عندما يأتي نداء الأم/ مصطفى الشبول

=

أجمل ما قيل في بر الوالدين هي القصة التي كتبتها زوجة الداعية الدكتور محمد النابلسي ، حيث تقول : عندما تقدم لخطبتي كان شرطه الوحيد للزواج هو الاعتناء بوالدته المريضة حيث أنها طريحة الفراش منذ عشرة أعوام بعد تعرضها لحادث سير ، وأنه لم يبقى له سواها من الحياة بعد وفاة والده ، واخبرني بأنني لست مكلفة برعايتها لكن من باب إنسانيتك فقط … وبعد التفكير والمشاورة وبعد رأي والدي الذي قال : ( أنصحك بالموافقة ، فمثل هذا الشخص الحريص على والدته فلن يُضيعك معه ولن يظلمك حقك ،إن أحبك أكرمك ، وإن كرهك لن يظلمك) تمت الموافقة ، وبعد الزواج رأيت العجب العجاب من هذا الشاب في بر والدته وكان يعمل كل شيء بيده ، وكان يلاعبها ويداعبها كطفلة ويحضر لها الهدايا ، فو الله لم أرى بحياتي احد بار بأمه مثله ، حتى أنني لما رزقني الله بطفل ذهبت به إلى أم زوجتي وقلت لها : أريده مثل ابنك ، فقالت : هذا رزق من الله فادعي الله أن يربيه لك .ومن باب الأمانة ولأخذ العبرة لمن كان أبوه وأمه عنده أقول : قبل أيام ذهبت أحدى السيدات لإكمال إجراءات تسجيل ابنها في الصف الأول في إحدى المدارس الحكومية ، حيث استقبلتها مديرة المدرسة التي صدر قرار نقلها إلى مدرسة أخرى بعد خدمة خمس سنوات في هذه المدرسة المتميزة بكل شيء ، ومن باب الفضول قامت أم الطالب بسؤال المديرة عن سبب النقل رغم أن المدرسة الجديدة تقع في غير قريتها وتختلف كثيراً عن المدرسة السابقة من كافة النواحي الفنية والتكنولوجية وحتى القرب من بيتها … فقالت المديرة : أن لها والدة تعيش بالقرب من المدرسة الجديدة وقد أصبحت الوالدة بحاجة ماسة لمن يعولها ويرعاها بعد أن تعرضت الأم لعارض مرضي ، وأنها (المديرة) هي وأخت أخرى الأقرب لأمها من حيث السكن لأن معظم أبنائها وبناتها يعملون ويسكنون في مناطق بعيدة ، وتنهي حديثها بقول : عندما يأتي نداء الأم ينتهي كل شيء وتنتهي كل النداءات حتى لو كانت تحمل الميزات والحوافز والترقيات…فالرياح قدر من الله ، وتوجيه الشراع من عمل يديك ، وسيبقى حُسن صُنعك حين تُفنى .. ويُدفن حُسن وجهك في الرمال …

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة