب وملمسها، وأصدقاء يتصفحون الأوراق تارة وتارة أخرى يتبادلون أطراف الحديث حول الكتب أو ربما يتبادلون الآراء مع غيرهم من الشخصيات المحلية والعربية ليتعرفوا على ثقافاتهم عن كثب.
هي مشاهد طغت على ساحات المعرض الدولي للكتاب وأروقته، التي جمعت القراء كبارا وصغارا على حب المعرفة وشغف القراءة، مؤكدة بلسان حالها أن عالم القراءة والكتب ما يزال بخير.
قدّم عمان الدولي للكتاب في نسخته الـ 22 عددا من الفعاليات الثقافية والترفيهية، بمشاركة عربية ومحلية من عدد من دور النشر التي بلغت نحو 400 دار من 20 دولة، تنوعت في حقول الأدب والفن والثقافة ومختلف العلوم، وبدأ المعرض في 21/9/2023 ويستمر حتى 30/9/2023.
لدى سؤال “الغد” عددا من القراء، عبرت صفاء (24 عاما) عن بهجتها في الذهاب للمعرض الذي تنتظره كل عام ولم تفوت الذهاب إليه منذ سنوات، حيث تخصص ميزانية محددة لشراء الكتب منه وتختارها وفق ترشيحات القراء ودور النشر.
أما يوسف (45 عاما) فيقول إنه يوجه عملية الشراء بشكل واع من خلال تحديد قائمة خاصة به لدور النشر التي سيزورها في المعرض ليختار منها كتبا قيمة المحتوى، والتي لن يجدها سوى في المعرض لعدم وجود دار نشر لها في الأردن، أو الدور التي تشارك إصداراتها لأول مرة في المعرض.
وأبدى عدد من الرواد رضاهم عن الأسعار بالمقارنة مع العام الماضي، حيث قدمت العديد من الدور خصومات تشجيعية على بعض الكتب وعرضوها ضمن لافتات تحمل عنوان “خصومات” أو “أسعار منخفضة” لتشجيع الزائرين على الاطلاع على الكتب المعروضة وشرائها. فيما اشتكى البعض الآخر من ارتفاع الأسعار والتي تراوحت ما بين (7 – 12 دينارا).
إقبال كبير غابت عنه المحافظات والجامعات، وجمهور واسع كان أغلبه من العاصمة عمان، هذا ما لاحظه سامر أمين، مشرف جناح دار أزمنة للنشر، ومدير عام مؤسسة مكتبجي الثقافية، إذ حال عدم وجود شبكة تنظيمية قوية وغياب التعاون المشترك ما بين النقل والثقافة في وصول القراء
من المحافظات للمعرض.
ويرى أن الحضور كان مقتصرا على من يمتلكون وسيلة نقل أو من لديهم رغبة في حضور المعرض ولديهم إمكانية مادية جيدة. فضلا عن موعد المعرض والذي جاء قبل صرف رواتب معظم القطاعات بحوالي أسبوع، ما أثر على كثافة الحضور والقوة الشرائية التي تتزامن مع “الراتب”، ونسبة المبيعات التي تراوحت في دور النشر ما بين المقبول والجيد والضعيف.
في حين أن التكلفة العالية للمعرض من أجور ونقل وشحن لا سيما بالنسبة لدور النشر المشاركة من دول أخرى، يتطلب نسبا محددة من الربح لتغطيتها.
وبحسب أمين، حظيت الكتب الدينية والأدبية وكتب الأطفال في النسبة الأعلى من الطلب والبيع، إلى جانب النمط الجديد من كتب المشاهير الخاضع لثقافة “الترند” والشهرة والتسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
انطلاقا من هذا التوجه نظمت المؤسسة الشبابية مكتبجي رحلة ثقافية لقراء محافظات الأردن للسنة السابعة على التوالي، وشملت عدة محافظات من المملكة ومنها إربد، الزرقاء، المفرق، عمان والسلط. وتضمنت الرحلة التنسيق مع عدد من دور النشر في تقديم خصومات وصلت لغاية 50 % للقراء، وتقديم نصائح لهم في اختيار الكتب وترشيح عناوين مهمة وبأسعار جيدة خلال جولة جماعية لهم في المعرض.
إضافة إلى التنسيق مع محاضرين للمشاركة في البرنامج الثقافي للمعرض، وفي النسخة الحالية قدم رائد عيد، الباحث والمفكر السعودي محاضرة بعنوان “ماذا بعد القراءة” بالتعاون مع مؤسسة مكتبجي.
وفي الختام يؤكد، “تبقى المعارض الدولية وجها للدولة يعكس ثقافتها وجماليتها ومستوى اهتمامها بالقراءة والثقافة والفن وغيرها، وتحمل أهمية كبيرة في رفع مستوى القراءة والثقافة، فضلا عن تحريك عجلة اقتصادية ضخمة في الدولة وبعدة قطاعات مثل النقل أو الشحن والتنزيل والمطابخ الإنتاجية وغيرها من القطاعات والمشاريع المحلية ذات الصلة. وتتعدى كونها عملية شراء كتاب أو بيع كتب بل ساحة ثقافية تقدم للقارئين فرصا للقاء بالكتّاب والمترجمين والمفكرين وأصحاب العقول والمبدعين”.
فعاليات عديدة حضرتها سوسن وأطفالها داخل ساحات المعرض، ولقاءات عدة جمعتها بأشخاص تتابعهم، وبكتّاب تحبهم، مثل الشاعر اللبناني زاهي وهبي والكاتب الأردني جلال برجس، جعلت من رحلتها داخل المعرض تجربة ثرية لا تنسى.
وظهر في المعرض الحالي اهتمام لافت في كتب الأطفال، وتنوعت بين العربية والمترجمة والكتب التعليمية والتفاعلية والقصص. وفي السياق، يقول مؤنس الحطاب، مؤسس دار ألف باء تاء للنشر، “اليوم في معرض عمان الدولي هناك عدد كبير من المشاركين، وعدد كبير من الجهات والدور أيضا التي خصصت زاوية للأطفال لديها من خارج الأردن ومن داخلها، ولكن نسبة الإقبال على المعرض هذا العام أقل منها في المعارض السابقة، حيث كان الوصول للمعرض في نسخته الماضية في مكة مول أسهل للقارئ تحديدا في ظل أزمات السير وارتفاع أجور المواصلات والنقل”.
ويضيف، “واجهنا أيضا تحدي الاعتقاد السائد بأن كتاب الطفل يجب أن يكون رخيص الثمن أو مجانيا، وهذا خلق فجوة بين كلف الإنتاج والجودة والمضمون والبيع، في حين أن كتب الأطفال هي الأعلى في التكاليف، فالأطفال في طبيعة الحال لا يجذبهم الكتاب إلا إذا كان متميزا جدا في مضمونه ورسوماته وإخراجه وألوانه”.
ويؤكد حطاب، أن دور النشر الأردنية المتخصصة في محتوى الأطفال منافسة جدا والأفضل بالمقارنة مع العديد من نظيراتها من حيث جودة الطباعة والرسم وحتى محتوى الكتاب. ولكن عند الحديث عن الدور الحقيقي في غرس قيمة القراءة والنهوض في أدب الأطفال فنحن بحاجة إلى دعم من وزارة الثقافة. أما فيما يخص الاسعار كان هناك التزام في نسبة 20% من الخصم كما حددها اتحاد الناشرين.

علا أبو الخير/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة